الأخبار التقنيةمنوعات تقنيةنصائح تكنولوجية

كل ما تود معرفته عن الانقطاع السيبراني الذي شهده العالم اليوم

تأثرت المطارات والبنوك والمتاجر وقطاعات الأعمال بعد أن تسبب خطأ برمجي في فوضى تكنولوجية عالمية، فقد تعرضت العديد من القطاعات حول العالم اليوم الجمعة لانقطاعات واسعة النطاق في أنظمة تكنولوجيا المعلومات؛ مما أدى إلى إلغاء قرابة 1400 رحلة جوية وتأثر قطاعات البنوك والرعاية الصحية والمتاجر. وقد أشارت شركة الأمن السيبراني كراود سترايك إلى وجود عُطل في أحد تحديثات برمجياتها؛ مما أثّر في أنظمة تشغيل ويندوز. وقالت الشركة إنها قامت بإصلاح المشكلة، لكنها اعترفت بأن ذلك قد يستغرق بعض الوقت حتى تعود الأنظمة للعمل بنحو كامل.

بدأت العديد من الأخبار العاجلة حول التأثيرات التي تعرضت لها القطاعات المختلفة في عدة بلدان حول العالم بالانتشار، وبدأ الأمر بظهور أخبار حول انقطاعات في خدمات تكنولوجيا المعلومات واسعة النطاق تُسجل عالميًا صباح اليوم؛ إذ واجهت البنوك الرائدة ووسائل الإعلام وخطوط الطيران انقطاعات في أنظمة تكنولوجيا المعلومات الرئيسية. وأوقفت الرحلات الجوية في مطار سيدني، وعلقت شركة الخطوط الجوية المتحدة رحلاتها، كما عانت منصة مجموعة بورصات لندن (London Stock Exchange) مشكلاتٍ أيضًا.

بعد بدء ظهور المشكلات التكنولوجية في مختلف القطاعات قالت وكالة فرانس برس إن مايكروسوفت تتخذ “إجراءات تخفيفية” بعد ظهور مشاكل في الخدمة. وأوضحت أن انقطاع الخدمة بدأ قرابة الساعة السادسة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (الحادية عشر مساء بتوقيت غرينتش) يوم الخميس. وقالت الشركة إنها تتحقق من وجود مشكلة في خدمات السحابة في الولايات المتحدة تؤثر في العديد من تطبيقاتها وخدماتها.

في المملكة المتحدة تأثرت القطارات صباح هذا اليوم وحذّرت إحدى شركات القطارات الكبرى الركاب من وجود اضطرابات؛ إذ تعاني المحطة مشكلات في أنظمة تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع. وأعلنت جميع العلامات التجارية الأربعة لشركة Govia Thameslink Railway وهي Southern و Thameslink و Gatwick Express و Great Northern على وسائل التواصل الاجتماعي الخبر التالي: 

“نحن نعاني حاليًا مشكلات في أنظمة تكنولوجيا المعلومات على نطاق واسع في شبكتنا بأكملها. “تقوم فرق تكنولوجيا المعلومات لدينا بالتحقيق بنشاط لتحديد سبب المشكلة”.

 وأضافت “لا يمكننا الوصول إلى مخططات السائقين في بعض المواقع، مما يؤدي إلى إلغاءات محتملة في اللحظة الأخيرة، خاصة على شبكتي Thameslink و Great Northern. “بالإضافة إلى ذلك، تتأثر أيضًا الأنظمة الرئيسية الأخرى، ويشمل ذلك منصات معلومات العملاء”، ثم أكدت أنها ستقدم تحديثات إضافية عندما تتمكن من ذلك.

مع انتشار الانقطاعات، أعلن مطار برلين تأخيرات بسبب “خلل تقني” فقد أبلغت عدة مطارات وخطوط جوية ألمانية عن مشكلات في أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها. ونشر مطار برلين على منصة إكس، أنه يواجه تأخيرات في تسجيل الوصول للمسافرين بسبب “خلل تقني”. 

