أخبار الإنترنتالأمن الإلكترونيدراسات وتقاريرمنوعات تقنية

إتهام فيسبوك بمنح شركة إنترنت روسية إمكانية وصول خاصة إلى بيانات مستخدميه

يواجه عملاق التواصل الإجتماعي فيسبوك اتهامًا جديدًا بشأن مشاركة البيانات الخاصة بمستخدميه مع جهات خارجية، وذلك بعد نشر تقارير تسلط الضوء على كيفية وصول عملاق الإنترنت الروسي Mail.ru الذي له علاقات بالحكومة الروسية إلى بيانات المستخدمين، حيث أفادت التقاير الأخيرة بأن فيسبوك منح Mail.ru وصولًا خاصًا إلى بيانات المستخدمين بعد عام 2015، أي بعدما ألغى فيسبوك رسميًا أمر السماح لتطبيقات الطرف الثالث الوصول إلى بيانات المستخدمين.

منذ شهر مارس الماضي انتشرت الأخبار حول شركة الاستشارات السياسية كامبريدج أناليتيكا Cambridge Analytica، واستخدمها تطبيق على فيسبوك لجمع بيانات حول 87 مليون شخص بدون موافقتهم، ولذلك اضطرت الشبكة الإجتماعية للرد بشكل متكرر على الكيفية التي منحت بها بيانات المستخدمين ومن أعطى تلك البيانات. في أعقاب الفضيحة مباشرة هرع فيسبوك للدفاع عن نفسه في منشور عبر مدونته قائلاً: “إنه في عام 2014 قد تم تغير عنصر في واجهة برمجة التطبيقات لمنع التطبيقات من جمع بيانات أصدقاء مستخدميها، كما فعل التطبيق التابع لشركة كامبريدج أناليتيكا”. منذ ذلك الحين أوضح فيسبوك أنه على الرغم من الإعلان عن هذا التغيير في عام 2014، إلا أن التطبيقات التي كانت تمتلك حق الوصول إلى بيانات أصدقاء المستخدمين استمرت محتفظة بحق الوصول هذا حتى شهر مايو/أيار 2015.

أقر فيسبوك بعد ذلك في أكثر من 700 صفحة من الردود الخطية -التي تم تسليمها إلى لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب في أواخر الشهر الماضي- بأن بعض التطبيقات قد حصلت على هذا الوصول لمدة أطول تصل إلى ستة أشهر، وذلك للسماح لها بالتوافق مع القواعد الجديدة . وكان هناك عشرات التطبيقات التابعة لجهات خارجية ضمن القائمة بما في ذلك تطبيقات المواعدة مثل Hinge وخدمات بث الموسيقى مثل سبوتفاي Spotify، لكن المثير للدهشة هو وجود عملاق الإنترنت الروسي Mail.ru داخل هذه القائمة.

وفقا لفيسبوك: “تم إعطاء Mail.ru تمديد لمدة أسبوعين لتصفية ميزة على تطبيقين للمراسلة التي تمكن المستخدمين من رؤية قوائم أصدقاء فيسبوك الخاصة بهم والتواصل مع الناس الذين لديهم أيضا تطبيقات Mail.ru أثناء الإضافة. على الأقل كان التطبيق متاحًا فقط للوصول إلى قوائم أصدقاء الأشخاص وليس أي معلومات حول إهتماماتك أو اهتمامات هؤلاء الأصدقاء”.

وأضاف فيسبوك: “إن Mail.ru قام بتشغيل مئات التطبيقات على منصتنا والتي تعمل جميعها بموجب القواعد القديمة لفيسبوك، والتي سمحت لمطوري التطبيقات بجمع بيانات أصدقاء المستخدمين وقد بدأت بعض هذه التطبيقات العمل في وقت مبكر من عام 2009”.

قال متحدث باسم فيسبوك “بعض التطبيقات تم بناؤها قبل تغيير قواعد منصتنا في عام 2015، لذلك كان لديهم إمكانية الوصول إلى الإصدار الأقدم من منصتنا، هذا جعل من الممكن للمستخدمين الموافقة على مشاركة المعلومات عن أنفسهم وعن أصدقائهم كذلك “.

وقد قال فيسبوك :إن معظم تطبيقات Mail.ru كانت تطبيقات اختبار ظلت خاصة وأن عدد قليل فقط تم إطلاقه بشكل علني. والتي لم تشارك تفاصيل حول عدد المستخدمين الذين ربما قامت تطبيقات Mail.ru بالحصول على بياناتهم دون موافقتهم”. وأضافت الشركة أن مجموعة تطبيقات Mail.ru لا يمكنها الوصول إلى بيانات أصدقاء المستخدمين منذ مايو 2015، بعدما تم تغيير واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بنا.

حتى الآن لا يزال فيسبوك يحقق في تطبيقات Mail.ru جنبا إلى جنب مع جميع التطبيقات الأخرى التي كان لها حق الوصول إلى كميات كبيرة من بيانات المستخدمين قبل التغييرات، لكن المتحدث الرسمي يقول: “إن التحقيق لا يعتبر إدانة في حد ذاته، لم نعثر على أي مؤشر على إساءة الاستخدام مع Mail.ru. وإذا اكتشفنا أي نشاط مشبوه أو إساءة استخدام محتملة، فعندئذ سنقوم بمراجعة نشاط الشركة بصفة رسمية”.

