تحت الضوءدراسات وتقارير

بداية عصر الطائرات الكهربائية

شهد عالم السيارات قفزة نوعية في عام 2008 مع ولادة السيارة الكهربائية، والتي نجمت عن ارتفاع أسعار النفط، ويبدو أن الوقت قد حان الآن لحدوث ولادة جديدة، ولكن الولادة هذه المرة في مجال الطيران الكهربائي، إذ تم على مدى العقود الماضية تحقيق تقدم كبير في مجال الطيران ضمن جميع الجبهات، وذلك بعد قيام بيرت روتان Burt Rutan، في عام 1986، بأول رحلة حول العالم بدون توقف أو تزود بالوقود، وتم إجراء رحلة أخرى حول العالم في عام 2016، أي بعد مرور 30 عامًا على تلك الرحلة.

وقد تمت الرحلة الجديدة من خلال أول طوافة تعمل بالطاقة الكهربائية، حيث بدأت الرحلة من مدينة أبو ظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعادت إلي المكان الذي بدأت منه الرحلة بعد مرور 16 شهرًا، وخلافًا لغيرها من الطائرات التي قامت برحلات سابقة حول العالم، فإن هذه الطائرة، التي تسمى Solar Impulse 2، لم تصدر أي انبعاثات ولم تحرق أي وقود، وبدلا من ذلك، استخدمت الألواح الشمسية ومحرك كهربائي و 4 بطاريات ليثيوم أيون بقدرة 41 كيلو واط في الساعة.

وغيرت Solar Impulse 2 عالم الطيران عندما أكملت رحلتها في عام 2016، ومنذ ذلك الحين، تحولت رؤية طائرة تجارية تعمل بالطاقة الكهربائية من حلم إلى إمكانية واقعية، إذ يعد مستقبل الطيران الكهربائي إيجابي، حيث أنه يقلل من استخدام الوقود للطيران الحالي، ويقلل الانبعاثات، ويخلق بيئة أنظف.

اقرأ أيضًا: مستقبل الطائرات الكهربائية يعتمد على تطور البطاريات

ووفقًا للمفوضية الأوروبية، فإن انبعاثات الطائرات تمثل حاليًا حوالي 3 في المئة من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الاتحاد الأوروبي، وحوالي 4 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، وتعد هذه النسبة مهمة جدًا تبعًا إلى أنها تنمو بمعدل سريع.

ويمكن مع الطيران الكهربائي تخفيض هذه الانبعاثات المتزايدة، ويحاول الاتحاد الأوروبي تحقيق هدف طموح يتمثل بخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بحوالي 40 في المئة دون مستويات عام 1990 بحلول عام 2030، وإلى 80 في المئة من انبعاثات 1990 بحلول عام 2050.

وتؤدي الطائرات الكهربائية الجديدة إلى توفير تذاكر طيران أرخص، وانخفاض في الضوضاء، وزيادة معدلات الارتفاع، إذ في ظل وجود محرك كهربائي، فإن الطائرات تستطيع الحفاظ على الأداء على ارتفاعات أعلى حيث تكون مقاومة الهواء أقل، وذلك على عكس الطائرات التي تستخدم محركات الاحتراق، والتي تعمل بكفاءة أقل عند هذه الارتفاعات، بحيث يجب أن يكون محرك الطائرة أقل قوة لتوليد سرعة مكافئة.

التحديات

بالرغم من جميع الدعاية والابتكار اللذان يحيطان بمبدأ الطيران الكهربائي، لكن هناك طريق طويل قبل أن يتم تشغيل الرحلات التجارية بواسطة المحركات الكهربائية، ويعتبر تصميم نموذج طائرة بيرت روتان Rutan 61 Long-EZ مثالًا على تصاميم الطائرات الكهربائية في الآونة الأخيرة.