وفي إسبانيا، أُبلغ عن عُطل في جميع مطارات البلاد. وقال مسؤول في مطار إسبانيا “نحن نعمل على حل المشكلة بأسرع وقت ممكن. وفي الوقت نفسه، تستمر العمليات باستخدام الأنظمة اليدوية”.

قناة CBBC، وهي قناة BBC المخصصة للأطفال والمراهقين، توقفت عن البث منذ صباح اليوم. وما تزال قنوات BBC الأخرى مثل BBC One و CBeebies تعمل بنحو طبيعي، ولكن قناة Sky News توقفت عن البث هذا الصباح في المملكة المتحدة بسبب انقطاعات في الخدمة. وقال رئيس مجلس الإدارة التنفيذي للشركة إن القناة لم تتمكن من البث المباشر هذا الصباح. لكنها عادت للعمل بعد انقطاع دام عدة ساعات.

كل ما تود معرفته عن الانقطاع السيبراني الذي شهده العالم اليوم

قالت مجموعة تلسترا الأسترالية، وهي شركة اتصالات، إنها تواجه أيضًا اضطرابات. وردًا على منشور على X، قالت الشركة: “مشكلات عالمية تؤثر في CrowdStrike و Microsoft تعطل بعض أنظمتنا. المشكلة تُسبب بعض التأخير لبعض عملائنا ونشكر لكم صبركم”.

وأما مطار إدنبره (Edinburgh Airport) في المملكة المتحدة فقد أبلغ عن وجود اضطراب في الخدمات حيث تسبب خطأ في الحواسيب في تعطل شاشات المغادرة. وتوقفت لوحات المغادرة في مبنى الركاب الرئيسي عن العمل، وعرضت معلومات قديمة عن أرقام البوابات وأوقات الإقلاع. وفي صباح اليوم، دوت صفارات الإنذار في مبنى الركاب الرئيسي، ويُعتقد أن ذلك قد حصل بسبب الخطأ نفسه. وقال مطار إدنبره إنه يعمل على حل المشكلة.

أضافت شركة الطيران الأوروبية ريانير إلى ذلك المنشور الصادر عن مطار إدنبره أنها تواجه “اضطرابات محتملة عبر الشبكة” وأشارت إلى أن ذلك يرجع إلى عطل ناتج عن طرف ثالث. 

وأما خطوط الطيران الأمريكية فقد أصدرت خبرًا عاجلًا عن توقف جميع الرحلات الجوية عالميًا في صباح اليوم، فقد أصدرت شركات الطيران في الولايات المتحدة، خبرًا عن توقف عالمي لجميع رحلاتها، وأشارت إلى أنها ستواصل الرحلات الجوية التي بالفعل انطلقت في الجو، ولكن لن تقلع أي رحلات جديدة في الوقت الحالي.

أعلنت جت ستار إلغاء جميع رحلات مدينة بريسبان في أستراليا بقية اليوم، وصدم الخبر مئات المسافرين الذين كانوا في منطقة المغادرة الداخلية لمطار بريسبان، إذ أكدت جت ستار إلغاء جميع الرحلات لهذا اليوم، ومع ذلك تمكنت شركات الطيران الأخرى من إقلاع طائراتها من عاصمة ولاية كوينزلاند وإليها، ولكن جت ستار واجهت صعوبات في إجراءات تسجيل الوصول في جميع أنحاء البلاد.

كتب الصحفي سيمون أتكينسون تقريرًا لمنصة BBC وصف فيه الوضع من مطار سيدني، وقال فيه: “لقد كانت حالة من الفوضى هنا في مطار سيدني. أولًا اختفت المعلومات من لوحة المغادرة، وأعلنت إحدى شركات الطيران وهي جيت ستار، أنها لا تستطيع تسجيل ركابها. وقد ألقت الشركة باللوم على مايكروسوفت. وبعد قرابة نصف ساعة، قالت فيرجين أستراليا إنه كان هناك “توقف كامل” مع “عدم وجود رحلات طيران داخلية أو خارجية”. 

