أخبار الإنترنتأخبار قطاع الأعمالدراسات وتقاريرمنوعات تقنية

الصين تبدأ حربها على شركات تصنيع الرقاقات

استهلت الصين حربها على شركات تصنيع الرقاقات باتهامها شركات ميكرون وسامسونج و SK Hynix بسلسلة من الانتهاكات في قضايا مكافحة الاحتكار، مستشهدة بأدلة هائلة لم يكشف عنها ضدهم، وتصنع هذه الشركات مجتمعة ما يصل إلى 95 في المئة من مجمل الإنتاج العالمي لرقاقات DRAM، وهي النوع الأكثر شعبية من رقاقات الذاكرة في الأجهزة الحديثة، ويواجه مصنعو الرقاقات مستقبلًا غامضًا في ظل التوترات التجارية، وذلك بعد سنوات من النمو القوي الذي بلغ متوسطه 13 في المئة سنويًا، وساعد على جعل قيمة السوق العالمية لأشباه الموصلات تصل إلى 412 مليار دولار.

وواجهت أكبر شركات تصنيع الرقاقات خسائر كبيرة في قيمتها السوقية تقدر بمليارات الدولارات خلال الأسابيع الأخيرة، ويقول المحللون إن ركود المبيعات العالمية للأجهزة اللوحية والهواتف الذكية، وهو اتجاه يطلق عليه المحللون اسم “ذروة آيفون”، لا يمثل سوى جزء من المشكلة، حيث تحتل صناعة أشباه الموصلات قلب الاقتصاد العالمي الحديث، وذلك تبعًا إلى تواجدها ضمن مليارات الأجهزة الاستهلاكية مثل الهواتف والسيارات والأجهزة اللوحية وأجهزة الألعاب.

وتعمل هذه الصناعة على توليد مليارات الدولارات من الصادرات لبعض أكبر الشركات في العالم مثل سامسونج وكوالكوم وإنتل، وقد تأثرت العديد من الشركات الكبرى في هذا المجال مثل ميكرون تكنولوجيز الأمريكية وشركة سامسونج للإلكترونيات الكورية الجنوبية تبعًا للحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، واتهم مكتب مكافحة الاحتكار في العاصمة الصينية بكين صانعي الرقاقات بتثبيت الأسعار على مدى عدة سنوات، ويعد من غير الواضح بعد نوعية الإجراءات التي تعتزم الصين اتخاذها ضد هذه الشركات.

ويعتبر تواجد شركة ميكرون تكنولوجيز في قلب التحقيقات مسألة مثيرة للاهتمام بشكل خاص للمراقبين لأنها قد تشير إلى قيام الحكومة الصينية برد انتقامي على التحقيق المستمر في التجسس الصناعي من قبل وزارة العدل الأمريكية، حيث أدانت وزارة العدل الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر شركة صناعة الرقاقات الصينية المدعومة من الدولة فوجيان جينهوا Fujian Jinhua وشركة United Microelectronics Corp التايوانية، وهما شركتان متهمتان بالتآمر لسرقة الأسرار التجارية من شركة ميكرون تكنولوجيز.

ونفت شركة Fuijan Jinhua هذه الادعاءات، وقال متحدث باسمها إن الشركة تعلق دائما أهمية كبيرة على حماية حقوق الملكية الفكرية، وكانت شركة ميكرون تكنولوجيز الواقع مقرها الولايات المتحدة قد رفعت في شهر ديسمبر/كانون الأول 2017 دعوى قضائية على شركة Fuijan Jinhua وشركة United Microelectronics Corp في المحكمة الفيدرالية الأمريكية، واتهمت هذه الشركات بإقناع موظفي ميكرون السابقين بسرقة ملفات سرية من أجهزة الحاسب المحمولة ومحركات الأقراص المحمولة من أجل نقلها إلى الشركات المنافسة.

وتعتبر النزاعات المستمرة بين صانعي الرقاقات الأمريكيين والصينيين علامة واضحة على أن شركات التكنولوجيا أصبحت عالقة في حرب تجارية قد تعطل سوقًا عالمية حاسمة، حيث كافحت الصين من أجل تأسيس شركة عملاقة لصناعة الرقاقات يمكن أن تنافس الشركات في الولايات المتحدة، مما يساعدها على التخفيف من اعتمادها على الواردات الأمريكية لتزويد شركات التصنيع المحلية، إذ هناك ست شركات أمريكية من أصل أكبر عشر شركات مصنعة لأشباه الموصلات في العالم، إلى جانب تواجد شركة تايوانية وشركة يابانية واثنتين من كوريا الجنوبية.

