ما سر مناعة أنظمة الحكومة السعودية ضد العطل التقني العالمي؟

نجحت المملكة العربية السعودية في تجنب التأثيرات الكبيرة للعطل التقني العالمي، الذي شهده العالم صباح يوم الجمعة الماضي، والذي تسببت به شركة (كراود سترايك) CrowdStrike، الأمريكية المتخصصة في الأمن السيبراني؛ وذلك بعد إصدارها تحديثًا برمجيًا أدى إلى تعطل ملايين الأجهزة العاملة بنظام التشغيل ويندوز في العديد القطاعات الحيوية، مثل: الاتصالات والبنوك والطيران والصحة، ولا تزال الجهود جارية لإعادة تشغيل هذه الأنظمة المتضررة.
إذ أكدت العديد من الجهات السعودية الرسمية عدم تأثرها بالعطل التقني العالمي و استمرار عمل أنظمتها بكفاءة عالية، في حين قالت جهات أخرى إن تأثير هذا العطل كان محدودًا.
وقد أثار هذا العطل التقني، الذي طال العديد من الدول حول العالم، العديد من التساؤلات حول قدرة السعودية على التعامل مع مثل هذه الأزمات، وما سر مناعة أنظمتها؟
أولًا؛ صمود الأنظمة السعودية أمام العطل التقني العالمي:
كما ذكرنا سابقًا، أكدت العديد من الجهات الوطنية السعودية في غضون ساعات قليلة من حدوث العطل التقني العالمي، عدم تأثرها، وكان من أبرزها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، التي أكدت استمرار عمل أنظمتها التقنية والأنظمة الحكومية المستضافة لديها دون أي انقطاع.
القطاع المالي:
أكد البنك المركزي السعودي (ساما)، يوم الجمعة أيضًا، سلامة أنظمته وأنظمة المدفوعات الوطنية والأنظمة البنكية في المملكة، وعدم تأثرها من جرّاء العطل التقني العالمي.
وأوضح البنك، أنه يطبّق أعلى المعايير والممارسات العالمية في مجالات التشغيل والأمن السيبراني على جميع أنظمته، بما يشمل: أنظمة المدفوعات الوطنية، وأنظمة التكنولوجيا المرتبطة بالمؤسسات المالية الأخرى.
قطاع الصحة:
أكدت وزارة الصحة السعودية، أيضًا سلامة أنظمة المعلومات المستخدمة في منشآت القطاع، لافتة إلى استمرارها في العمل بكفاءة عالية دون التأثر بالعطل التقني.
وأفادت في بيان صدر يوم الجمعة، بأنها تعتمد أفضل الأنظمة والتقنيات السيبرانية، وتتأكد بشكل دوري من سلامة البنى التحتية للمعلومات؛ لتعزيز الكفاءة والاستدامة في أنظمة الرعاية الصحية بموثوقية وأمان عالٍ.
قطاع الطيران:
أكدت (مجموعة السعودية) عدم تعرض عملياتها التشغيلية لأي أثر ناتج عما يشهده قطاع الطيران حول العالم، مشيرة إلى أن منظومة رحلاتها تسير بشكل جيد، وستوافي ضيوفها بالمستجدات عبر الرسائل النصية والبريد الإلكتروني.
توضح #الخطوط_السعودية عدم تعرض عملياتها التشغيلية لأي أثر ناتج عن ما يشهده قطاع الطيران حول العالم. حيث تسير منظومة رحلاتها بشكل جيد.
كما تحيط "السعودية" عناية ضيوفها بأنه سيتم موافاتهم بمستجدات الرحلات عبر الرسائل النصية والبريد الالكتروني.
— Saudia Group | مجموعة السعودية (@SaudiaGroup) July 19, 2024
بينما كان تأثر شركتي (ناس) و(أديل) السعوديتين، بالعطل التقني العالمي محدودًا، إذ شهدتا وجود بطء في بعض الخدمات، ولكنهما سرعان ما أعلنتا عودة النظام للعمل، وقدمتا اعتذارهما للمسافرين عن الإرباك الذي تسبب فيه هذا الخلل العالمي الخارج عن سيطرتهما.