وفي غضون الانقطاعات السيبرانية المتعددة في المطارات حول العالم كان مطار ستانستد تجري فيه بعض عمليات تسجيل الوصول يدويًا ولكن الرحلات ما تزال تعمل بنحو طبيعي. وقال متحدث باسم المطار اليوم لوكالة BBC إن “أنظمتنا التشغيلية الرئيسية لم تتأثر، لكن بعض خدمات أجهزة الدفع تأثرت”.

تأثرت المطارات في اليابان والهند أيضًا، ويقول مطار ناريتا الياباني إن بعض خطوط الطيران تواجه مشكلات في أنظمتها. وفي الهند، يقول مطار دلهي إن بعض الخدمات تأثرت مؤقتًا.

لم يقتصر تأثير الانقطاع السيبراني في المطارات وحسب، ففي المملكة المتحدة، تعاني سلسلة المخابز ومحلات القهوة “غيلز” مشكلات. فقد وضعت غيلز لافتة خارج نافذة واحد من متاجرها في لندن للإشارة إلى أنها غير قادرة على قبول الدفعات عبر الفيزا داخل المتجر. كما أفاد بعض الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي بعدم قدرتهم على الدفع في متاجر غيلز الأخرى.

تأثرت أنظمة تكنولوجيا المعلومات لدورة الألعاب الأولمبية في باريس أيضًا، فقد أفادت اللجنة المنظمة لدورة الألعاب الأولمبية في باريس بتأثر عملياتها التكنولوجية، لكن – مع تبقي أسبوع فقط على انطلاق الألعاب – تقول اللجنة إنها لديها خطط طوارئ، وفقًا لوكالة رويترز للأنباء.

كان هناك أيضًا تعطيل في خدمات الصيدليات فقد قال متحدث باسم جمعية الصيدليات الوطنية في المملكة المتحدة: “نحن على علم بأن خدمات الصيدليات قد تأثرت اليوم بسبب انقطاعات تكنولوجية عالمية، وأثّر ذلك في الوصول إلى الوصفات الطبية من الأطباء وتوصيل الأدوية.

وفي إيرلندا الشمالية تأثرت ثلثا عيادات الأطباء، وقد أفادت وزارة الصحة في بلفاست أن ما يقارب ثلثي عيادات الأطباء العامين في إيرلندا الشمالية تأثرت بانقطاع في أنظمة تكنولوجيا المعلومات. وتعذّر على العيادات الوصول إلى سجلات المرضى، وإصدار الوصفات الطبية الروتينية، أو الاطلاع على نتائج الاختبارات المعملية. كما تأثرت المستشفيات، حيث تأثرت خدمات العلاج الإشعاعي وحجز المرضى في غرف العمليات والوصول إلى جداول الموظفين. وقد طُلب من المرضى حضور المواعيد المجدولة ما لم يُطلب منهم خلاف ذلك. وأكدت وزارة الصحة استمرار عمل خدمات الرعاية الطارئة.

من ناحية أخرى، نُشر تقرير من محطة سانت بانكراس حول سائقي سيارات الأجرة في لندن الذين يواجهون صعوبات في قبول المدفوعات عبر بطاقات الدفع؛ إذ يعاني سائقو سيارات الأجرة في لندن صعوبات في قبول المدفوعات عبر بطاقة الفيزا، ويقول سائق الأجرة توني فييرا لقناة BBC إن عملاءه اضطروا إلى الدفع نقدًا. وقال سائق تاكسي آخر يُدعى تومي جونسون إن ما نسبته 95% من المدفوعات التي تصل إليه تتم عادةً عبر البطاقة. وقد كان محظوظًا لأن العديد من العملاء لديهم نقود، لكنه أضاف: “اضطررت إلى رفض توصيل بعض الأشخاص”.

لكن ماذا قالت شركة كراود سترايك بعد كل هذه الفوضى والانقطاعات الواسعة النطاق في مُختلف القطاعات حول العالم؟

مع تكدس الطوابير في المطارات، وتوقف قنوات التلفاز، وتأجيل المواعيد الطبية، سرعان ما أصبح اسم شركة كراود سترايك معروفًا لدى الجميع عندما أكدت أن خطأ في برنامجها هو المسؤول عن مشكلات في أنظمة تكنولوجيا المعلومات في أجهزة مايكروسوفت حول العالم.