وشكلت مسألة عدم تواجد شركة صينية ضمن قائمة أكبر عشر شركات عالمية مصنعة للرقاقات مشكلة بالنسبة للصين بالنظر إلى دورها القوي في صناعة الإلكترونيات العالمية، وفي نفس الوقت، فإن الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة ماسة إلى حماية صناعة الرقاقات الخاصة بها، والتي توظف 250 ألف أمريكي بشكل مباشر وتدعم وظائف أخرى، وتعتبر حلقة أساسية في صناعة تكنولوجيا المعلومات الأوسع في أمريكا.

وتعد مسألة الابتعاد عن العاصفة الجيوسياسية ليست هي المشكلة الوحيدة التي تواجه بعض صناع الرقاقات، حيث تواجه شركات تصنيع الرقاقات مشاكل مختلفة للغاية، إذ تعاني شركة إنفيديا Nvidia، والتي تصمم وتصنيع رقاقات معالجة الرسوميات، من الهبوط المستمر في أسعار العملات الرقمية المشفرة، حيث يساعد هذا النشاط التجاري على حدوث مبيعات قوية لبطاقات الرسوميات الخاصة بإنفيديا، وذلك تبعًا إلى إمكانية استخدام الأجهزة ذات العتاد القوي لتعدين العملات الرقمية المشفرة.

وقد أدى الطلب القوي على بطاقات رسوميات إنفيديا إلى رفع الأسعار إلى عدة أضعاف بالمقارنة مع أسعارها الأصلية، مع ارتفاع قيمة بعضها من 200 دولار إلى 800 دولار في بعض الأسواق، بينما أدى انخفاض أسعار العملات الرقمية المشفرة إلى انخفاض مبيعات منتجات إنفيديا من الفئة المتوسطة.

وكان الرئيس التنفيذي للشركة جنسن هوانغ Jensen Huang قد حذر من أن إنفيديا تعاني الآن من تبعات العملات الرقمية المشفرة، وكان المحللون يتكهنون على مدى أشهر بمقدار مبيعات الشركات المتعلقة بالعملات الرقمية المشفرة، لتعلن الشركة في الأسبوع الماضي عن توقعات بقيمة 2.7 مليار دولار في الربع الحالي، وهو رقم يعتبر أقل بكثير من توقعات المحللين التي بلغت 3.4 مليار دولار.

وقال جنسن هوانغ: “لقد استمرت مشكلة العملات الرقمية المشفرة لفترة أطول مما توقعنا”، وانخفضت أسهم إنفيديا بمقدار 18 في المئة بعد الأخبار، مما أدى إلى خسارتها 23 مليار دولار أمريكي من قيمتها السوقية، وقد أثرت العملات الرقمية المشفرة بشكل كبير في أزمة إنفيديا، إذ قام العديد من مصنعي أجهزة الألعاب بطلب كميات أكبر من اللازم تبعًا لصعوبة الحصول عليها حينها، ولكن عندما انخفض الطلب على منتجاتها من قبل مشجعي العملات الرقمية المشفرة تحسن العرض وانخفض طلب صناع أجهزة حواسيب الألعاب، مما تسبب للشركة بخسارة كبيرة.

وتشهد أعمال تصنيع الرقاقات ارتفاعًا وانخفاضًا في الطلب بشكل مستمر، وتعرضت الشركات المصنعة التي تزود أكبر شركات التكنولوجيا في العالم لمشكلات، حيث أفادت التقارير أن شركة آبل قد خفضت طلبات الإنتاج الخاصة بجميع هواتفها الجديدة، وذلك وفقاً لمورديها في آسيا، وترك انخفاض الطلب من شركة آبل ثغرات في سجلات طلبات الموردين، وقد حذر المحللون لأسابيع طويلة من تخفيضات حادة في إنتاج أجهزة آيفون الجديدة، ويبدو أن هذه التخفيضات قد بدأت تتحقق الآن.

وقامت شركة Lumentum Holdings، وهي أحد الموردين، بتقليص توقعاتها، محذرة من أن أحد أكبر عملائها قد طلب تقليل الشحنات بشكل كبير، حيث خفضت الشركة صافي أرباحها المتوقعة في الربع الثاني من عام 2019 من 430 مليون دولار إلى 355 مليون دولار، وعانت من انخفاض قدره 28 في المئة في سعر سهمها، مع العلم أن موري آيفون لا يقومون عادًة بتسمية آبل بالاسم في توقعاتهم، لكن هذه الخطوة كانت تحتوي على جميع العلامات المتعلقة بقيام شركة آبل بتخفيض أوامر الإنتاج الخاصة بأجهزتها الجديدة، وانخفضت أسهم شركة آبل بنسبة 10 في المئة منذ أن أعلنت عن أرباحها في بداية الشهر.

زر الذهاب إلى الأعلى