أجهزة محمولةأخبار الإنترنتأخبار قطاع الأعمالدراسات وتقارير

آبل تحاول تغيير القصة بعد تعثر هواتف آيفون

عندما شرع ستيف جوبز Steve Jobs في عام 2009 بانتقاد شركة أمازون فيما يتعلق بجهاز كيندل Kindle، فقد أشار الرئيس التنفيذي لشركة آبل حينها إلى أن قرار شركة التجارة الإلكترونية بعدم الإعلان عن عدد مبيعات جهاز القراءة الإلكتروني الخاصة بها هو دليل على أنها لا تبيع الكثير منه، وبعد ما يقرب من عقد من الزمان، تتبع شركة آبل مسارًا مشابهًا، إذ قالت الشركة خلال إعلانها عن نتائجها المالية للربع الرابع من العام المالي 2018 إنها ستتوقف عن الإفصاح عن البيانات الخاصة بأجهزة هواتف آيفون وحواسيب آيباد اللوحية وحواسيب ماكنتوش التي تبيعها كل ثلاثة أشهر.

ويلغي هذا القرار المفاجئ من شركة آبل أحد أهم مقاييس الأداء التي قدمتها منذ ثمانينيات القرن العشرين، ويترافق هذا التغيير مع تباطؤ النمو في عدد أجهزة آيفون التي يتم بيعها، مع استمرار العملاء في التمسك بالهواتف الذكية لفترة أطول، واستجابت آبل لذلك من خلال الترويج للبرامج والخدمات عبر أجهزتها ورفع أسعار الأجهزة الجديدة.

ورفض المستثمرون التغييرات المتعلقة بالتقارير التي أعلنت عنها الشركة، وساهم إعلانها عن إلغاء بيانات أعداد مبيعات الأجهزة في انخفاض أسهمها بنسبة 6.6 في المئة، مما جعل آبل تخسر ما تصل قيمته إلى 71.19 مليار دولار من القيمة السوقية في يوم واحد.

وكتب اميت دارانياني Amit Daryanani، المحلل في آر بي سي كابيتال ماركتس RBC Capital Markets في مذكرة للمستثمرين: “يمتد التزام خصوصية شركة آبل الآن إلى الكشف عن عدد مبيعات أجهزة آيفون”، وقال إن التغيير يعني أن العديد من المساهمين يعتقدون الآن أن آبل تخفي شيئًا.

ويقول مايك ليفين Mike Levin، المؤسس المشارك لشركة Consumer Intelligence Research Partners LLC، وهي شركة أبحاث تستطلع آراء عملاء شركة آبل، إن التغيير يظهر أن مدراء الشركة يفكرون في أعمالهم بطرق لم يرغبوا في قولها بصوت عال، وأضاف “عندما كانت آبل تقوم بعمل رائع، كانت مبيعات الأجهزة تحكي قصة رائعة، بينما يحاول المدراء الآن تغيير القصة بما أن المبيعات ليست جيدة”.

ويوافق ستيف جوبز على هذا الأمر، إذ قال المؤسس الشارك لشركة آبل لصحيفة نيويورك تايمز منذ تسع سنوت عندما انتقد جهاز كيندل من أمازون: “عادًة، إذا كانت تبيع الكثير من شيء ما، فأنت تريد أن تخبر الجميع بذلك”.

وتواصل شركة آبل كونها رابحة للغاية، وحققت زيادات في الأسعار في أفضل عام لها على الإطلاق، وقال تيم كوك Tim Cook، الرئيس التنفيذي للشركة حاليًا، للمحللين إن هذا التغيير يعكس بشكل أفضل الطريقة التي تطورت بها شركة آبل في أعقاب استراتيجيتها التسعيرية الجديدة، حيث لا يظهر السجل عدد الوحدات التي يشتريها المشتري، فقط ما ينفقه ذلك المشتري.

كما قامت الشركات الأخرى أيضًا بتغيير الطريقة التي تبلغ بها عن المقاييس طويلة الأمد، إذ انتقلوا في السنوات العشر الماضية إلى الإبلاغ عن مبيعات نفس المتجر كل ثلاثة أشهر، بدلًا من المبيعات الشهرية، وذلك في سبيل القضاء على التقلبات.

