رأي وحوار

أجهزة الاستشعار وإنترنت الأشياء والحاجة إلى إعادة النظر في البيانات

بات مفهوم إنترنت الأشياء أمراً مهماً على نحو متزايد مع ظهور مفهوم المجتمع المتصل جداً، وذلك وفقاً لبحث قامت به “Machina Research”، حيث ستصل قيمة سوق إنترنت الأشياء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 7.41 مليار دولار بحلول عام 2019، ارتفاعاً من 2.87 مليار في عام 2015.

وتنتج نسبة ثلاثين بالمائة منه من خلال سوق إنترنت الأشياء في المملكة العربية السعودية، والذي ستبلغ قيمته 2.19 مليار دولار في عام 2019.

وتعتبر قطاعات إنترنت الأشياء المهيمنة في المملكة العربية السعودية هي السيارة المتصلة، والمباني المتصل، والصناعة المتصلة، والتي تمثل ما نبسبته 98 في المئة من إيرادات إنترنت الأشياء في المملكة العربية السعودية، وذلك في الأعوام الخمسة المقبلة.

وتعمل إنترنت الأشياء وفقاً لقاعدة من أجهزة الاستشعار ذات النطاق الواسع، وقد يكون صادماً للكثيرين أن العديد من أجهزة الاستشعار، وعلى الرغم مما هو مزعوم بشأنها، بأنها خالية من العيوب، فقد لا تكون دائماً دقيقة بشكل كامل، وذلك لأنها خالية تماماً من التدخل البشري.

ويمكن ضرب مثال على ذلك، حيث أظهر جهاز مراقبة معدل ضربات القلب، خلال التمرين الذي أقوم به على جهاز المشي ومدته 30 دقيقة، أن معدل ضربات قلبي كان 70 نبضة في الدقيقة، وظل بنفس هذا المعدل بالضبط لعدة دقائق، وبناءً على هذا الأمر، إما أن أكون بطلًا خارقاً، أو أن جهاز الاستشعار كان على خطأ، وللأسف فقد ثبت أن الأمر الثاني كان صحيحاً.

ويوجد أمثلة أخرى توضح لك أوجهه القصور في أجهزة الاستشعار الحديثة، مثل حالات أجهزة الاستشعار الموجودة في حقول النفط الواقعة في الصحاري، حيث يبدأ أداء تلك الأجهزة بالتراجع بسبب درجات الحرارة المرتفعة والمناخ القاسي، ولا يمكن تبديل أجهزة الاستشعار المثبتة تحت الأرض بسهولة، لأن تكلفة توقف الإنتاج نتيجة تعطل اجهزة الإستشعار والوقت الذي بذل لتغيرها ليس قليلا ابداً.

ويعد جسم الإنسان نفسه مشبك للغاية، ويملك “أجهزة الاستشعار الخاصة به”، والتي يمكن أن تضللنا أيضاً، هل شعرت يوماً بأنك على وشك الوقوع بينما لا تزال واقفاً في الواقع ؟ أو شعرت بالدوار عند نهوضك بسرعة كبيرة ؟.

يمكنك أن تقوم بالتعويض عن البيانات الخاطئة الناتجة عن جهاز الإستشعار عن طريق تأكيد من البيانات المشتبه بها مع بيانات من أجهزة استشعار أخرى، كما يمكن أن نقوم بالتعويض عن أحد أجهزة الاستشعار المعطلة في حقل النفط عن طريق إنشاء شبكة عصبية مبنية على قراءات من عدة أجهزة استشعار قريبة، بحيث يساعد هذا على الإستغناء عن البينات الناتجة عن جهاز الإستشعار في حال تعطله.

وقد أصبحت العديد من القطاعات والمؤسسات الآن معتمدة بشكل متزايد على البيانات، فمن الضروري أن تتم إدارة بيانات أجهزة الاستشعار، كما اننا بحاجة إلى الاستغناء عن فكرة أن الآلات لا يمكن أن تخطئ، وذلك ببساطة لأن القيود البشرية لا تنطبق على هذه الأجهزة.

ولا يمكنك افتراض أن البيانات الصادرة آلياً دقيقة وكاملة وثابتة فقط لانها قد انتجت عبر آلة، حتى لو لم يكن هناك “معلومات دقيقة” بشكل صريح فإن المعلومات غير الكاملة هي أيضاً أمر يدعو للقلق.

أما النقطة الثانية التي يجب أن تعرفها عن أجهزة الاستشعار هو أنها قد لا تعطينا الحقيقة الكاملة، حيث غالباً ما تكون أجهزة استشعار خلف وحدات المراقبة والتي تم تصميمها في كثير من الحالات لدعم المراقبة عن بعد والسيطرة على الجهاز كله وليس لتخزين وإعادة توجيه بيانات عالية التردد من أجهزة استشعار فردية.

وتكون وظيفة وحدات التحكم هذه في كثير من الأحيان هي فرز وتلخيص البيانات بشكل مستقل، حيث لا يكون هذا الأمر دائماً أمراً سيئاً أو مدعاة للقلق.

وتميل أجهزة الاستشعار لتكون كمستودعات لجميع أنواع المعلومات، ويمكن للبيانات التي نحصل عليها من أجهزة الاستشعار أن تكون زائدة ومتكررة بشكل كبير.

وقد لا يكون الأمر منطقياً أن نقوم بتخزين كميات ضخمة من البيانات، والتي تكون أساساً بمثابة جهاز يخبرنا بأن الوضع طبيعي ولا يوجد شيء يستحق تقديمه.

إلا ان ما قد يكون “ضجة” بالنسبة لأحد التطبيقات، قد يكون إشارة مهمة لواحد آخر، ولا بد من الاعتراف بهذه الحقيقة، وعلى أقل تقدير فإننا بحاجة لنفهم أين ومتى تم فرز وتلخيص بيانات أجهزة الاستشعار، ففي كثير من الحالات ينبغي علينا أن نتجنب بيانات أجهزة الاستشعار التي تم تلخيصها قبل الأوان عند القيام بجمعها.

بقلم مارتن ويلكوكس مدير مركز تميز البيانات الكبيرة في “تيراداتا” Teradata

زر الذهاب إلى الأعلى