أخبار الإنترنتالأمن الإلكترونيدراسات وتقارير

الولايات المتحدة تتهم الصين بحملة قرصنة مستمرة

اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية اثنين من المتسللين المرتبطين بحكومة الصين بشن حملة قرصنة إلكترونية هائلة مستمرة عبر أوروبا وآسيا والولايات المتحدة تركز على سرقة الملكية الفكرية التجارية، والتي بدورها خرقت التزامات الصين الثنائية والدولية، حيث اتهمت وزارة العدل الأمريكية المتسللين الصينيين بالحصول على وصول غير مصرح به إلى أجهزة الحاسب في ما لا يقل عن 45 كيانًا، بما في ذلك شركات التكنولوجيا التجارية والدفاعية والوكالات الحكومية الأمريكية مثل ناسا والبحرية الأمريكية.

وتزعم وزارة العدل الأمريكية أن مجموعة من المتسللين المعروفين باسم APT10 أو Advanced Persistent Threat 10 يعملون تحت إدارة وحماية وكالة الاستخبارات الرئيسية في الصين، وهي وزارة أمن الدولة الصينية MSS، سرقوا معلومات من أكثر من 45 شركة في الولايات المتحدة، كما اتهمتهم باختراق 12 شركة ووكالات حكومية في الولايات المتحدة وحول العالم.

ووفقا للائحة الاتهام، فقد استهدفوا أيضًا أعضاء الخدمة العسكرية الأمريكية، وسرقوا بيانات حساسة تابعة للبحرية، بما في ذلك الأسماء وأرقام الضمان الاجتماعي وتواريخ الميلاد ومعلومات الرواتب وأرقام الهواتف الشخصية وعناوين البريد الإلكتروني لأكثر من 100 ألف فرد من أفراد البحرية، وأوضحت وزارة الأمن الداخلي أنها سوف تنشئ موقعاً جديداً على الإنترنت للمساعدة في دعم الشركات الأمريكية التي قد تكون تأثرت.

وقال كريستوفر راي Christopher Wray، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI: “إن هدف الصين، ببساطة، هو استبدال الولايات المتحدة كقوة عظمى رائدة في العالم، وهم يستخدمون أساليب غير مشروعة للوصول إلى هذا الهدف”.

فيما قال نائب المدعي العام رود روزنشتاين Rod Rosenstein إن المتهمين عملوا لحساب شركة هواينج هايتاي Huaying Haitai في تيانجين بالصين، وهي شركة برمجيات صغيرة تأسست في عام 2010 برأس مال أولي قدره حوالي 140 ألف دولار، وتصرفوا نيابة عن مكتب وزارة أمن الدولة الصينية في تيانجين، وهاجموا صناعات مثل البنوك والتمويل والاتصالات والالكترونيات الاستهلاكية والمعدات الطبية والتغليف وكذلك الوكالات الحكومية.

وقالت لائحة الاتهام إن المتهمين سرقوا بيانات من شركات في الولايات المتحدة والبرازيل وكندا وفنلندا وفرنسا وألمانيا والهند واليابان والسويد وسويسرا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة، وبالرغم من أن اللائحة امتنعت عن تحدد شركات معينة، فإن المعلومات تشير إلى أن المتسللين قد اخترقوا شبكات شركة هيوليت باكارد و IBM، ثم استخدموا الوصول إلى أجهزة الحاسب الخاصة بالعملاء من أجل الحصول على البيانات.

وأضاف روزنشتاين: “أكثر من 90 في المئة من القضايا التي قدمتها الوزارة ضد التجسس في السنوات السبع الماضية كانت تشمل الصين، وترتبط أكثر من ثلثي الحالات التي تنطوي على سرقة الأسرار التجارية بالصين”، واتهمت وزارة العدل الأمريكية الصين بخرق ميثاق 2015 للحد من التجسس الإلكتروني على الشركات.

واتهم ممثلو الادعاء في لائحة الاتهام الأمريكية زهو هوا Zhu Hua وتشانغ شيلونج Zhang Shilong بالتصرف نيابة عن وزارة أمن الدولة الصينية للتجسس على بعض أكبر الشركات في العالم من خلال اختراق شركات التكنولوجيا بالاستعانة بمصادر خارجية مثل البريد الإلكتروني والتخزين ومهام الحوسبة الأخرى.

وتقول أوراق المحكمة التي رفعت في محكمة مانهاتن الاتحادية إن الضحايا يتوزعون على مجموعات متنوعة من الصناعات مثل الطيران والفضاء والتكنولوجيا الصيدلانية، ويزعم المدعون أن المتسللين تمكنوا من سرقة مئات الجيجابايت من البيانات.

ووصف كبار مسؤولي تطبيق القانون الذين شهدوا أمام الكونغرس في وقت سابق من هذا الشهر الصين بأنها أخطر تهديد للأمن القومي يواجه الولايات المتحدة، مشيرين إلى جهود القرصنة المدعومة من الدولة مثل هجمات مجموعة APT10 والتجسس الصناعي الذي يكلف الولايات المتحدة حوالي 225 مليار دولار سنويًا وفقًا لبعض التقديرات.

