تحت الضوءرأي وحوارمنوعات تقنية

المضايقات الإلكترونية: ما يجب على المدارس والمعلمين القيام به

بقلم: سيسيليا باستورينو Cecilia Pastorino، الباحثة الأمنية لدى إسيت ESET


برتبط الإنترنت بحياتنا اليومية وحياة الأطفال ليست استثناء، ومع ميزاته الهامة و المختلفة، فإن التطور التكنولوجي لا يخلو من بعض المشكلات، وتشكل المضايقات الإلكترونية أحد أكثر التهديدات انتشارًا التي يواجهها الشباب والأطفال عبر الإنترنت.

وعندما يبدأ الطفل في التعرض للمضايقات في المدرسة، فإن هذه المضايقات تستمر عادةً على الشبكات الاجتماعية وتطبيقات الرسائل وأماكن أخرى على الإنترنت.

وقد تعتقد المؤسسات التعليمية أن قضايا العالم الرقمي تقع خارج نطاق التعليم المدرسي أو أنها لا تستدعي التدقيق، لكن في الغالب تكون للإساءة والمضايقة عبر الإنترنت تأثير أكبر على الضحايا من البلطجة الشخصية، وقد يتم تجاهلهما حتى فوات الأوان.

ويمكن أن يصبح كل شيء أكثر قوة على الإنترنت، ويمكن أن يصل منشور الوسائط الاجتماعية إلى مئات أو حتى آلاف الأشخاص في غضون دقائق وقبل أن تدرك ذلك.

وقد يتحدث كل هؤلاء الأشخاص ويعبرون عن آراء حول المنشور أو الصورة، ويتم تضخيم تأثير المحتوى المسيء على الضحية عندما تكون هناك زيادة في عدد الأشخاص الذين يشاهدون المنشور أو يعجبهم أو يشاركونهم أو يعلقون عليه.

وللأسف، فإنه من المستحيل إيقاف أو حذف المحتوى في حال انتشاره، حتى لو شعر المعتدون بالندم على أعمالهم.

وفي ملاحظة ذات صلة، فإن إختفاء الإحساس بالخجل الذي توفره الإنترنت والشبكات الاجتماعية بسبب إمكانية عدم كشف هويته قد يشجع و يعطي القدرة للعديد من الأطفال ليقولوا ويفعلوا أشياء في العالم الرقمي لن يفعلوها أبدًا في العالم الواقعي.

وفي ظل هذه الخلفية وكطريقة لتشجيع اتباع نهج استباقي في معالجة المضايقات الإلكترونية وغيرها من أنواع التحرش والبلطجة عبر الإنترنت، إليك أربعة مبادئ يمكن لكل مدرسة وطالب التقدم إليها من أجل التعامل مع هذه المشكلة:

1. تثقيف الطالب ليكون مواطن رقمي صالح:

نظرًا إلى أن العالم الرقمي أصبح جزء من حياتنا الحقيقية، يفإنه جب أن تكون القواعد المطبقة على الإنترنت هي نفسها التي نعرفها بالفعل في العالم الواقعي.

ومن المهم – عند تعليم الأطفال الاحترام والاتفاقيات الاجتماعية – تضمين عالم الإنترنت والتأكد من تعليمهم أيضًا كيفية التصرف والتواصل من خلال الوسائط الرقمية، ويجب أن تتجاوز الموضوعات التربوية الحدود التقليدية لتتناول أيضًا الأخلاق والاحترام في العالم الرقمي.

وتعد التدريبات الجماعية والأنشطة هي طريقة أخرى قوية لجعل المجموعات تعمل معًا، والغرض من هذه الأنشطة هو جعل جميع أعضاء الفصل يعملون معًا لتحقيق هدف مشترك باستخدام كل نقاط قوتهم الفردية وتقييم قدرات كل شخص على إكمال المهمة.

2. إعطاء الأولوية لزيادة الوعي بدلاً من إثارة الذعر:

يعد الوعي عنصر قوي للغاية، ليس لأنه يغير المفاهيم الاجتماعية فقط، بل لإنه يتيح أجواء إيجابية تساعد على الإستخدام الجيد للتكنولوجيا بدلاً من إثارة الذعر من استخدام التكنولوجيا أو نشر سوء التفاهم.

