أخبار قطاع الأعمالتحت الضوءدراسات وتقاريرمنوعات تقنيةنصائح تكنولوجية

4 توجهات ستؤثر على طريقة تعامل المؤسسات مع البيانات خلال 2019

لا يمكن للشركات أن تعمل بفعالية حاليًا دون تدفق دقيق للبيانات من أجل دعم اتخاذ القرار لحظيًا، ومع زيادة قيمة البيانات فإنه يتعين على الشركات معالجة تدفقات بيانات معقدة مع الأخذ بالاعتبار مخاوف الخصوصية، والتقنيات الجديدة التي تؤثر عليها، وبالنسبة لكل قسم في المؤسسة أصبحت البيانات هي الأولوية رقم واحد تقريبًا.

تعتبر تحليلات البيانات الآن أحد الأدوات الضرورية للمؤسسات والشركات، عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات تجارية كبيرة، حيث تلجأ الشركات إلى التحليلات عند محاولة كسب المزيد من الإيرادات، وخفض النفقات، ومن خلال هذه التحليلات يمكن للأنشطة التجارية معرفة الأماكن التي تعمل بها بشكل غير فعال، وبالتالي يتم اكتشاف البنود التي يمكن فيها تقليص النفقات.

ولكن ما مدى التزام هذه الشركات والمؤسسات باحترام خصوصية بيانات المستخدمين؟ وهل هناك التزام بقواعد الخصوصية التي فرضتها كثير من اللوائح والقوانين، أم مازال الأمر كما هو؟

فيما يلي بعض من التوجهات الرئيسية التي قد تؤثر على البيانات خلال 2019:

1- حماية خصوصية المستهلك وبدء تنفيذ لائحة حماية البيانات GDPR بشكل جدي.

مع دخول لائحة حماية البيانات GDPR حيز التنفيذ في شهر مايو 2018 بدأ المسؤولون عن التنظيم في إدراك التعقيدات المتأصلة التي تواجه المنظمات أثناء قيامهم بتنفيذ العمليات اللازمة لضمان الامتثال لللائحة. وقد يفسر هذا جزئيًا سبب تطبيق إجراء إنفاذ رئيسي واحد فقط على الشركات غير المتوافقة منذ سريان اللائحة.

ومع ذلك افترضت الرابطة الدولية لمحترفي الخصوصية IAPP مؤخرًا أن هذا الأمر سيصبح شائعًا بشكل متزايد، مستشهدة بالتحقيق الذي أجراه مكتب مفوض المعلومات في المملكة المتحدة (ICO)، لفهم الإطار الزمني بين وقت حدوث الانتهاك أو الاختراق، وعندما يتم إصدار شكوى، وعندما يتم فرض إجراء تنظيمي ضد المؤسسة، ونظرت الدراسة في أحدث 100 عملية إنفاذ من قبل ICO في محاولة لتحديد متى يمكننا أن نتوقع الإجراءات العقابية من قبل مسؤولي إنفاذ لائحة حماية البيانات.

ومن بين أحدث 100 عملية إنفاذ  كانت القطاعات الأكثر انتشارًا التي تنظمها ICO هي: التسويق، والعدالة الجنائية، والصحة، والخدمات المالية، والحكومة المحلية. وكانت أنواع الإجراءات الأكثر شيوعًا هي إشعارات الإنفاذ، والعقوبات النقدية، والملاحقات القضائية والتعهدات.

وتبين من الاستنتاج النهائي أنه عند تحديد متوسط بين الحد الأدنى للوقت – من حدوث المخالفة إلى تطبيق العقوبة – كان ستة أيام، ووصل الحد الأقصى إلى 1064 يوم، كما حددت رابطة IAPP أن التنفيذ المحتمل للإجراءات التنظيمية قد يكون في حدود 338 يومًا، أو تقريبًا في 22 فبراير 2019 ومع ذلك فمن المحتمل أن تقوم الجهات التنظيمية الإقليمية بتوفير درجة من التساهل حتى النصف الثاني من عام 2019، وذلك نظرًا لتعقيدات الاستعداد للوفاء بمتطلبات لائحة حماية البيانات من قِبل العديد من الشركات الكبيرة.

