أخبار الإنترنتدراسات وتقاريرعالم الكمبيوترمنوعات تقنية

الهند تتجسس على أجهزة حواسيب مواطنيها

أذنت حكومة الهند لعدد من الوكالات الحكومية باعتراض ومراقبة وفك تشفير جميع البيانات الموجودة على جميع الحواسيب في البلاد، مما تسبب بموجة صدمة للمواطنين ومراقبي الخصوصية، وتفيد التقارير أن وزارة الشؤون الداخلية في حكومة ناريندرا مودي Narendra Modi قد وسعت مجال المادة 69 من قانون تكنولوجيا المعلومات في البلاد لعام 2000 مطالبة المشترك أو مزود الخدمة أو أي شخص مسؤول عن الحاسب توسيع نطاق جميع التسهيلات والمساعدات الفنية للوكالات الحكومية، وقد يؤدي عدم الامتثال للوكالات إلى السجن لمدة سبع سنوات وغرامة مالية غير محددة.

وقالت وزارة الشؤون الداخلية في الهند، وهي سلطة حكومية اتحادية تسيطر على الأمن الداخلي في الهند، في توضيح إن كل حالة من حالات الاعتراض والمراقبة وفك التشفير يجب أن تتم الموافقة عليها من قبل السلطة المختصة متمثلة بوزير الداخلية في الاتحاد، فيما أوضحت أن هناك 10 وكالات تم تفويضها بهذه السلطات الجديدة، بما في ذلك مكتب الاستخبارات ومكتب مكافحة المخدرات ومديرية تطبيق القانون وإدارة الاستخبارات المالية ومكتب التحقيقات المركزي ووكالة التحقيق الوطنية.

وأوضح رافي شانكار براساد Ravi Shankar Prasad، وزير تكنولوجيا المعلومات الهندي، أن هذا الإجراء اتخذ من أجل مصلحة الأمن القومي، وقال إن هناك بالفعل شكلاً من أشكال التنصت في البلاد منذ عدة سنوات، وأن النظام الجديد سوف يساعد في تحقيق البنية اللازمة لتلك العملية، وشرح في مقابلة تلفزيونية: “تذكروا دائمًا شيئًا واحدًا، إذ حتى في حالة شخص معين، فإن أمر الاعتراض لن يكون ساريًا ما لم يؤكده وزير الداخلية راجيف غوبا Rajiv Gauba”.

وأثار التحرك الحكومي الجديد انتقادات كبيرة من قبل ناشطي الخصوصية في الهند والأحزاب المعارضة، الذين قالوا إن ذلك يمكن الدولة من بسط رقابتها الشاملة، وينتهك الحق الأساسي في الخصوصية التي يضمنها الدستوري لمواطني الهند البالغ عددهم 1.3 مليار مواطن، وقال تشيتانشول سينها Chitranshul Sinha، المحامي في المحكمة العليا في الهند: “ما يفعله هذا الأمر هو توفير غطاء واسع للأمن ووكالات التحقيق للوصول إلى البيانات والمعلومات التي يحميها الحق الأساسي في الخصوصية دون تقديم سبب لمثل هذا الإجراء الصارم”.

ووصف هذا الأمر بأنه غير دستوري، فيما حذرت مؤسسة حرية الإنترنت، وهي منظمة غير ربحية تحمي حقوق المواطنين والحريات الرقمية على الإنترنت في الهند، من أن الأمر يتجاوز الاتصال الهاتفي، ويشمل ذلك التجسس على المحتوى، وقد يتضمن حتى كسر التشفير في بعض الحالات، وقالت المجموعة: “تخيل استعلامات البحث التي بحثت عنها على جوجل على مدى السنوات، مختلطة مع البيانات الوصفية الخاصة بك على واتساب، ومن الذي تتحدث إليه، ومتى، بالإضافة إلى كميات كبيرة من بيانات رسائل البريد الإلكتروني وفيسبوك”.

وأضافت المؤسسة “بالنسبة لنا، هذا الأمر غير دستوري ويخرق إرشادات التنصت على الهاتف، وحكم الخصوصية، وحكم Aadhaar”، وأكدت أنها تعمل مع المتطوعين والمحامين لمزيد من التدقيق في الأمر، كما أعربت الأحزاب السياسية المعارضة عن قلقها بشأن الأمر، حيث قال حزب المؤتمر السياسي: “من الواضح أن سلسلة الخسائر قد تركت حكومة حزب بهاراتيا جاناتا يائسة للحصول على معلومات”.

وأضاف بي تشيدامبارام P Chidambaram، زعيم الحزب الذي ترأس وزارة الشؤون الداخلية في عام 2009: “إذا كان أي شخص سوف يراقب الحاسب، بما في ذلك جهاز الحاسب الخاص بك، فسوف تكون هذه دولة جورج أورويل. جورج أورويل قاب قوسين أو أدنى. إنه أمر مدان”، فيما انتقد راؤول غاندي Rahul Gandhi، رئيس حزب المؤتمر الوطني الهندي، أكبر حزب معارض، رئيس الوزراء.

ووصف أحمد باتل Ahmed Patel، وهو عضو برلمان في الهند، الأمر بأنه اعتداء مباشر على الحريات المدنية والحرية الشخصية للمواطنين، ولمح بشكل مباشر إلى الأخ الأكبر Big Brother، وهو الشخصية الخيالية الرمزية في رواية جورج أورويل 1984، والذي يمثل ظاهريًا زعيم أوقيانوسيا، الدولة الاستبدادية حيث يمتلك الحزب الحاكم إنجسوك السلطة الكاملة على السكان.

ويوسع الأمر الجديد صلاحيات الوكالات السابقة إلى حد كبير، والتي كان يسمح لها في وقت سابق باعتراض المكالمات أو البيانات فقط، بينما يمنح الأمر الجديد للوكالات الحكومية سلطة التنصت على المكالمات وقراءة الاتصالات عبر الإنترنت والوصول إلى البيانات المخزنة على جهاز الحاسب، سواء كان الشخص متصلاً بالإنترنت أم لا، بالإضافة إلى اعتراض أي معلومات رقمية يشاركها المستخدم مع الآخرين والعكس صحيح.

وتأتي هذه الخطوة من جانب الحكومة الهندية بعد أيام من اتخاذ الحكومة الأسترالية، الأولى عالمياً، نهجًا أكثر صرامة حول طريقة التعامل مع خدمات الاتصالات داخل حدودها، إذ أقر البرلمان الأسترالي في وقت سابق من هذا الشهر قوانين تمنح الشرطة وأجهزة الأمن في البلاد القدرة على الوصول إلى الرسائل على منصات التراسل المشفرة، وقالت الحكومة إنها تتخذ هذه الخطوة في محاولة لمكافحة الإرهاب والجرائم الأخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى