تعاون تاريخي بين مصرف سوريَة المركزي و”ماستركارد” لتطوير المدفوعات الرقمية

في خطوة وُصفت بالتاريخية، أعلن مصرف سوريَة المركزي، توقيع مذكرة تفاهم مع شركة (ماستركارد)، تهدف إلى التعاون في تطوير البنية التحتية لنظم المدفوعات الوطنية، واستكشاف سبل تعزيز منظومة المدفوعات الرقمية في البلاد.
وتستند هذه الشراكة إلى رؤية مشتركة لتعزيز الشمول والمرونة من خلال التكنولوجيا المالية. وتهدف المذكرة إلى استكشاف فرص توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المالية لملايين الأشخاص، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية. ويشمل التعاون جوانب متعددة:
- نقل المعرفة: ستقدم (ماستركارد) خبراتها العالمية عبر برامج تدريبية متخصصة وورش عمل لتعزيز الخبرات المحلية في مجال المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية.
- التكامل التقني: سيبحث الطرفان سبل التكامل بين البنوك والمؤسسات المالية السورية، بهدف بناء نظام مدفوعات متكامل يخدم المواطنين والمسافرين.
- تطوير البنية التحتية: تهدف المذكرة إلى وضع إطار عمل لتبادل الخبرات والممارسات العالمية في تعزيز البنية التحتية للمدفوعات في سوريَة، مما يدعم الاقتصاد المحلي ومجتمع الأعمال.
سوق واعدة:
أكد الدكتور عبد القادر حصرية، حاكم مصرف سوريَة المركزي، الأهمية الإستراتيجية للتعاون مع (ماستركارد)، قائلًا: “تمتلك ماستركارد شبكة عالمية واسعة وخبرة عميقة تجعلها شريكًا أساسيًا في مساعينا نحو بناء نظام مالي قوي. ويفتح هذا الاتفاق آفاقًا واسعة لتبادل الخبرات وتعزيز البنية التحتية للمدفوعات في سوريَة، مما يدفع جهودنا لتحقيق الشمول المالي”.
وأضاف الحصرية أن هذه الشراكة ستكون ركيزة أساسية في تمكين الاقتصاد السوري ودعم مسيرة التنمية، بما يعود بالنفع على الأفراد والشركات ومجتمع الأعمال ككل.
ومن جهته، أكد آدم جونز، الرئيس الإقليمي لغرب المنطقة العربية في شركة (ماستركارد)، أن هذه الشراكة تعكس قناعة الشركة الراسخة بأن الأنظمة المالية الشاملة تُبنى على أساس الشراكة والابتكار.
وأضاف: “نحن سعداء بالتعاون مع مصرف سوريَة المركزي والحكومة السورية لاستكشاف سبل تطوير نظام مدفوعات متكامل يخدم المواطنين والمسافرين الدوليين في هذه السوق الواعدة. إننا نتطلع إلى فتح آفاق جديدة للمدفوعات العالمية أمام الشعب السوري، وتقديم أحدث الابتكارات لدعم القطاع المالي المحلي”.
خطوة تأسيسية لمستقبل رقمي:
تمثل مذكرة التفاهم إطارًا أوليًا للتعاون بين الطرفين، إذ من المقرر أن تليها خطوات لاحقة تشمل دراسة فرص التعاون المستقبلية، وإطلاق برامج تدريبية وورش عمل تقنية، ومبادرات مشتركة لتعزيز الشمول المالي وتطوير البنية التحتية للمدفوعات بما يخدم الأفراد والشركات ويدعم التنمية الاقتصادية في سوريَة.
ما الأهمية الإستراتيجية لدخول (ماستر كارد) إلى السوق السورية؟
لا يقتصر هذا الاتفاق على مجرد إدخال بطاقات الدفع الإلكترونية في السوق السورية، بل هو حدث استثنائي يحمل في طياته دلالات اقتصادية وسياسية عميقة، ويحمل أهمية كبيرة على عدة مستويات تشمل:
1- انفتاح اقتصادي محتمل:
يمثل هذا التعاون مؤشرًا على وجود رغبة في الانفتاح الاقتصادي والمالي لسوريَة على العالم الخارجي، فشركة (ماستركارد) هي شركة عالمية تعمل وفقًا للمعايير والأنظمة الدولية، ودخولها يعكس استعداد مصرف سوريَة المركزي لتبني هذه المعايير وتطوير البنية التحتية المحلية لتتوافق معها.
2- تعزيز المدفوعات الرقمية والشمول المالي:
تهدف مذكرة التفاهم إلى تطوير نظام المدفوعات الرقمية، مما يؤدي إلى تقليل الاعتماد على النقد الملموس، ويسهّل عمليات الشراء والبيع والتحويلات المالية.
كما يتيح هذا التعاون للسوريين، وخاصة من لا يمتلكون حسابات بنكية تقليدية، الوصول إلى الخدمات المالية عبر تقنيات الدفع الرقمي، مما يساعد في إدماجهم في المنظومة الاقتصادية.
3- نقل الخبرات والتقنيات:
تُعدّ شركة (ماستركارد) رائدة في مجال التكنولوجيا المالية، لذلك سيمكن هذا التعاون الجهات السورية من الاستفادة من خبراتها وشبكتها العالمية، مما يساهم في تطوير الكفاءات المحلية عبر برامج التدريب وورش العمل التي ذكرتها المذكرة، وتحسين البنية التحتية من خلال تطبيق أفضل الممارسات والتقنيات العالمية.
4- تمكين التجارة الإلكترونية:
سيعزز هذا التعاون من فرص نمو قطاع التجارة الإلكترونية والدفع عبر الإنترنت، مما يفتح الباب أمام رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة.
كما يمثل دخول شركة (ماستركارد) إلى السوق السورية عامل جذب قوي للاستثمارات الأجنبية، فهذه الخطوة تُرسل رسالة واضحة إلى العالم بأن السوق السورية مستعدة لتبني التكنولوجيا المالية المتقدمة، مما قد يفتح الباب أمام شركات وتقنيات أخرى لتتبع هذه الخطوة.
باختصار، دخول شركة (ماستركارد) إلى السوق السورية هو أكثر من مجرد شراكة، بل هو خطوة إستراتيجية نحو تحديث النظام المالي السوري وربطه بالشبكة العالمية، مما قد يمهد الطريق لتحسين الاقتصاد وتقديم خدمات مالية أفضل للمواطنين.