2- خصوصية المستهلك للبيانات “أثناء عدم الاتصال بالإنترنت” ستصبح ذات أهمية متزايدة.

مع استمرار التوسع في حجم بيانات المستهلكين التي تستخدمها المؤسسات والشركات وتنوعها، توجهت العديد من الشركات للبحث عن طرق جديدة لسد الفجوة بين البيانات المتوفرة أثناء الاتصال بالإنترنت، والبيانات المتوفرة أثناء عدم الاتصال التي استمرت لسنوات، حيث أصبح اكتساب القدرة على فهم سلوكيات العملاء أثناء انتقالهم من القنوات الرقمية للشراء إلى قنوات الشراء التقليدية بمثابة أمر جديد، مهم لخبراء استراتيجية التسويق الرقمي.

فعلى سبيل المثال: شراكة جوجل الأخيرة مع ماستركارد MasterCard تتيح لشركة جوجل تَعقب الموقع الجغرافي لبعض مستخدميها لحظيًا في أي وقت، ولهذا السبب أدركت MasterCard أنها يمكنها استخدام بيانات معاملات بطاقات الائتمان المجمّعة والمشفرة في محرك تحليلات جوجل Google analytics engine، ثم مطابقة تلك البيانات مع قاعدة بيانات البريد الإلكتروني لمطابقة المبيعات، دون اتصال بالإنترنت مع ملفات تعريف الأفراد، وسلوكيات النقر على الإعلانات.

وهذا يثير قضية هامة تتعلق بالخصوصية بين دعاة خصوصية المستهلك، والوكالات الحكومية التي تَسعى لحماية المواطنين من المُعلنين والمسوقين، بالإضافة إلى حمايتهم من سرقة الهوية والاحتيال، وهو ما تسعى إليه اللوائح الجديدة التالية للائحة حماية البيانات GDPR، بما في ذلك قانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا CCPA، الذي اتخذ موقفًا صارمًا بشأن القواعد المتعلقة بجمع بيانات العملاء، وتحقيق الدخل منها، وتَوعد بالعقوبات الشديدة للشركات التي لا تلتزم بهذه القواعد.

بموجب هذا القانون الذي سيسري العمل به ابتداءً من  يناير 2020، سيحق للمستهلكين معرفة ما تجمعه الشركات عنهم من بيانات شخصية، ولماذا يتم تجميعها؟ وما هي الشركات التي سيتم مشاركة هذه البيانات معها؟ كما سيكون لهم الحق في مطالبة الشركات بحذف بياناتهم، وعدم بيعها في أي وقت. ويقيد القانون مشاركة أو بيع بيانات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا.

وبما أن استراتيجيات التسويق الإلكتروني بكافة أنواعها ستستمر فيجب على الشركات والمؤسسات أن تلقي نظرة ثانية على مواقفها المتعلقة بالخصوصية والأمان؛ من أجل تجنب المعارك القانونية، والإجراءات العقابية التي وضعها المنظمون، وحماية سمعة العلامة التجارية.

وهذا يعني أنه يجب على الشركات أولاً: أن تتعامل مع جميع جوانب تجميع وتخزين وإدارة وتوزيع بيانات العملاء الشخصية، ولكن في النهاية يتطلب الأمر أيضًا بناء مزيد من الاستراتيجيات الطويلة الأجل التي تتمحور حول العملاء بناءً على الثقة، والتي تأخذ دائمًا في الاعتبار خصوصية وأمان العملاء.

3- ستستمر المكاتب الأمامية والخلفية في التقارب.