تنويه من #طيران_ناس https://t.co/Y0p3M6E4rL pic.twitter.com/4zkfSk7cMB
— flynas طيران ناس (@flynas) July 19, 2024
كما أعلنت شركة مطارات القابضة السعودية، في بيان لها الجمعة، عودة العمليات التشغيلية لوضعها الطبيعي في مطارات المملكة، وذلك بفضل استخدام الأنظمة البديلة، التي ساهمت في انسيابية حركة المسافرين.
جانب من حديث نائب الرئيس للتسويق والاتصال المؤسسي لـ #مطارات القابضة الأستاذ أحمد المسيند عن العطل التقني العالمي الذي أثر على عدد من المطارات العالمية بالأمس.pic.twitter.com/78JGXahU4s
— مطارات القابضة (@MATARAT_KSA) July 20, 2024
ثم بعد الرصد يوم السبت، أكدت الهيئة الوطنية للأمن السيبراني السعودية، أن تأثير العطل التقني العالمي في الجهات الوطنية في المملكة كان محدودًا.
بيان صحفي من الهيئة الوطنية للأمن السيبراني pic.twitter.com/veRYX7nXOj
— الهيئة الوطنية للأمن السيبراني (@NCA_KSA) July 19, 2024
ثانيًا؛ ما سر مناعة الأنظمة السعودية؟
يُعزى نجاح الأنظمة السعودية في تجاوز العطل التقني العالمي إلى العديد من العوامل، التي من أبرزها ما أشارت إليه الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) في بيانها يوم الجمعة.
إذ عزت الهيئة هذا الصمود إلى كفاءة الكوادر الوطنية المؤهلة، التي صممت الأنظمة الحكومية وبنتها “بأعلى مستوى من البناء التقني”، مما يضمن سرعة التحول بين الأنظمة في حال حدوث أي عطل تقني، مثل الذي شهده العالم يوم الجمعة.
#سدايا تؤكد عدم تأثر الأنظمة الخاصة بها والأنظمة الوطنية المستضافة لديها في المملكة من العطل التقني الذي ضرب معظم دول العالم اليوم. pic.twitter.com/H0z9qJbWkb
— SDAIA (@SDAIA_SA) July 19, 2024
ومن أبرز العوامل الأخرى التي أشارت إليها الجهات السعودية الرسمية كان ما يلي:
- وجود ضوابط ومعايير قوية للأمن السيبراني في المملكة.
- التزام الجهات الوطنية بالضوابط والمعايير القوية في الأمن السيبراني.
- كفاءة الأنظمة البديلة التي لجأت إليها بعض الجهات السعودية.
- تعزيز السيادة التقنية للمملكة.
- متابعة التهديدات والمخاطر السيبرانية بشكل مستمر.
- الاستجابة الفورية لأي حوادث سيبرانية قد تحدث.
- التعاون المستمر بين كافة الجهات الوطنية لضمان تعزيز الأمن السيبراني.
ثالثًا؛ السعودية الأولى عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024:
يُعدّ هذا الحادث غير المسبوق، الذي يُوصف بأنه أكبر انقطاع تقني في التاريخ، دليلًا على ريادة المملكة العربية السعودية في مجال الأمن السيبراني، وتقنية المعلومات، كما يؤكد التزامها بحماية مصالحها الحيوية والبنى التحتية الحساسة والخدمات والأنشطة الحكومية والجهات ذات الأولوية في القطاعين العام والخاص.
فقد نجحت الأنظمة السعودية في التغلب على العطل العالمي، بفضل الجهود الاستباقية المبذولة في مجال الأمن السيبراني، واعتماد أنظمة بديلة يمكن الانتقال إليها بسرعة وسلاسة.
وتجدر الإشارة إلى أن المملكة قد حققت في شهر يونيو الماضي، المرتبة الأولى عالميًا في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024، وذلك وفقًا لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2024 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD) في سويسرا.
ويعكس هذا الإنجاز الرؤية الثاقبة لقيادة المملكة العربية السعودية، وحرصها على مواكبة التطورات العالمية في مختلف المجالات، وأبرزها الأمن السيبراني، فقد أدركت المملكة أهمية هذا المجال في حماية مصالحها الحيوية وبنيتها التحتية، وخصصت له موارد كبيرة واهتمامًا خاصًا.