دراسات وتقاريرمنوعات تقنيةنصائح تكنولوجية

كيف تحسّن الروبوتات كفاءة الخدمات العامة في الإمارات؟

تبرز الروبوتات في خضم التطور التكنولوجي المتسارع الذي نشهده حاليًا كقوة ثورية تُحدث تغييرات جذرية في قطاعات متعددة، مثل: التصنيع، والرعاية الصحية، والتعليم، والزراعة، والنقل، إذ تساعد الروبوتات في أتمتة المهام، وزيادة الإنتاجية، وتحسين جودة العمل، وخفض تكاليف الإنتاج.

وفي الآونة الأخيرة؛ تسارعت وتيرة دخول الروبوتات إلى مختلف مفاصل الحياة العامة في دولة الإمارات، التي فتحت الباب على مصراعيه أمام جميع الجهات الحكومية والشركات لاستخدام الروبوتات وتقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في العديد من المجالات، لتعزيز كفاءة الخدمات وتطوير الأعمال في القطاعات كافة.

وأصبحت رؤية الروبوتات في الأماكن العامة والهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة أمرًا مألوفًا في دولة الإمارات، حيث يتعامل المراجعون معها كموظف رسمي قادر على تلبية متطلباتهم وإنجاز معاملاتهم بسهولة وسرعة ودقة متناهية.

لذلك سنستعرض في هذا المقال أهم المجالات التي تُستخدم فيها الروبوتات في دولة الإمارات، وكيف تساعد في تحسين كفاءة الخدمات؟

روبوتات وزارة المالية:

نجحت وزارة المالية الإماراتية في توفير 39 ألف ساعة عمل بشري عبر تبنيها تقنيات التشغيل التلقائي للعمليات (RPA)، لإنجاز 1.8 مليون معاملة بدقة تزيد على 98%، مما أدى إلى تحسينات كبيرة في الإنتاجية والكفاءة، والمضي خطوة إضافية نحو التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار، وتعزيز السعي من خلال التحولات الريادية إلى أن تصبح الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها في عام 2071.

بدأت رحلة وزارة المالية باستخدام تقنية RPA في عملياتها في عام 2020، وقد نجحت الوزارة في عام 2022 في تطوير أكثر من 50 روبوتًا، مما أدى إلى توفير 12000 ساعة عمل في عام 2023 وحده. وقد شهد عام 2023 أيضًا أتمتة وزارة المالية الإماراتية لما يصل إلى 63 عملية أساسية وعملية فرعية، نتج عنها انخفاض بنسبة تبلغ 95 % في الأخطاء، وتحسين متوسط وقت المعالجة بنسبة قدرها 65%.

مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية:

أعلنت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية في نهاية شهر يناير الماضي تزويد المنشآت الصحية التابعة لها بروبوت متطور لسحب الدم لتكون المؤسسة الأولى إقليميًا في استخدام هذا الروبوت الذي تشير الدراسات إلى قدرته على توفير ما يصل إلى 80% من الوقت المتطلب من الطاقم الطبي، وما يصل إلى 50% من وقت انتظار المرضى لتقديم خدمة سحب الدم.

ويستخدم الروبوت تقنية الذكاء الاصطناعي والأشعة تحت الحمراء التي تضمن جودة عالية من الخدمة، وقد أكدت المؤسسة أن هذا الروبوت المبتكر حاصل على 56 براءة اختراع في مجالات تغطي جميع الأنظمة الداخلية والتقنيات المستخدمة.

جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي:

أطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في شهر أغسطس الماضي، قسمين جديدين يشملان برامج دراسات عليا في مجالي علم الروبوتات، وعلوم الحاسوب، وذلك لمواكبة ارتفاع طلب الخبرة في مجال الروبوتات بنحو كبير في السنوات القادمة.

إذ تشير التقديرات إلى زيادة الطلب العالمي لهذه التخصصات، ومن المتوقع أن يصل الطلب إلى 225 مليار دولار في مجال علم الروبوتات، و140 مليار دولار في مجال علوم الحاسوب بحلول عام 2030.

ويركز قسم الروبوتات في الجامعة على الأبحاث الأصلية التي تتسم بدقتها وتأثيرها الواسع، مع التركيز على تعلّم الروبوتات وخوارزميات عملها بدلًا من تطوير أجهزة روبوتات جديدة. كما تشمل الموضوعات التي يُعنى بها هذا القسم التعلّم العميق، ونظرية التحكم، والمعالجة الآلية، والحركة الرباعية، والتفاعل بين الإنسان والروبوت، والجراحة والرعاية الصحية بمساعدة الروبوت، والزراعة الدقيقة، ومراقبة البيئة، والبنية التحتية.

شركة UI Path:

شهدت دبي في شهر مارس 2023 افتتاح المقر الجديد والأول لشركة (يو.آي. باث) UI Path؛ في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي شركة متخصصة في أتمتة عمليات الروبوتات.