على مدار السنوات القليلة الماضية استثمرت المؤسسات بكثافة في إضفاء الطابع المركزي على بيانات عملائها عبر أنظمة المكاتب الأمامية Front Office؛ من أجل الاستفادة من البيانات لخدمة العملاء بشكل أفضل، ولأسباب متعلقة بالخصوصية.

لذلك من المتوقع أن يستمر هذا حيث تقوم العديد من المؤسسات والشركات بتوسيع استراتيجياتها الرقمية؛ لتجميع البيانات المتعلقة بالعملاء من طرف إلى طرف، ابتداءً من تفاعل العميل مع العلامة التجارية عبر الإنترنت، أو دون الاتصال بالإنترنت – سواء كان ذلك من خلال شراء منتج، أو خدمة، أو اشتراك – وحتى تواصله مع دعم وخدمة العملاء، ثم إتمام الشراء والفوترة، وما إلى ذلك.

على سبيل المثال: إن تفعيل الرؤية الكاملة للعميل – من الشراء في نظام التجارة الإلكترونية إلى التدفق الصحيح في تطبيق CRM، ثم إلى إبرام العقد، أو إتمام الشراء والفوترة  باستخدام أنظمة تخطيط موارد المؤسسات ERP Systems – يساعد على تبسيط هذه العمليات المتكررة للمعاملات التجارية، كما أنه يوفر نظرة أفضل لفريق المبيعات؛ لأنه أصبح الآن يحسّن مستوى الرؤية للعقود والاشتراكات التي تنتهي صلاحيتها، وبالتالي يمكنه وضع خططه بكفاءة أكبر.

4- زيادة دور الذكاء الاصطناعي في تحديد تجربة العملاء.

ساعد تطور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي الشركات في جمع بيانات أكثر من أي وقت مضى، وكانت هذه الزيادة الكبيرة في حجم البيانات التي يتم تجميعها هي السبب في زيادة اعتماد الشركات عليها، فعلى سبيل المثال يستفيد المسوقون من هذه التقنيات؛ لتقديم المزيد من توصيات المنتجات ذات الصلة، وتحديد القنوات الأكثر فعالية للتواصل مع العملاء المحتملين والعملاء.

ولكن هذه هي البداية فقط، حيث تَسعى الشركات والمؤسسات إلى استخدام هذه التقنيات بطرق أفضل؛ للتأثير بشكل مباشر على تجربة العملاء في الوقت الفعلي، وتستكشف بعض الشركات بالفعل هذه الطرق، فعلى سبيل المثال: تَستخدم شركة Spotify بالفعل الذكاء الاصطناعي لإنشاء قوائم تشغيل مخصصة كل أسبوع؛ استنادًا إلى سجل الاستماع السابق للعميل، وما يعجبه، وعلى ما استمع إليه الآخرون من ذوي الأذواق المتشابهة.

نظرًا لأن الشركات تعمل على الوصول إلى مستوى الرؤية الشاملة للعميل، وتتعامل مع البنية التحتية التكنولوجية الخاصة به؛ للتكامل بشكل أفضل مع التحليلات المتقدمة على نطاق واسع، فإن تجارب العملاء المدعومة من الذكاء الاصطناعي ستنتشر بشكل أكبر وأسرع. وفي المقابل سيكون لدى المزيد من المستهلكين تجارب موثوقة مع العلامات التجارية مما يعزز مستوى الولاء والرضا.

دور الشفافية:

تعتبر الشفافية هي مؤشر الربط المشترك بين الأربع توجهات التي ذكرناها أعلاه، كما أنها أحد العوامل الرئيسية في تشكيل تبادل البيانات أو محادثة البيانات Data Conversation، فمع تنامي الوعي تتحمل العلامات التجارية والمؤسسات مسؤولية تقديم شرح أوضح للمصطلحات حول كيفية مساهمة البيانات في زيادة القيمة للعملاء، وأصحاب المصالح على حد سواء، ودورها في تحديد توجهات عام 2019 والسنوات القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى