رأي وحوار

تقليص المخاطر المرتبطة بالبائعين
 من خلال تطبيق أفضل معايير الاختيار

بقلم جويتي لالشانداني، نائب رئيس المجموعة والمدير العام الإقليمي لشركة IDC بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا

هناك أهمية كبيرة ومتزايدة للعلاقة بين إدارات تقنية المعلومات في الشركات وبين الموردين. وفي ظل تعاظم دور مديري الأعمال في عملية اتخاذ القرارات التقنية، أصبح من الضروري أن يستمر الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات والفرق التابعة لهم في التحكم بأنشطتهم، بما يؤدي إلى نجاح تقنية المعلومات في تحقيق النتائج المرجوة للشركة.

ومن هذا المنطلق فإن اختيار البائعين يمثل أهمية قصوى للمنشآت. وليس هناك مجال للثقة في صناعة التقنية، حيث أن التوجهات الناشئة تشكل ضغوطاً غير مسبوقة على هوامش الربح التي يحصل عليها البائعون، وعلى توقعاتهم للعائدات وعلى الأموال المخصصة للأبحاث والتطوير، وكذلك على استراتيجيات التخطيط للمنتجات وخطط الاستحواذ وتصفية الاستثمارات. والأمر الوحيد الموثوق به في واقع الأمر من وجهة نظر المنشآت في بيئة التقنية اليوم هي أن التغيير يشكل عقبة مستمرة يجب توقعها والتعامل معها بأقل تأثير سلبي ممكن.

وهذا الواقع هو ما يجعل مسؤولي تقنية المعلومات ومسؤولي الأعمال يلجئون إلي على نحو متزايد من أجل إعادة تقييم المعايير التي يطبقونها عند اختيار البائعين. وفي هذا المقال سأتناول أهم القضايا التي يجب على المنشآت إدراكها إذا أرادت تقليص تعرضها للمخاطر المرتبطة بالبائعين، وكذلك لتعزيز الفائدة التي تحصل عليها أثناء عملية التفاوض على العقود.

نتناول أولاً التغيرات لدى كبار المسؤولين والإدارة، حيث نجد أن هذه التغيرات هي واقع لا يمكن تفاديه عند التعامل مع البائعين في بيئة السوق التي تتميز في الوقت الحاضر بشدة المنافسة فيها. وهذه التغيرات لها تأثثر هائل على استراتيجيات الشركة وميزانيتها ومستويات الموظفين، وعلى قدراتها الإنتاجية، ولذلك فمن الضروري أن تقوم المنشآت بوضع تصور لتوجه البائع في المستقبل في حالات معينة، من بينها على سبيل المثال تعيين رئيس تنفيذي جديد.

وتشكل عمليات الاستحواذ وتصفية الاستثمارات مصدراً آخر للمخاطر التي لا يمكن تفاديها عند التعامل مع بائعي التقنية، ويمكن للعملاء العمل على تعزيز مواقفهم بمحاولة توقع شكل الهيكل التنظيمي الجديد عند اكتمال الصفقة. وفي هذا الخصوص فإنني أدعو المنشآت لاكتساب أكبر قدر ممكن من المعرفة بشأن خطط الدمج، ومستقبل التقنية والتغييرات في القيادة، والمواعيد المرتبطة بعمليات الاستحواذ. أما في حالة تصفية الاستثمارات، فيجب أن يسعوا لمعرفة الأسباب التي تجعل البائع يوفر منتجات معينة، وكذلك معرفة الأنشطة القادمة التي سيطرحها.

وتعتبر أنشطة تقليل عدد الموظفين من الاستجابات الشائعة لدى البائعين التي تشكل ضغوطاً على الشركة، حيث أنها يمكن أن تؤدي إلى تزايد مستوى المخاطر على المستخدم النهائي بعدة طرق من بينها أن تطوير المنتجات قد يصبح بطيئاً، وأن العلاقات مع المبيعات قد تتدهور، وأن مستوى خدمات دعم العملاء قد ينخفض. وتكون فرق المبيعات لدى العديد من البائعين كجهة مستفيدة رئيسية تعمل بين العميل والبائع، ولذلك فإن أي تقليص في هذا الجانب قد يثير مشكلة، وفي كثير من الأحيان قد لا يتم التعرف على العميل الهام وقد يتم فقدان الرؤى الاستراتيجية، وهذين الجانبين يتطلبان وقتاً طويلاً لإعادة بناؤهما. ولهذا السب فإنني أشجع العملاء على تطوير فهم عميق لهياكل التقارير التي يقدمها أفراد فرق المبيعات الخاصة بالبائع، وتأسيس علاقة متبادلة. لا تعتمد على الإطلاق على مصدر اتصال واحد فقط.