وتمكنت الطائرة في عام 2012، وباعتبارها واحدة من أسرع الطائرات الكهربائية، من الطيران بسرعة تصل إلى 202.6 ميل في الساعة، وكانت تحمل راكبًا واحدًا، وبالمقارنة مع طائرة بوينغ 787 Boeing، والتي تطير بسرعة 585 ميل في الساعة، وتحمل أكثر من 242 راكبًا، فإن هناك طريق طويل يجب قطعه، وفي ظل الوتيرة الحالية لتكنولوجيا البطاريات والمحركات الكهربائية، لن يكون هناك استخدام بشكل هجين لتكنولوجيا الكهرباء في مجال الطيران التجاري حتى عام 2030.

ويتواجد حاليًا مشروع قيد التطوير يعرف باسم “اختبار ناسا للطائرات الكهربائية” NASA Electric Aircraft Testbed، حيث يحاول هذا المشروع البحث عن حلول للعقبات التكنولوجية الحالية فيما يتعلق بالطيران الكهربائي مثل زيادة الكفاءة وخفض الوزن، ويمكن تكييف الاختبار لتشغيل محركات أكبر كلما تم تحسين التكنولوجيا.

طائرة NASA X-57 Maxwell التجريبية المطورة من قبل وكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA، والتي تهدف إلى إظهار التكنولوجيا التي يمكن من خلالها تقليل استخدام الوقود والانبعاثات والضوضاء.

كما يتواجد تحد آخر يتمثل بإنشاء نظام تبريد عملي يمكن استخدامه، إذ تتطلب عملية الإدارة الحرارية لهذه الأنظمة نظامًا يمكنه التخلص من 50 إلى 800 كيلو واط من الحرارة أثناء الطيران، حيث ينبغي تواجد نظام تبريد لوحدة الطاقة المدمجة المستخدمة لتشغيل الإلكترونيات عالية الطاقة، وينبغي تطوير مواد لتحسين الأداء الحراري، إلى جانب الحاجة لوجود نظام خفيف الوزن لتبريد الإلكترونيات من أجل تقليل المقاومة الكهربائية للطائرة.

البطاريات

تعتبر البطاريات بمثابة العامل المقيد الأكثر أهمية في هذه المرحلة، وليس وزن المحركات أو تصميم الطائرة، إذ لا تستطيع البطاريات في هذه المرحلة توفير نسبة الطاقة إلى الوزن اللازمة للطيران الكهربائي، حيث ينتج وقود الطائرات في الوقت الحالي حوالي 43 ضعفًا من الطاقة بالمقارنة مع كمية مماثلة من البطارية.

وتراهن صناعة الطيران الكهربائي بشكل كبير على أن تكنولوجيا تخزين الطاقة سوف تتحسن بشكل كبير في المستقبل، وهو أمر ممكن مع ارتفاع كثافة البطارية بنسبة بين 5 و 8 في المئة سنويًا، وتحتاج البطاريات من أجل أن تكون مجدية اقتصاديًا إلى تحقيق نحو خمسة أضعاف الكثافة الحالية، ولكن الأمر الجيد هو أن الطائرات أصبحت مصممة بشكل أفضل مما يعني أنها تحتاج طاقة أقل وأقل مع تقدم الوقت.

المنافسة الحالية

Zunum

تعتبر Zunum Aero شركة مدعومة من شركتا Boeing و JetBlue، بحيث تعمل هذه الشركة منذ عام 2013 على مجموعة مكونة من 10 إلى 50 طائرة هجينة إقليمية كهربائية، وبدأت عملية تطوير طائرة تضم 12 مقعدًا في شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017، والتي من المفترض أن تطير في عام 2020، ويتضمن التصميم سلسلة من المراوح المهجنة التي تعمل بالبطاريات بمفردها للرحلات القصيرة ومولد يوفر بين 1 ميجا واط و 5 ميجا واط، كما سيتم استخدام توربين غازي لتشغيل مولدين بقوة 550 كيلو واط من أجل توسيع نطاق الطائرة إلى 700 ميل بحري، وتم الإعلان في شهر فبراير/شباط 2018 عن أن Zunum تبني أول نموذج لها.