وقال بيتر بايبل Peter Bible، رئيس إدارة المخاطر في شركة الاستشارات المحاسبية Eisner Amper LLP والرئيس التنفيذي السابق لشركة جنرال موتورز GM: “هذه منطقة جديدة سواء كانت تتعلق بمبيعات الوحدات الشهرية للسيارات أو المبيعات المفردة لجهاز آيفون أو آيباد، ولكن يبدو أنهم يخشون أن أرقام تلك المبيعات لن تكون ملائمة”.

وأوضح لوكا مايستري Luca Maestri، رئيس الشؤون المالية في شركة آبل، والذي عمل سابقًا في شركة جنرال موتورز GM، أن شركة آبل ستواصل تقديم “تعليق نوعي”، كما أشار إلى أن المبيعات الفردية لأجهزة آيفون الرائدة قوية وتجذب العملاء عبر الميزات الجديدة، وأن الشركة سوف تقوم بالإبلاغ عن الهوامش الإجمالية بشكل منفصل عن الأجهزة والخدمات.

ويقول جين مونستر Gene Munster، الشريك الإداري لشركة لوب فنتشرز Loup Ventures، وهي شركة استثمار وأبحاث، إن الهوامش الإجمالية بين الأجهزة والخدمات تشكل مقياسًا مهمًا، وأوضح مونستر الذي يعتقد أن التغييرات في التقرير ايجابية للمستثمرين بسبب العائدات المتكررة من أعمال الخدمات “كل ما يتعين على آبل فعله هو الحفاظ على استقرار هوامش أرباح الأجهزة”.

ويتطلب التغيير أيضًا من خدمات آبل المتنامية بسرعة الوصول إلى مركز الخدمات، حيث تمتلك الشركة 1.3 مليار جهاز آيفون وغيرها من الأجهزة التي تعمل بشكل نشط وتكسب حوالي 30 دولار لكل جهاز سنويًا من مبيعات التطبيقات والاشتراكات الموسيقية والعروض الأخرى، وذلك وفقًا لبيانات شركة مورغان ستانلي Morgan Stanley، والتي تتوقع أن تمثل الخدمات حوالي 60 في المئة من إيرادات شركة آبل خلال السنوات الخمس المقبلة.

بينما مثلت أجهزة آيفون ما نسبته 86 في المئة من نمو المبيعات في السنوات الخمس الماضية، وارتفعت نسبة ما تمثله الخدمات في العام الماضي إلى 24 في المئة لتصل إلى 37.19 مليار دولار، ومع ذلك، فقد استحوذت على حوالي 14 في المئة فقط من إجمالي عائدات شركة آبل التي بلغت 265.6 مليار دولار في العام المالي 2018، ولم تقم شركة آبل بتفصيل الإيرادات لخدماتها المختلفة.

ويحاول تيم كوك دفع الأعمال التجارية للشركة للأمام، وذلك بصفته الخبير في العمليات والذي قام بتحويل شركة آبل إلى جهاز يحقق أرباحاً من خلال السيطرة على التكاليف والمخزون من الأجهزة، ويعتمد اتجاه الشركة بشكل متزايد حاليًا على قيادة ايدي كوي Eddy Cue، المسؤول عن البرمجيات وخدمات الإنترنت، وفيل شيلر Phil Schiller، الذي يشرف على متجر التطبيقات.

ويقول ديفيد يوفي David Yoffie، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال Harvard Business School، والذي كتب دراسات حول شركة آبل، إن الأمر قد يستغرق عاماً أو أكثر قبل أن يعرض فريق تيم كوك خدمات وأجهزة أكثر تكلفة قادرة على تعويض انخفاض مبيعات أجهزة هواتف آيفون، وأضاف “من الواضح أن آبل تريد تغيير القصة، لكن تقليل الشفافية سيقلل بالمقابل الثقة بها على المدى القصير”.

زر الذهاب إلى الأعلى