وقد افتتح هذا المقر الجديد معالي عمر سلطان العلماء؛ وهو وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، وأكد معاليه أن دولة الإمارات تمثل منصة رائدة تحتضن أبرز الشركات التقنية العالمية، ومركز جذب عالميًا يستقطب رواد التكنولوجيا والمبتكرين في المجالات الرقمية من مختلف دول العالم.

استخدامات متعددة للروبوتات في الإمارات:

كيف تحسّن الروبوتات كفاءة الخدمات العامة في الإمارات؟

تتعدد أدوار الروبوتات واستخداماتها في دولة الإمارات، إذ تعمل اليوم كمستشار توعوي، ومحاضر، ومذيع، وجراح وصيدلي، وموظف لخدمة العملاء، ومنقذ بحري، وغيرها الكثير من التخصصات.

فعلى سبيل المثال: سجل الدكتور علي البلوشي؛ استشاري جراحة العظام وتبديل المفاصل نائب رئيس شعبة العظام في جمعية الإمارات الطبية، في نوفمبر الماضي، رقمًا قياسيًا عالميًا، بإجرائه ما يزيد على 1500 عملية مفصل اصطناعي منذ بداية استخدام الروبوت والذكاء الاصطناعي في الدولة شملت المفاصل الاصطناعية الأولية والكلية والجزيئة والثانوية بنسبة نجاح عالية جدًا وصلت إلى 99% مقارنة بالعمليات التقليدية.

ويُعدّ حضور الروبوتات واستخدامها في القطاع الصحي في الإمارات أمرًا شائعًا وفعالًا للغاية، حيث تستخدم وزارة الصحة ووقاية المجتمع تقنية الروبوت في عمليات القسطرة القلبية، وقد نجح مستشفى القاسمي بالشارقة في 26 من يونيو 2014، في إجراء أول عملية باستخدام هذا النظام الآلي.

وأطلقت الوزارة برنامج جراحات الروبوت في مجال أمراض النساء والولادة، الذي جاء بعد الإنجازات التي تحققت باستخدام الروبوت في مجال جراحات القلب، كما أُطلقت خدمة صرف الأدوية عبر الصيدلية الروبوتية للعيادات الخارجية في مستشفى الفجيرة، بهدف القضاء على الأخطاء الدوائية وانتظار المتعاملين مدة طويلة.

وسجلت الروبوتات في عام 2019 حضورها في مجال الإعلام في الإمارات بعدما أطلقت مؤسسة دبي للإعلام، أول روبوت مذيع لإجراء حوارات إعلامية باللغة العربية باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وأطلقت المؤسسة على الروبوت المذيع اسم (راشد الحل) ليشارك في برنامج المؤشر على قناة سما دبي.

وبدورها وظفت شركة أبوظبي للإعلام أول مذيع ذكاء اصطناعي ناطق باللغة العربية في العالم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليقدم النشرات الإخبارية باللغتين العربية والإنجليزية، عبر قنوات شبكة أبوظبي.

وتمتلك الإمارات تجارب غنية للاستعانة بالروبوتات في مجال العمل الشرطي، فعلى سبيل المثال: أعلنت القيادة العامة لشرطة دبي في مايو 2017 انضمام أول شرطي آلي ذكي في العالم إلى صفوف كوادرها لتأدية المهام الموكلة إليه، وهو يتمتع بقدرته على كشف المشاعر، وحركة الأجسام، وتعرف الإيماءات وإشارات اليد من بعد، ويقدم خدماته للجمهور عبر 6 لغات مختلفة منها: العربية والإنجليزية وغيرها.

وبدورها وظفت مديرية المرور والدوريات بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي تقنيات الذكاء الاصطناعي في التوعية المرورية باستخدام روبوتها الآلي الذكي في العديد من الفعاليات خلال عام 2023.

وشاركت المديرية بالروبوت الذكي في العديد من الفعاليات التي من أبرزها: معرض أسبوع المرور الخليجي في القرية العالمية بدبي، وبطولة الجوجيتسو في أرينا أبوظبي، ومهرجان ليوا للرطب، ومعرض صيف بأمان في مركز دلما التجاري، حيث أسهم الروبوت في تقديم النصائح المرورية، وعرض الأفلام التوعوية الرقمية للجمهور، وغيرها من المهام التي تسهم في تعزيز الثقافة المرورية باستخدام الذكاء الاصطناعي.

كما استخدمت (دبي هاربر)، الواجهة البحرية الاستثنائية، الروبوت (بيكسي درون) Pixie Drone أول مرة في دولة الإمارات خلال شهر سبتمبر الماضي، لجمع النفايات البحرية العائمة. ويتميز هذا الروبوت بقدرته على العمل في المياه العذبة والمالحة، بطاقة تصل إلى ست ساعات عمل متواصل يجمع خلالها 160 لترًا من النفايات العائمة السائلة.

وانضمت الروبوتات إلى أقسام خدمة المتعاملين بالدوائر الرسمية؛ إذ أطلقت مؤسسة دبي الذكية التابعة لحكومة دبي الروبوت (راشد) كمستشار يقدم للمتعاملين إجابات وافية حول الإجراءات والمستندات والمتطلبات اللازمة لمعاملاتهم المختلفة.

زر الذهاب إلى الأعلى