وقال بيل بريستاب Bill Priestap، وهو مساعد مدير قسم مكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أمام اللجنة القضائية التابعة لمجلس الشيوخ في 12 ديسمبر/كانون الأول: “تستغل الحكومة الصينية ووكلائها بقوة اقتصاد بلادنا وتكنولوجياها ومعلوماتها”، وأضاف، إلى جانب مسؤولين من إدارات وزارة الأمن الوطني والعدل، أن جهود القرصنة والتجسس الصينية تركز بوضوح على قطاعات معينة، كما تستفيد من جواسيس غير تقليديين، بما في ذلك الصينيون في الجامعات والشركات.

وانضمت أستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا إلى الولايات المتحدة في إدانتها لبكين، حيث استنكر المسؤولون في البلدان الهجمات الإلكترونية المزعومة، ودعوا الصين إلى وقف حملتها الخاصة بالقرصنة العالمية، وقال مسؤول حكومي بريطاني إن المجموعة تم تنظيمها كشركة أكثر من كونها عصابة من أجل القيام بحملات مكثفة من التدخل العالمي في أنظمة الحاسب منذ عام 2006 على الأقل.

وأضاف أن هذه الحملة هي الأخطر والأوسع انتشارًا على الإطلاق ضد شركات ذات أهمية عالمية، فيما قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت Jeremy Hunt: “هذه الحملة هي واحدة من أهم عمليات الاختراق على الإنترنت ضد المملكة المتحدة وحلفائها التي تم الكشف عنها حتى الآن، وهي تستهدف الأسرار التجارية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم، ويجب أن تتوقف هذه الأنشطة”.

وأشار مسؤولون بريطانيون إلى إن هذه القضية قد أثيرت بشكل خاص على أعلى المستويات مع الصين خلال العامين الماضيين، بما في ذلك رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي Theresa May، وأضافوا أن القرصنة لم تتوقف، وهذا هو سبب الإعلان الحالي ضد الصينيين، وأوضحت بريطانيا أنها لن تتخذ أي إجراء عقابي فوري، لكنها سوف تجري مراجعة حكومية لأمن الشركات الكبرى في 2019.

وأكد مكتب أمن الاتصالات الحكومي النيوزيلندي GCSB، أنه وجد صلات بين وزارة أمن الدولة الصينية وحملة عالمية لسرقة الملكية الفكرية التجارية، وأضاف أنه اكتشف هذا النشاط في أوائل عام 2017، وقال المدير العام للمكتب أندرو هامبتون Andrew Hampton: “هذه الحملة التي طال أمدها استهدفت بيانات الملكية الفكرية والبيانات التجارية لعدد من مقدمي الخدمات العالميين، وبعضهم يعمل في نيوزيلندا. إن مركز الأمن السيبراني الوطني قد أصدر نصائح للمنظمات النيوزيلندية حول كيفية حماية شبكاتهم”.

واتهمت بكين بدورها الولايات المتحدة بتلفيق مزاعمها بأن الصين سرقت أسرار وتكنولوجيات من 12 دولة على الأقل من خلال حملة القرصنة، واتهمت واشنطن مباشرة بالقرصنة السيبرانية، وقالت وزارة الخارجية الصينية إنها تعارض بحزم الاتهامات المضللة من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، وحثت واشنطن على سحب اتهاماتها، موضحة أن بكين قد قدمت احتجاجات صارمة لواشنطن.

وقالت الوزارة: “قامت الولايات المتحدة بتوجيه اتهامات زائفة ضد الجانب الصيني على خلفية ما يسمى بسرقة الإنترنت. يمثل هذا التحرك انتهاك خطير للمعايير الأساسية للعلاقات الدولية وسيضر بشكل خطير بالتعاون الصيني الأمريكي. إننا نحث الجانب الأمريكي على تصحيح تصرفاته الخاطئة على الفور، والتوقف عن تشويه سمعة الصين فيما يتعلق بأمن الإنترنت، حيث لم يعد سرًا أن الولايات المتحدة تقوم بحملات واسعة النطاق تراقب من خلالها الحكومات الأجنبية والشركات والأفراد، ولن تقبل الصين بذلك أبدًا”، مضيفة أنها الصين سوف تتخذ التدابير اللازمة لحماية أمنها ومصالحها الإلكترونية.

فيما قالت هوا تشون يونغ Hua Chunying، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية في بيان: “الصين تحافظ بقوة على الأمن السيبراني وتعارض دائمًا وتقمع أي شكل من أشكال سرقة الانترنت. لم تشارك الحكومة الصينية أو تدعم أي سرقة للأسرار التجارية”.

وسعت الشركات في جميع أنحاء العالم على مدى السنوات القليلة الماضية إلى خفض الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات، مما أدى إلى اعتمادها بشكل متزايد على مقاولين خارجيين لتخزين ونقل بياناتهم، ووفقًا للخبراء، فإنه عندما يتم اختراق موفر خدمة ما، فإن ذلك يوفر للمهاجمين إمكانية الوصول إلى الضحايا الثانويين الذين هم عملاء هذه الشركة وترتبط أنظمة الحاسب لديهم بها.

زر الذهاب إلى الأعلى