تُشير تقارير إلى أن شركة الأمن السيبراني كراود سترايك، التي تنتج برامج مكافحة الفيروسات، قد أصدرت تحديثًا برمجيًا أدى إلى مشكلات خطرة تسببت بتعطل أجهزة ويندوز، مما أدى إلى ظهور مشكلة تقنية تُسمى (Blue Screen of Death) على الحواسيب.

يقول الرئيس التنفيذي لشركة كراود سترايك جورج كورتز إنه “يأسف بشدة” لهذا الاضطراب، وأشار إلى أن الانقطاع لا “يُعد خرقًا أمنيًا أو هجومًا إلكترونيًا”،وكان كورتز قد ذكر في منشور سابق عبر منصة إكس أن الانقطاعات ناتجة عن “عيب عُثر عليه في تحديث لأجهزة الحاسوب التي تعمل بنظام ويندوز”، ولم تتأثر الأجهزة التي تعمل بأنظمة لينكس أو ماك، وفقًا لبعض التقارير.

وتقول شركة كراود سترايك إنها قد أصلحت التحديث الخطأ، لكن قد يستغرق الأمر وقتًا طويلًا قبل أن تعود الأنظمة إلى العمل. ويشرح بعض المتخصصين في الأمن السيبراني مثل جو تايدي من BBC سبب استغراق الأمر أيامًا لإصلاح المشكلة، إذ يقول إنه حتى مع وجود إصلاح برمجي الآن، فإن استعادة تشغيل الحواسيب ستتطلب جهدًا كبيرًا جدًا. فقد تسبب البرنامج الخطأ من كراود سترايك في مشكلة “الشاشة الزرقاء” وانهيار الأنظمة، مما يعني عدم قدرتها على إعادة التشغيل لتثبيت التحديث الصحيح على الحواسيب، وتجب إعادة تشغيل الأنظمة المتأثرة في “الوضع الآمن” لإزالة التحديث الخطأ. وهذا الأمر يستغرق وقتًا طويلًا جدًا وستستغرق المؤسسات أيامًا للقيام بذلك على نطاق واسع.

وقد وصف أحد خبراء الأمن السيبراني أن ما حدث يُعدّ أحد حوادث تكنولوجيا المعلومات ذات التأثير الأعلى عالميًا والتي تسببت بها شركة متخصصة في الأمن السيبراني، وأما إيلون ماسك، رئيس تسلا ومنصة X، فقد وصف الأمر بجملة واحدة هي: “أكبر فشل تكنولوجي على الإطلاق”. فهل هو محق؟

من حيث التأثير المباشر في الناس، فقد كان كبيرًا جدًا، ولم يؤثر أي حادث آخر في مثل هذا النطاق الواسع من القطاعات والمجتمع. وكان انقطاع الخدمات الضخم الأخير قبل هذه الحادثة عندما تعطل موقع ميتا، الشركة المالكة لفيسبوك وواتساب وإنستجرام في عام 2021. وقد أثر ذلك في مليارات مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وملايين الشركات.

لكن انقطاع خدمة كراود سترايك هذا على مستوى آخر، وهو أقرب إلى حادثة وقعت في عام 2017 عندما أدى هجومان إلكترونيان متعمدان إلى إخراج مئات الآلاف من الحواسيب عن الخدمة، وكان له تأثير كبير في هيئة الخدمات الصحة الوطنية NHS.

ولكن هذا الحادث الذي وقع اليوم قد أثّر في عدد أكبر بكثير من الحواسيب والشركات حول العالم. وسيكون الاختبار الحقيقي لمعرفة إذا كان ماسك محقًا أم لا هو سرعة عودة الأمور إلى طبيعتها، وكم سيكلف إصلاح هذه الأعطال.

زر الذهاب إلى الأعلى