أخبار الإنترنتأخبار قطاع الأعمالدراسات وتقارير

الصين قد تستخدم معاييرها للأمن السيبراني ضد الشركات الأمريكية

قد تلجأ الصين إلى استخدام معايير الأمن السيبراني الخاصة بها كأداة غير مرئية للانتقام من التعريفات الجمركية الأمريكية، وذلك في ظل تصاعد التوترات التجارية الصينية الأمريكية، وتعتبر هذه المعايير بمثابة مبادئ توجيهية تصدرها الحكومة حول أشياء مثل الجدران النارية والبرمجيات وأجهزة التوجيه والمفاتيح الكهربائية التي تكون طوعية من الناحية التقنية، ولكنها في الغالب تعامل على أنها إلزامية من جانب شركاء الأعمال الصينيين في الشركات الأجنبية.

وتخلق معايير الأمن السيبراني مجموعة من التحديات، بحيث يمكن أن تستخدمها الحكومة الصينية للضغط على الشركات للخضوع والكشف عن بيانات الملكية الفكرية الحساسة والتعليمات البرمجية المصدرية كجزء من عمليات التحقق والاختبار، وقد تحتاج الشركات الأجنبية إلى إعادة تصميم المنتجات للسوق الصين التي لا تتوافق مع المعايير الدولية في سبيل الامتثال لبعض المعايير.

كما تخلق المعايير الصينية ميزة تنافسية للمتنافسين الصينيين، تبعًا لعدم امتلاكهم لنفس المخاوف التي تمتلكها الشركات الأجنبية بشأن توفير معلومات حساسة للحكومة كشرط لاستيفاء المعايير، كما قد يعتبر المنظمون الصينيون الشركات الصينية أكثر أمناً في ظل المعايير الغامضة، وذلك لأنها محلية وينظر إليها على أنها أكثر قابلية للتحكم بها دون تأثير من الحكومات الأجنبية.

ودأبت الصين منذ سنوات على استخدام مثل هذه القواعد غير المكتوبة، وأصدرت بكين خلال السنوات العديدة الماضية ما يقرب من 300 معيار وطني جديد، كما قال مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن CSIS في تقرير صدر في وقت سابق من هذا الشهر، والذي أوضح بدوره أن هذه الإضافات تسهم في أن تصبح الصين سوقًا صعبة على نحو متزايد بالنسبة لبعض الشركات.

وأوضح أيضًا أن المعايير الجديدة يمكن أن تضر بالشركات المملوكة لأجانب عبر خلق زيادة غير متوقعة في التكاليف والتسبب في تأخير عمليات التشغيل في الصين أو حتى أنها قد تؤدي إلى توقف الشركات عن العمل في الصين، ويبدو أن القلق من إمكانية استخدام بكين معاييرها للأمن السيبراني غير المكتوبة للانتقام من الولايات المتحدة قد ارتفعت الآن بشكل متزايد، في ظل الحرب التجارية المعلنة بين الطرفين.

ويعد من الصعوبة بمكان تحديد التكلفة في حال لجأت واحدة من أكبر اقتصاديات آسيا إلى استخدام المبادئ التوجيهية في مجال التكنولوجيا لضرب الشركات الأمريكية، كما قد يتجاوز تأثير ذلك على الشركات الأجنبية فترات التوتر الحالية، وهذا يرجح أن تخفف بكين معايير الأمن السيبراني عندما تنتهي الحرب التجارية في نهاية المطاف.

ويعود جزء كبير من ذلك إلى حملة الرئيس الصيني شي جين بينغ Xi Jinping المستمرة لزيادة القوة السيبرانية للبلاد، وجاء تحذير CSIS بشأن القواعد غير المكتوبة في الوقت الذي استجابت فيه الصين للتعريفات الجمركية الأمريكية بالإعلان عن زيادة التعرفة الجمركية بنسبة 25 في المئة على سلع أمريكية بقيمة 16 مليار دولار، وهي أحدث خطوة لبكين في المعركة المتصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم.

وبحسب التقرير فقد كان الصينيون استراتيجيين ومنسقين في ردودهم على الولايات المتحدة حتى الآن، لذا من المرجح أن تسعى بكين إلى مواجهة التعريفات الجمركية الأمريكية من خلال أداة غير مرئية مثل معايير أمنها الإلكتروني، والتي تعتبر موصى بها رسميًا، ومطلوبة في كثير من الأحيان للقيام بأعمال في الصين من الناحية العملية، وخاصةً عندما يتم إدراجها كمتطلبات للتعامل مع الحكومات أو الشركات المملوكة للدولة.

وتتوقع الشركات الخاصة في كثير من الأحيان أن يكون لشركاء الأعمال شهادات مرتبطة بالمواصفات، وعلاوة على ذلك، يمكن أن تصبح المعايير متطلبات قانونية عندما تذكرها اللوائح، ومن الممكن أن تستخدم الصين قواعد التكنولوجيا الخاصة بها كسلاح حرب تجاري، ويجادل المحللون بأن المعايير الأمنية الصينية تتعدى مهمتها مجرد منع الهجمات السيبرانية بل مصممة لخدمة أهداف حماية الشركات المحلية من المنافسة الأجنبية.

وقد طبقت الحكومة الصينية بعض المعايير الرقمية لتحقيق أهداف فعلية تتعلق بالأمن السيبراني، بينما تم إنشاء وتطبيق معايير أخرى لتحقيق هداف مبادرة “صنع في الصين 2025″، وهي مبادرة صينية وطنية ضخمة تهدف إلى زيادة خبرة الصين وجعلها رائدة في قطاعات تكنولوجية متقدمة مثل الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة وقطاع أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات الحديثة.

وتستخدم معايير الأمن السيبراني لغة غامضة بشكل متعمد، بشكل يشابه العديد من القوانين واللوائح الصينية، كما أن اعتبار تلك المعايير بمثابة توصيات بالمقارنة مع القوانين يعطي الحكومة سلطة تقديرية واسعة في تقييم الشركات الأجنبية وتأجيل منح الشهادات أو التراخيص اللازمة للوصول إلى الأسواق، ويمكن أن يكون تأثيرها واسع النطاق على عالم الشركات في حال قررت الصين استخدام تلك المعايير لإلحاق الضرر بالشركات الأمريكية.

ويعتقد الكثيرون أن معايير الأمن السيبراني قد تؤثر فقط على شركات التكنولوجيا أو شركات التواصل الإجتماعي، لكن تأثيرها أوسع من ذلك بكثير، حيث قد تؤثر هذه اللوائح على جميع القطاعات التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بحيث تشمل الشركات التي تستخدم مواقع الويب والشبكات الخاصة الافتراضية للعمل، كما أنها قد تؤثر على شركات تجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية والتصنيع.

زر الذهاب إلى الأعلى