هل نجحت تطبيقات تتبع جهات الاتصال في الحد من انتشار كورونا؟
يعتبر الهدف من تطوير تطبيقات تتبع جهات الاتصال هو مساعدة الدول في التعامل مع جائحة فيروس كورونا والحد من انتشارها، من خلال تحديد الأشخاص المصابين أو المشتبه في إصابتهم لتسهيل عزلهم، ولكن حتى الآن لم تقدم هذه التطبيقات الكثير من المساعدة لمعظم الدول التي أطلقت تطبيقات خاصة بها.
فلماذا فشلت تطبيقات تتبع جهات الاتصال في الحد من انتشار جائحة كورونا؟ وهل لا يزال الكود البرمجي الذي قدمته كل من شركتي آبل وجوجل فعّالًا؟
مع بداية انتشار الجائحة على مستوى العالم، اتخذت بعض الدول الأوروبية والآسيوية قرارات لتطوير تطبيقات خاصة بها لتتبع جهات الاتصال، حيث بدأت بعض الدول، مثل: بريطانيا، في تقديم تطبيق خاص بها لتتبع جهات الاتصال، لكنه واجه العديد من الشكاوى المتعلقة بالخصوصية.
حيث أشار الكثيرون إلى مخاوف حول احتمال انتهاك خصوصيتهم من واقع أن البيانات تُعالج بصورة مركزية لدى الحكومة البريطانية، بعكس الكود البرمجي الذي قدمته كل من جوجل وآبل الذي يعتمد على نظام (لامركزي) في معالجة البيانات في تطبيقات تتبع جهات الاتصال التي تهدف إلى حماية بيانات المستخدم بصورة أساسية.
وفي حين أن شركة آبل معروف عنها أنها تأخذ خصوصية المستخدم على محمل الجد، إلا أن مشاركة شركة جوجل أثارت الكثير من الشكوك؛ نظرًا إلى تاريخها في تتبع مستخدميها للحصول على بياناتهم، ولكن بالرغم من ذلك حظيت جوجل بإشادة في هذا الأمر؛ لالتزامها الواضح بضمان الخصوصية عند إعلانها للكود البرمجي الخاص بتطبيق تتبع جهات الاتصال.
الكثير من التطبيقات، والقليل من النجاح:
في شهر مايو، ذكر تقرير أن أيسلندا قد حققت نجاحًا نسبيًا مع تطبيقها لتتبع فيروس كورونا، حيث قام ما يصل إلى 40% من سكانها البالغ عددهم 364،000 بتثبت التطبيق في هواتفهم، ولكن لكي يحقق التطبيق النجاح المطلوب لتتبع جائحة كورونا كان واجبًا على 60% من السكان أن يستخدموا التطبيق حتى يكون فعالًا.
كما شهدت سنغافورة، التي كان يُنظر إليها على أنها رائدة في تطوير تكنولوجيا التتبع، حوالي 2.1 مليون عملية تنزيل لتطبيقها، ويمثل هذا نحو 37% من سكان البلاد، وهو لا يزال أقل بكثير من الحد الأدنى الموصى به وهو 60%.
وعلى الرغم من أن إجراءات التتبع الرقمي قد ساعدت دولاً مثل: الصين وكوريا الجنوبية في الحد من انتشار فيروس كورونا، إلا أن المراقبين يقولون: إن هذا النجاح جاء على حساب انتهاك خصوصية مواطنيها.
وفي النرويج، اضطرت السلطات الصحية إلى سحب تطبيق تتبع الاتصال بعد تحذير من منظمي حماية البيانات، حيث صُنف تطبيقها بأنه “أكثر أدوات المراقبة الجماعية إثارة للإزعاج”، حيث استخدم التطبيق بيانات الموقع، وكذلك اتصال البلوتوث، وعالجها مركزيًا، مما سمح بتخزين الكثير من بيانات المواطنين.
وفي فرنسا شهد التطبيق الذي أطلقته السلطات الصحية فشلًا كبيرًا، حيث تلقى 14 شخصًا فقط من أصل 1.9 مليون شخص قاموا بتنزيل التطبيق إشعارات تبلغهم أنهم خالطوا شخصًا مصابًا بفيروس كورونا!
إذًا، هل يعتبر الكود البرمجي الذي طورته آبل وجوجل هو الحل الوحيد للنجاح؟
حتى الآن، يمكن القول إنه لا مفرَّ من الاعتماد على الكود البرمجي الخاص بشركتي آبل وجوجل، حيث نجد أن الكثير من الدول قد تراجعت عن تطوير أكواد برمجية خاصة بها لتتبع جهات الاتصال، وعلى رأسها المملكة المتحدة التي قالت: إنها ستعتمد على الكود البرمجي الخاص بشركتي آبل وجوجل في تطوير تطبيقها القادم.
أرادت المملكة المتحدة المضي قدمًا في تطوير نموذج مركزي يخزن البيانات في قاعدة بيانات مركزية، لكنها اكتشفت أن التطبيق كان أقل فعالية على أجهزة آيفون من أجهزة أندرويد بسبب إجراءات الخصوصية التي يفرضها نظام تشغيل (iOS)، ومن ثم أصبح البديل الوحيد هو الاستسلام لنهج شركتي جوجل وآبل.
ولكن مع ذلك، نجد أن الكود البرمجي الخاص بشركتي آبل وجوجل له حدوده، حيث يوجد الكثير من المخاوف التي تقول: إن الاعتماد على تقنية (البلوتوث) بدلاً من (تتبع الموقع) يمكن أن يؤدي إلى الكثير من النتائج الإيجابية الزائفة بسبب اتساع نطاق الكشف، ومع ذلك، يؤكد أنصار الخصوصية أنه أفضل خيار متاح الآن.
كما يقول الخبراء: إن على هذه التطبيقات أن تكون جزءًا من إستراتيجية صحية أوسع، تشمل: الاختبار الشامل، وفرض تدابير التباعد الاجتماعي، وغسل اليدين باستمرار، وغيرها من التدابير الموصى بها من منظمة الصحة العالمية للحد من انتشار فيروس كورونا.
اقرأ ايضًا: أندرويد يتيح تخزين معلومات التطعيم ضد فيروس كورونا