نصائح تكنولوجية

هل ستبدأ الدول الأخرى بإجبار فيسبوك وجوجل للدفع مقابل الأخبار مثل أستراليا؟

في صباح يوم 18 فبراير الحالي، استيقظ الأستراليون ليجدوا أن جميع القصص الإخبارية المحلية التي شاركوها على منصة فيسبوك قد اختفت فجأة، بالإضافة إلى محتوى صفحات وحسابات مجموعة واسعة من المؤسسات الحكومية التي تُشارك أخبارها مع المواطنين عبر المنصة، مثل: الإدارات الصحية الحكومية ومكاتب الأرصاد الجوية.

وقد قامت فيسبوك بهذا الأمر نتيجة لقانون مقترح تقدمت به الحكومة للبرلمان الأسترالي ينص على إجبار مواقع التواصل الاجتماعي وشركات التقنية الكبرى، وعلى رأسها شركتي: فيسبوك وجوجل على الدفع مقابل استخدام محتوى وسائل الإعلام المحلية.

كيف كانت بداية أزمة فيسبوك مع أستراليا؟

بدأت أستراليا هذه المحاولة الجريئة لإنقاذ الصحافة الحرة من شركات التقنية الكبرى في عام 2017 بعد أن قال المنظمون إن شركات، مثل: فيسبوك وجوجل تمارس سيطرة كبيرة على بث الأخبار إلى الجمهور.

وبدعم من أكبر حزبين في الدولة، أصدرت الحكومة قانونًا في الصيف الماضي لإجبار شركات التقنية الكبرى على الدفع للناشرين مقابل استخدام محتواها في موجزات الأخبار والملخصات ومحركات البحث.

ولكن في الوقت نفسه، تُجادل الشركات التقنية بالقول إن الدفع مقابل الروابط في البحث والمنشورات سيوثر سلبًا في شبكة الويب المجانية والمفتوحة، بينما تقول الحكومة الأسترالية وشركات الإعلام: “إن القانون يتعلق بالدفع مقابل المحتوى وليس الروابط”. ح يث ذكرت الحكومة الأسترالية أنه إذا لم تبدأ شركات التقنية في الدفع مقابل الصحافة، فسيؤدي ذلك إلى نهاية الصحافة الحرة.

وفي هذا الصدد ووفقًا لدراسة حديثة وُجد أنه في السنوات الخمس عشرة الماضية انخفضت عائدات إعلانات وسائل الإعلام الأسترالية بنسبة 75%، مما أدى إلى خسائر كبيرة في الوظائف نتيجة لتوقف الكثير من المنافذ الإخبارية عن العمل بعد تقلص عائدات إعلاناتها، بينما ارتفعت عائدات إعلانات شركتي جوجل وفيسبوك بشكل كبير، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المحتوى الذي أنشأته وسائل الإعلام.

كيف يُقرأ القانون الذي قدمته الحكومة الأسترالية؟

تتمحور مسودة القانون في أنه بدلاً من دفع المنصات الرقمية لدفع المزيد من الأموال لوسائل الإعلام من خلال تعزيز قوانين حقوق النشر، كما هو موجود في أوروبا، ابتكرت أستراليا قانونًا لمكافحة الاحتكار من شأنه تحسين القدرة التفاوضية لشركات الإعلام والتعامل مع كل مفاوضات كما لو كانت تسوية مالية في إطار مكافحة الاحتكار، أي ما يُعرف بمصطلح (الدعوى القضائية).

حيث يستخدم القانون نقطتين تم إنشاؤهما لإصلاح ما يقول المنظمون إنه اختلال كبير في توازن القوة بين شركات التكنولوجيا الكبيرة وشركات الإعلام، وهما:

أولًا: ينشر القانون طريقة تحكيم العرض النهائي، والتي تجبر كلا الجانبين على تقديم عرض نهائي إلى المحكم إذا لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق، ويمكّن المحكم من اختيار واحد، حيث يؤدي هذا المقياس إلى زيادة أسعار المفاوضات لصالح الشركات الإخبارية.

ثانيًا: إذا فشلت المفاوضات، فلا يمكن لشركة التقنية حظر محتوى هذا الناشر، بمعني يجب أن تستضيف جميع محتوى الصحافة الأسترالية على شبكتها أو لا تستضيف أي محتوى على الإطلاق.

كيف استجابت شركتي فيسبوك وجوجل لهذا الأمر؟

قامت كلا من فيسبوك وجوجل بالتهديد بالانسحاب من أستراليا، واتخذت فيسبوك خطوة أكثر جرأة بحظر منافذ الأخبار بشكل كامل في منصتها، ولكن لم تصمد جوجل طويلًا بل سارعت بعقد صفقات للدفع لشركات الإعلام على مستوى العالم ومن ضمنها الشركات الأسترالية.

ونتيجة لهذا لم تجد فيسبوك مفرًا سوى التفاوض مع الحكومة الاسترالية وعقد صفقة بموجبها أسقطت الحظر المفروض بعد خمس أيام فقط، وأعلنت ايضًا أنها راغبة بالشراكة مع ناشري الأخبار وتخطط لاستثمار مليار دولار إضافي في صناعة الأخبار على مدى السنوات الثلاث المقبلة كدليل على الالتزام بالصحافة.

إذًا، كيف يبدو مستقبل الصحافة مستقبلًا؟

يبدو أن تهديدات شركات التقنية الكبرى قد زادت من عزيمة الحكومات في مختلف أنحاء العالم لتشديد الخناق عليها، وجعلهم أكثر عزيمة على إطلاق قوانين تحد من سيطرتها واضطرارها بالناشرين المحليين.

ومن ثم نجد أن الحكومة الأسترالية قد قدمت نموذجًا للدول الأخرى حول كيفية التعامل مع هذه الشركات واستخدام قوانين المنافسة لإجبار شركات التقنية الكبرى على دفع مبالغ مالية كبيرة بما يكفي للصحافة الحرة من أجل البقاء. 

زر الذهاب إلى الأعلى