وهناك نقطة أخرى رئيسية وهي الالتزام بتطوير المنتجات، وتتخلص هذه النقطة في أن كل بائع يخصص ميزانية لتطوير مختلف وحدات العمل التابعة له وتطوير المنتجات التي يقدمها. ويجب على العملاء الاستفسار عن موعد بدء دورة ميزانية التطوير وأن يدركوا أن خفض تلك الميزانية كثيراً ما يؤدي إلى تعويق قدرة البائع على تنفيذ عمليات تطوير المنتجات في الوقت المطلوب. وفي حالة تغيير المسؤولين عن إدارة المنتجات، يجب عليك التعرف على أسباب هذا التغيير وأن تتساءل عن التزام البائع تجاه هذه المنتجات، ومن المهم أن يدرك العملاء الأولويات الداخلية للبائع، وبخاصة إذا كان البائع يقدم كل من المنتجات وحلول “البرمجيات كخدمة” SaaS الخاصة بها.

وفي كثير من الأحيان لا يكون لدى الشركة البائعة استراتيجيات محددة، أو قد يساء فهم تلك الاستراتيجيات أو لا يتم إيصالها بالشكل الصحيح، أو قد لا تكون ملائمة لنشاطات وحدات الأعمال المختلفة. إن استراتيجيات وحدات الأعمال هو القوة المحركة لأي إستراتيجية خاصة بالشركة، ولذلك فإن على العميل ضمان أن فرق المبيعات والمنتجات لدى البائع يمكنها وضع إستراتيجية للشركة والتأكد من دورها في تنفيذ تلك الاستراتيجيات. وإذا كان لوحدة الأعمال المعنية استراتيجية خاصة بها، سيكون من الضروري على المنشآت أن تتفهم تأثيرات تلك الإستراتيجية على أولويات المنتجات وعلى التخطيط طويل المدى، وعلى القدرة على توفير ميزانية للأبحاث والتطوير.

وتتضمن استراتيجيات الشركة إلى حد ما الشراكات، ومن المهم أن ندرك أن لبعض هذه العلاقات أهمية أكثر من غيرها. فعلى سبيل المثال، تكون بعض الشراكات معنية بتطوير المنتجات، بينما أن شراكات أخرى تكون معنية بتعزيز مشاركة المبيعات على نطاق واسع أو تسهيل توسع الخدمات الاحترافية. ومن هذا المنطلق، فإنني أدعو العملاء للحصول على فهم دقيق ورؤية لما تعنيه الشراكات الخاصة بكل بائع وأثر ذلك على منشآتهم.

من الواضح أن التغيرات التقنية المتسارعة والتوجهات الجديدة في الأعمال تشكل عبئاً ثقيلاً على كل من العملاء والبائعين، حيث أصبح البائعون غير قادرين على تلبية احتياجات العملاء والاتفاق معهم على متطلباتهم، حيث يشكل ذلك مخاطر على المنشآت ويزيد من تعرضها لحالات فشل تقنية المعلومات في تحقيق النتائج المرجوة.

لا يمكننا التنبؤ بالمستقبل، ولكن على الرغم من ذلك فإن معايير اختيار البائعين التي أشرت إليها في هذا المقال تمهد الطريق لمسؤولي تقنية المعلومات ومسؤولي الشركات لفهم المخاطر المرتبطة بأي بائع. إن جمع واستخدام هذه البيانات قد يؤدي إلى تحسين العلاقة بين البائع والعميل، ويوفر لمسؤولي تقنية المعلومات ومسؤولي الشركات فهماً أفضل لما يجري خلف الستار بمنشآت البائعين. وهناك مقولة شهيرة تقول أن “إذا فشلت في الاستعداد فإن عليك الاستعداد للفشل”، وهذا صحيح تماماً حينما يتعلق الأمر باختيار البائع المناسب للحلول التقنية.

زر الذهاب إلى الأعلى