دراسات وتقارير

استمرار الفجوة الرقمية بين الاقتصادات المتقدمة والنامية

أكد التقرير العالمي الثاني عشر لتكنولوجيا المعلومات لعام 2013 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن أغلب الاقتصادات النامية أخفقت في توفير الظروف اللازمة لتضييق فجوة التنافس في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات مع الاقتصادات المتقدمة، بالرغم من الجهود المبذولة خلال العقد الماضي.

ورأى التقرير، الذي حمل عنوان “النمو والوظائف في عالم فائق الاتصال”، أن السياسيات المتبعة في بعض الاقتصادات النامية لم تتمكن من تحويل الاستثمار في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات إلى تحسن ملموس فيما يتعلق بالتنافسية والتنمية والتوظيف. وهو ما يُضاف إلى الفجوة الرقمية القائمة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية في الوصول إلى البنية التحتية الرقمية والمحتوى.

تكنولوجيا المعلومات والفقر

وتضمن التقرير، الذي ركز على تأثير عملية الرقمنة في خلق فرص للتوظيف، دراسة لشركة “بوز أند كومباني” المتخصصة في الاستشارات الإدارية.

ورأت الدراسة  قدرة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على انتشال ملايين الناس من الفقر. واعتمدت على استخدام مؤشر للرقمنة يتدرج من صفر إلى مائة، وتوصلت إلى أن زيادة مقدارها 10% في معدل الرقمنة في البلد تؤدي إلى زيادة بنسبة 0.75% في الناتج المحلي الإجمالي للفرد، كما تؤدي إلى انخفاض نسبته 1.02% في معدل البطالة.

وواصلت دراسة “بوز أند كومباني” أنه في حال تمكنت الأسواق الناشئة من مضاعفة معدل الرقمنة لمواطنيها الأكثر فقراً خلال السنوات العشر المقبلة، فستحصل على زيادة قدرها 4.4 تريليون دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، كما ستولد 930 بليون دولار في الدخل التراكمي للأسر الأشد فقراً، كما ستتمكن من توفير 64 مليون فرصة عمل جديدة للفئات المهمشة اقتصادياً واجتماعياً، الأمر الذي يعني عبور 580 مليون شخص مستوى خط الفقر.

وبحسب بهجت الدرويش الشريك في شركة “بوز أند كومباني، وفرت الرقمنة ستة ملايين فرصة عمل، كما أضافت 193 مليار دولار للاقتصاد العالمي خلال عام 2011. وعلى الرغم من أن ذلك يبدو إيجابياً في مجمله، فإن تأثير الرقمنة ليس متماثلاً في جميع  القطاعات والاقتصادات؛ ففي الوقت نفسه يخلق الوظائف ويدمر بعضها.

وأضاف أنه مع اتساع نطاق الرقمنة عالمياً، ودورها كدافع للنمو ومصدر لتحقيق التنافسية فقد ركز صناع القرار حتى الآن على تحسين الوصول والقدرة على تحمل تكاليف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفي الآونة الأخيرة كان التركيز على تسهيل الاستثمار في نشر النطاق العريض. ورأى أن ذلك برغم أهميتها لا يمثل سوى جانب واحد من القصة.

ويعتقد الدرويش بحاجة السياسيين في المستقبل ليكونوا صناع ومبدعين للاقتصاد الرقمي الذي يوفر لمواطنيهم والشركات والقطاعات الاقتصادية ميزة تنافسية وسط السوق العالمية المتسعة. وهو ما يتطلب من صناع السياسات الرقمية رسم خطط استباقية، وبناء الإمكانات، والمبادرة ومراقبة قطاع الرقمنة، كما يتعين على متخذي القرار التنسيق مع المستهلكين والمصنعين والجهات الحكومية.

مؤشر جاهزية الشبكات

وبحسب”مؤشر جاهزية الشبكات” الذي يقيس جاهزية 144 دولة لتفعيل تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لتحقيق التنافسية والرفاهية، احتلت الدول الأوربية أغلب المراكز العشر الأولى؛ إذ جاءت فنلندا في المقدمة، وتلتها على الترتيب: سنغافورة، والسويد، هولندا، والنرويح، وسويسرا، والمملكة المتحدة، والدنمارك، والولايات المتحدة الأمريكية، وجاءت تايوان في المركز العاشر.

وبالنسبة لاقتصادات تجمع البريكس، الذي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، فقد تراجع ترتيبها خصوصاً الصين التي احتلت المركز الثامن والخمسين بتراجع سبع مراكز. ورأى التقرير أنه ربما يكون النمو الاقتصادي السريع في هذه البلدان خلال السنوات الماضية في خطر ما لم تُجرى استثمارات صائبة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمهارات والابتكار.

وفيما يخص الدول العربية فجاءت أولها، قطر، في المركز الثالث والعشرين، ثم الإمارات في المركز الخامس والعشرين، وحلت مصر في المركز الثمانين، وجاءت دول أخرى مثل الجزائر وليبيا واليمن ضمن الدول العشرين الأخيرة.

واعتمد “مؤشر جاهزية الشبكات” على قياس أربعة عوامل تضمنت: البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتكلفة الوصول لها، ومدى توافر المهارات اللازمة لضمان الاستخدام الأمثل. ومدى تقبل واستخدام تكنولوجيا المعلومات واالاتصالات بين الحكومات وقطاع الأعمال والأفراد. وبيئة الأعمال والابتكار، والأطر السياسية والتنظيمية. بجانب النتائج الاقتصادية والاجتماعية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

واعتمدت نتائجه على بيانات متاحة للجمهور، بالإضافة إلى نتائج استطلاع لآراء خمسة عشر ألفاً من التنفيذيين أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي بالتعاون مع المؤسسات الشريكة من معاهد بحثية ومنظمات أعمال.

تجارب في أفريقيا وأمريكا اللاتينية

وأشار التقرير العالمي لتكنولوجيا المعلومات إلى تجربة رواندا، التي ترغب في تجاوز قلة مواردها الطبيعية وعدم تمتعها بأية سواحل، وتسعى لتحويل اقتصادها الزراعي إلى آخر يقوم على المعرفة بحلول عام 2020 وذلك بالاستعانة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والاستثمار في التعليم والشراكة مع الجامعات الأجنبية وتوصيل كابلات الألياف البصرية.

وبدأت رواندا بخدمات مثل “E-Soko” وهي خدمة للهواتف المحمولة تتيح للمزارعين الإطلاع على أسعار منتجاتهم، وأسهمت بالفعل في تحسين حياة الكثيرين. وتأمل بمساعدة التكنولوجيا في الاستفادة من موقعها المركزي في أفريقيا لتكون مركزاً للأعمال المالية والمصرفية وخدمات التعهيد.

كما أشار إلى تجربة ثلاث دول في أمريكا اللاتينية، كولومبيا وأورجواي وبنما، إذ أسهمت الشركات التقنية الصغيرة والمتوسطة في أورجواي في رفع صادرات التكنولوجيا من 50 إلى 225 مليون دولار خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

زر الذهاب إلى الأعلى