أجهزة محمولةأخبار قطاع الأعمالتحت الضوءرأي وحوارمنوعات تقنية

هكذا تعرفت على إيفا!

“مرحبًا .. أنا إيفا .. مساعدتك الإفتراضية” .. عبارة وقعت على أسماعنا أثناء جلسة ودية في أحد المطاعم بمدينة دبي، كان مصدرها هاتف محمول لأحد الأشخاص المتواجدين في المطعم والذي كان يتحدث إلى هاتفه المحمول بكل ما تعنيه الكلمة من معنى!

موقف جعل حواسي الخمس تستنفر لتتعقب ذاك الرجل، والذي بدوره قام بإغلاق مكبر الصوت عند انتهاء جملةمساعدتك الإفتراضيةليبتعد بعدها عن من هم حوله مستكملاً حديثه مع هاتفه. في تلك اللحظة، كنت على يقين بأنني سمعت كلمةإيفا“، إلا أنني بدأت أشكك فيما سمعت، وأن سمعي أخطأ استقبال هذا الكلمة مستهجنًا أن يكون هناك مساعدًا افتراضيًا يحمل اسم إيفا وأنا لم أسمع به. حدثت نفسي جازماً: هذه إما سيري أو مساعد جوجل!


بقلم: أحمد عبدالقادر، المؤسس والرئيس التنفيذي للبوابة العربية للأخبار التقنية


بعد أن أنهى مكالمته، لم أستطع الانتظار، توجهت إليه مباشرة للتحقق مما سمعت، وبالفعل، تبين لي بأن ما سمعته كان صحيحا وأنها بالفعل “إيفا”، وبأنها مساعدة افتراضية موجودة بيننا حالياً. ولكن العجيب في الأمر بأنها تمثل مركز اتصال على هيئة مساعدة افتراضية.

لعل عملاء بنك الإمارات دبي الوطني يعلمون تماماً عن ماذا أتحدث! فهم من يحادثون “إيفا” لإجراء المعاملات المصرفية. ومن بعد البحث والتدقيق، اتضح لي بأن من يستقبل ويرحب ويجيب على استفسارات العملاء ويقدم الخدمات المصرفية هي:إيفا، المساعدة المصرفية الافتراضية التي يوفرها بنك الإمارات دبي الوطني لعملائه.

إذاً السؤال الذي يطرح نفسه هنا: من هي إيفا؟ وللإجابة عن هذا السؤال، حاولت التقصي عن هذه المساعدة الافتراضية الفريدة، واستعنت بمصادر موثوقة في محاولة لنقل معلومات دقيقة حولها وتوصلت إلى الآتي:

يمكنني أن أصف إيفا بأنها مساعدة افتراضية مختصة حصراً في مجال الخدمات البنكية، تعتمد على نظام محادثة (صوتي وكتابي) مبني على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، وتمثل نقطة البداية الأولى لقناة التفاعل الرئيسية الخاصة بالبنك والمتمثلة بمركز الاتصال

لغتها؟

“كيف يمكنني مساعدتك اليوم؟!”هي الجملة التي تستهل بها “إيفا” الحديث معك من بعد أن ترحب بك. حيث تدعمإيفااللغتين العربية والإنجليزية، كما تسهل عليك تجربة التخاطب معها بإعطائك مجموعة من الأمثلة والعبارات والصيغ التي تسهل عليك أن تطلب ما تريد منها. 

دورها؟

بعد أن قمت بتجربة التحاور والتشاور مع إيفا لعدة مرات، وجدت بأن لها دوران أساسيان: أولهما قدرتها على أداء واجبات معينة مثل تقديم مجموعة من الخدمات المصرفية وتوفير استشارات  لعدد من الاستفسارات. أما دورها الثاني فيتمثل بتحويلها للمكالمة إلى موظف الخدمة المعني بقضيتك المطروحة بناء على المعلومات التي قمت بالإدلاء بها لـإيفا“.

إذاً هذا ما عرفناه عن “إيفا”. وما نستطيع أن نؤكده هنا بأنها ظاهرة جديدة من نوعها إن صح التعبير، ولعلها تمثل أول مساعدة افتراضية متخصصة بقطاع البنوك في الشرق الأوسط ولربما في أفريقيا أيضاً. والرسالة التي يمكن استنباطها من هذه المبادرة بأن المساعد الذكي ليس فقط محصوراً في عالم الهواتف الذكية أو ضمن قطاع معين، وبقاءها ليومنا هذا لربما يمهد لرؤية مبادرات مشابهة وجهود مكثفة لتطويرها.

ومن جهة نظري الشخصية فإن هذه المبادرة تمثل خطوة جريئة من قبل بنك الإمارات دبي الوطني، وأعتقد أيضًا أن إيفا تجسد بطريقة أو بأخرى  أحد أبرز معالم وتوجهات العصر

نحن نعيش في عصر باتت فيه التكنولوجيا حاجة أساسية وتعدنا بالكثير على صعيد الأشخاص والشركات، والمنطقة بالتحديد تشهد  تقدمًا تكنولوجيًا ملفتًا، والحكومات تبدي اهتمامًا كبيرًا بتطوير بناها التقنية وتبني التقنيات الناشئة مثل الذكاء الإصطناعي، وثمة مبادرات ورؤى عصرية تنطلق من كل حدب وصوب لاستشراف مستقبل التكنولوجيا. وهكذا يمكننا وضع كل ما سبق في خانة الفرص الممهدة لظهور مثل هذه المبادرات. لكن في ذات الوقت كيف لنا أن نغفل التحديات التي تواجهها وتحديداً في دول مجلس التعاون الخليجي. فإن ما فتحنا باب التركيبة السكانية وحده لانهالت علينا مجموعة من المثبطات من شأنها أن تدفعنا لأن نفكر مرتين قبل الذهاب نحو تلك التوجهات.

فعلى صعيد الإمارات وحدها، يوجد حوالي أكثر من 200 جنسية تقيم وتعمل بها، وهذا باب يتطلب منا التوقف عنده قبل فتح الأبواب الأخرى، لأنه يطرح قضايا عديدة تعكس مكونات السلوك البشري والتي من أجلها ظهرت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لمحاكاة هذه المكونات ومعالجتها باتقان

فهل يا ترى أن شعوب الشرق الأوسط والمقيمين في المنطقة على استعداد لتبني مثل هذه التقنيات أم لهم آراء أخرى؟! سؤال برسمك أنت، والإجابة عليه قد تمهد الطريق إما لرؤية مساعدات ذكية متخصصة في كل شركة على حدا، أو الحد منها حتى يتم نقل قدرات الذكاء الاصطناعي للمستوى المواكب لطبيعة مجتمعاتنا.

زر الذهاب إلى الأعلى