وتختار العديد من المدارس حظر استخدام التكنولوجيا، الأمر الذي قد يؤدي فعليًا إلى نتائج عكسية، مثل استخدام التلاميذ لهواتفهم في الخفاء.
ويتعرف الشباب على التكنولوجيا ويكيفوها لتناسب حياتهم اليومية، لذا من المهم أن نوضح للطلاب كيف يمكن استخدام التكنولوجيا من أجل الصالح العام، مثل تبادل المعرفة أو دعم بعضهم البعض، بالإضافة إلى أنه بإمكان المدرسين من خلال جلب التكنولوجيا إلى الفصول الدراسية التركيز على استخدامها الأخلاقي.

3. التضامن الجماعي في الإبلاغ عن المضايقات الإلكترونية:

وجد تقرير صادر عن مبادرة (Safe2Tell) أنه في 81 في المئة من حالات المضايقات في المدرسة، كان بعض الطلاب يعرفون بوجود تعدي، لكنهم قرروا عدم الإبلاغ عنه.

ويتعلق الصمت في معظم هذه الحالات بالخوف من أن تصبح الضحية التالية أو مواجهة العقاب من قبل البالغين، ويحتاج الأطفال في هذه الحالات إلى معرفة أن المشكلة ليست في التكنولوجيا لكنها في الأشخاص الذين يستخدمونها لتحقيق غايات خاطئة.

ويساهم تشجيع الحوار الحر في توفير مساحة للاستماع وأيضًا في معرفة الأطفال الذين يواجهون سلوكًا مسيئًا.

ومن الواجب الإبلاغ عن إساءة الاستخدام عبر الإنترنت على المنصة نفسها، إذ لدى جميع الشبكات الاجتماعية خيار الإبلاغ عن المشاركات والتعليقات وحتى الحسابات التي تضر أو تضايق شخصًا ما.

وتعد هذه الطريقة الوحيدة للتخلص من المحتوى المسيء على الشبكات الاجتماعية، لأنه بعد تلقي سلسلة من التقارير، يتم حذف المنشور أو الحساب، وتحافظ هذه التقارير على سرية مصادرها، لذلك لا داعي للخوف من الانتقام.

4. الحوار: أساس كل الدعم:

يحتاج الطلاب إلى معرفة من يمكنهم الوصول إليه قبل نشوء مشكلة، وتبقى الثقة هي المفتاح لفتح حوار، حيث وجد استطلاع حديث أن 25 في المئة من الأطفال والمراهقين يعتقدون أن الكبار في العمر يعرفون أقل مما يعرفونه عن التكنولوجيا.

ويجعلهم هذا التصور يشعرون أن مشاكلهم على الإنترنت يتم التقليل من قيمتها وفهمها، حيث يعتبر الأطفال ما يحدث على الإنترنت خطيرًا جدًا، إذ إن هوياتهم الرقمية بالنسبة لهم هي مثل هوياتهم في العالم الحقيقي.

ويجب على المعلم أو أي شخص بالغ مسؤول في حال تواصل معه أي طالب لديه مشكلة على الإنترنت أن يأخذها على محمل الجد مثل قضية حقيقية في العالم الواقعي والبحث عن الموارد اللازمة للتعامل معها.

ومن المهم أن تتذكر أنه بينما يعرف الشباب الكثير عن كيفية استخدام التكنولوجيا وكيف عملها، فإن البالغين يتمتعون بتجربة أكثر واقعية.

ويعد استكشاف موضوعات، مثل المخاطر التكنولوجية؛ والسلامة على الإنترنت؛ والسلوك المناسب عبر الإنترنت، أمرًا حيويًا لتشجيع الحوار.

ومن الضروري كسر الصمت حول البلطجة والتسلط عبر الإنترنت، من خلال التحدث عن الحالات وحلولها، ويحتاج المعلمون عند التواصل مع الطلاب حول ذلك إلى الوضوح و الصراحة والإهتمام.

زر الذهاب إلى الأعلى