أخبار الإنترنتدراسات وتقاريرمنوعات تقنية

دراسة: تعدين بيتكوين أكثر استنزاف للطاقة من تعدين الذهب

أظهرت دراسة جديدة أن تعدين العملات الرقمية المشفرة هي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة أكثر بكثير من تعدين نظيراتها اللامعة مثل النحاس أو الذهب أو البلاتين، حيث درس الباحثون متطلبات الطاقة غير العادية لسنوات لإحدى شركات تعدين عملة بيتكوين Bitcoin، وتساعد هذه المقارنة الأولى من نوعها في وضع عمليات التعدين في سياقها الطبيعي، وتوضيح خسائرها بالنسبة للبيئة.

وتعتبر العملات الرقمية المشفرة شكل من أشكال الدفع تعتمد على تقنية البلوك تشين blockchain أو سلسلة الكتل، وهي عبارة عن دفتر الأستاذ الرقمي الذي يتتبع المعاملات للتحقق منها، وتضيف عملية تعدين العملات الرقمية المشفرة بشكل أساسي كتلة جديدة إلى سلسلة الكتل أو البلوك تشين فيما يحصل الشخص الذي يقوم بعملية التعدين على العملات الرقمية.

وتتم عملية التعدين بأكملها في العالم الافتراضي، حيث تقوم أجهزة الحاسب بإجراء عمليات حسابية معقدة ومكثفة، ويحصل الحاسب الذي يحل المشكلة أولًا على الكتلة المذكورة، وتأخذ تلك العمليات الحسابية كمية هائلة ومتنامية من الطاقة، وتظهر التقديرات السابقة أن صناعة البيتكوين تستهلك طاقة تعادل الطاقة اللازمة لبلد صغير أو متوسط الحجم.

وركزت محاولات قياس كمية الطاقة اللازمة لتشغيل شبكة بيتكوين على حجم الشبكة بشكل إجمالي، وأشار أحد التقديرات الصادر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017 إلى أن استهلاك الطاقة في الشبكة يعادل مثيله في دولة أيرلندا، فيما أشار تقدير آخر إلى أنه ينتج انبعاثات كربون سنوية تماثل الانبعاثات الصادرة عن مليون رحلة عبر المحيط الأطلسي.

وفي سبيل توسيع فهمنا لاستهلاك الطاقة، فإن البحث الجديد يستخدم بيانات حول استخدام الطاقة لتعدين بيتكوين Bitcoin بالإضافة إلى اثيريوم Ethereum، ولايتكوين Litecoin، ومونيرو Monero، وهي ثلاث عملات رقيمة مشفرة أخرى مشهورة.

ووجدت الدراسة أنه على مدار الـ 30 شهرًا الماضية، ازداد استهلاك الطاقة اللازمة لعملية تعدين العملات الرقمية المشفرة بشكل كبير حتى عندما تعرضت أسواق تلك العملات إلى تقلبات، وقال ماكس كراوس Max Krause، وهو مهندس بيئي في معهد أوك ريدج Oak Ridge للعلوم والتربية الذي قاد الدراسة بشكل مستقل عن وظيفته اليومية: “إن كمية الطاقة المطلوبة الآن تنافس الدول المتقدمة مثل الدنمارك”.

إن كمية الطاقة اللازمة لتعدين بيتكوين بقيمة دولار واحد هي أكثر من ضعف ما يتطلبه الأمر من أجل تعدين نفس القيمة من النحاس أو الذهب أو البلاتين

ويقدر الباحثون أن انبعاثات الكربون من عمليات التعدين تتراوح بين 3 إلى 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، لكن كثافة الكربون، أو كمية الكربون المنبعثة لكل معاملة، تختلف اختلافاً كبيراً حسب البلد، حيث تعتبر الصين، والتي تتركز ضمنها العديد من عمليات التعدين، أكثر الأماكن التي تستهلك كميات كبيرة من الكربون.

في حين تعد كندا موطنًا لبعض عمليات التعدين الأقل كثافة في الكربون في العالم، حيث ينبعث منها ثاني أكسيد كربون أقل بمقدار أربعة أضعاف تلك الموجودة في الصين، وتلاحظ الدراسة أن تقديراتها لاستهلاك الطاقة من العملات الرقمية يمكن أن تكون متحفظة، وذلك لأنها لا تأخذ في الحسبان عمليات التبريد وغيرها من العمليات التي تحتاج طاقة للحفاظ على سير عمليات التعدين.

وقال ماكس كراوس إن كل هذا الكلام عن التأثير البيئي للعملات الرقمية لا يزال يبدو أكاديمياً وبعيداً للغاية، وهو ما دفعه إلى إضافة مقارنة يمكن لمعظم الناس فهمها، وهذا هو السبب في أن التحليلات تقارن أيضًا تعدين العملات الرقمية بعمليات تعدين الذهب والبلاتين والنحاس والألمنيوم وتعدين المعادن النادرة.

وأظهرت النتائج أن عمليات تعدين العملات الرقمية المشفرة تستهلك طاقة أكثر بكثير لكل دولار من القيمة المستخرجة من نظيراتها المعدنية، وأضاف الباحث أن الهدف من البحث لا يتعلق بإصدار أحكام على العملات الرقمية المشفرة، ولكن لمساعدة الجمهور على فهم أفضل أن تقنية البلوك تشين غير الملموسة لها تأثيرات ملموسة للغاية، وأشار إلى أن التحسينات يمكن أن تقلل من تأثير الصناعة على المدى الطويل.

كما توضح الدراسة أن توجه الاقتصاد بعيدًا عن الوقود الأحفوري والتوجه نحو الطاقة المتجددة قد يساعد في تقليل التأثيرات، حيث تلعب الطاقة المائية الضخمة في كندا دورًا كبيرًا في جعل عمليات التعدين ضمنها أقل كثافة كربونية من الصين، إلى جانب أن انخفاض تكاليف الرياح والطاقة الشمسية ينبغي أن يقلل من انبعاثات الكربون من عمليات تعدين العملات الرقمية المشفرة.

زر الذهاب إلى الأعلى