Zunum

E-Fan X

يتم تطوير طائرة E-Fan X بالتعاون بين شركات إيرباص ورولز رويس وسيمنز كطائرة هجينة كهربائية، ويستند تطوير هذه الطائرة إلى العمل الذي تم إنجازه من خلال Airbus E-fan، وهو نموذج لطائرة كهربائية ذات مقعدين كانت تحت التطوير من قبل شركة إيرباص، وتستخدم بطاريات الليثيوم أيون على متن الطائرة لتشغيل محركين كهربائيين، وظهرت قدرة E-Fan على التحمل لمدة 60 دقيقة لأول مرة في عام 2014، وتتضمن E-Fan X محرك ومولد لا يتم تبريده وليس موصلًا فائقًا، مما يؤدي إلى فقدان أكثر من 15 في المئة من الكفاءة، وتأمل الشركات في إنشاء نموذج كهربائي هجين قادر على الطيران في عام 2020، مع مواصلة تطوير التكنولوجيا.

E-Fan X

Eviation Alice

تعد Eviation Alice طائرة كهربائية قيد التطوير بواسطة شركة Eviation Aircraft، وتحتوي هذه الطائرة على 3 مراوح متواجدة على الجناحين والجزء الخلفي من جسم الطائرة، وتتميز الطائرة بنظام دفع كهربائي يتم تطويره بنسبة 95 في المئة من المواد المركبة، وبدأت الشركة عملها في عام 2015، وهي حاليًا في طور الإعداد لتصنيع النموذج الأول من جميع طائراتها الكهربائية والتجارية.

Eviation Alice

Wright Electric

تعتبر Wright Electric شركة ناشئة تهدف إلى إنشاء طائرة تجارية تعمل على البطاريات ضمن مسافات طيران تقل عن 300 ميل، وتأسست الشركة في عام 2016، وأعلنت شركة الطيران البريطانية إيزي جت EasyJet في شهر سبتمبر/ايلول 2017 أنها تعمل على تطوير طائرة كهربائية بسعة 180 مقعدًا بحلول عام 2027 بالتعاون مع شركة Wright Electric، وقامت الشركة حتى الآن ببناء نموذج لإثبات المفهوم مكون من مقعدين، والذي يحتوي على 600 رطل من البطاريات.

Wright Electric

Ampaire

تعد Ampaire بمثابة شركة ناشئة حديثه تقوم حاليًا بمهمة كبيرة لتطوير طائرة كهربائية قابلة للتعديل والتحديث بهدف الحصول على شهادة إدارة الطيران الفيدرالية FAA بحلول نهاية عام 2020، وسوف تكون الطائرة قادرة على حمل ما بين 7 إلى 9 ركاب، ولديها مدى يصل إلى 100 ميل، وتأمل الشركة في تطوير نظام لاستبدال البطارية، مع إمكانية اختبارها لأول رحلة طيران في العام المقبل.

Ampaire

Joby Aviation

أمضت شركة جوبي للطيران Joby Aviation العقد الأخير في تطوير المحركات الكهربائية الخاصة بها وتصميم عملية الإقلاع والهبوط العامودية VTOL الحالية من الألف إلى الياء، وقد حصلت الشركة مؤخرًا على تمويل بقيمة 100 مليون دولار للتحضير لمرحلة الإنتاج والشهادات، ووفقًا للتقارير، فإنه يتم حاليًا تطوير مركبة جديدة لتطير وعلى متنها ما يصل إلى خمسة أشخاص ولمسافة تصل إلى 150 ميل على شحنة كهربائية واحدة، بحيث تهدف الشركة إلى استخدام هذا النموذج في مجال الطيران التجاري لرحلات المسافات القصيرة جدًا.

Joby Aviation

زر الذهاب إلى الأعلى