وفي تصريح لموقع Wired، كتب متحدث باسم Mail.ru قائلاً: “نفترض أنه أثناء تغيير واجهة برمجة التطبيقات API التابعة لفيسبوك، تغيرت الشروط للعملاء الذين لديهم تطبيقات شائعة ولم يتم تحديثها إلى أحدث إصدار، نحن بكل تأكيد تعاوننا مع فيسبوك بجدية لتلبية احتياجات أعمال منتجاتنا وفقًا للوائح فيسبوك”.

حقيقة أن فيسبوك قد توسطت في تمديد فترة السماح لتطبيقات Mail.ru قد لا يكون مفاجأة للأشخاص الذين هم على دراية بعلاقة مارك زوكربيرج مع يوري ميلنر Yuri Milner الملياردير الروسي ومؤسس Mail.ru وأحد المستثمرين الرئيسين في فيسبوك.

من جهته قال متحدث باسم ميلنر في بيان: “لم يشارك يوري ميلنر في الإدارة كرئيس تنفيذي لـ Mail.ru منذ عام 2003، وبعد فترة قصيرة من الاكتتاب العام لـ Mail.ru في عام 2010 باع جميع أسهمه في الشركة، وفي عام 2012 استقال من مجلس الإدارة ولم يشارك منذ ذلك الحين”.

على مدار العام الماضي ظهرت تقارير حول علاقات ميلنر مع الكرملين. ففي شهر نوفمبر لعام 2017  خاصةً في أعقاب ما سُمىّ بتسريب وثائق بارادايس Paradise Papers والذي أدي إلى تسريب  13.4 مليون وثيقة سرية تتعلق بالمدفوعات الخارجية، وقد جاء في تقرير صحيفة نيويورك تايمز أن ميلنر تلقى مئات الملايين من الدولارات من التمويل الحكومي الروسي، والذي استخدمه جزئياً للاستثمار في كل من فيسبوك وتويتر من خلال شركته الاستثمارية الدولية DST Global.

في حين أن لا يوجد شيء في التقارير يشير إلى أن الاستثمارات كانت جزءًا من عمليات النفوذ الروسية، ولكن انتشرت أخبار بعدما بدأت الولايات المتحدة تحقيقات فيدرالية بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية. وحينها دافع ميلنر عن سمعته في خطاب مفتوح في الخريف الماضي قائلا:” إن إتهامه بمحاولة التسلل إلى شركات التكنولوجيا الأمريكية لمساعدة روسيا يعتبر إتهام غير واقعي وأقرب لقصة خيالية”.

وفي بيان بعد الكشف عن قضية كامبريدج انالتيكا، قال فرانك بالو عضو اللجنة البارز في مجلس النواب: “إن إجابات فيسبوك على الكونغرس تثير أسئلة أكثر مما تجيب عليها، ومن المثير للقلق أنه بعد أربعة أشهر من ظهور هذه الفضيحة، لا يزال فيسبوك لا يعرف كم عدد الأطراف الخارجية الأخرى التي لديها بيانات مستخدميه وكيف يتم استخدام هذه البيانات اليوم”.

وقال السيناتور الديمقراطي مارك وارنر الذي يحقق في تلاعب روسيا بوسائل التواصل الاجتماعي كنائب لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في بيان: “نحتاج إلى تحديد ما هي معلومات المستخدم التي تم مشاركتها مع موقع Mail.ru الروسي وما فعله الموقع الروسي بالبيانات التي حصل عليها”. وأعرب وارنر عن قلقه الخاص من أن اللاعبين الرئيسيين في Mail.ru، بما في ذلك المستثمر الرئيسي عليشر عثمانوف Alisher Usmanov، يتباهى بعلاقات وثيقة مع فلاديمير بوتين الرئيس الروسي.

على أقل تقدير فإن حقيقة أن يأتي فيسبوك بهذا الكم من المعلومات الضيئل حول قضية تسريب بيانات مستخدميه بعد ما يقرب من عام من بدء التحقيقات في تلاعب الجهات الفاعلة الروسية بمنصته يشير إلى افتقار واضح للشفافية على فيسبوك. ومن خلال آلاف الردود على لجنة مجلس النواب، سئل فيسبوك مراراً وتكراراً عما إذا كان من الممكن للوكالات الحكومية الروسية الوصول إلى بيانات مستخدميه، ورد فيسبوك قائلاً إنه تلقى 34 طلبًا من الحكومة الروسية للحصول على بيانات في الفترة بين 2013 و 2017 ولم يقدم أي بيانات ردًا على أي منها.

يقول الخبراء: “إن صفقة Mail.ru التي ينظر فيها الآن جنباً إلى جنب مع البيانات التي أعطتها شركة فيسبوك لمصنعي الأجهزة بما في ذلك الشركات الصينية مثل هواوي، تعكس سذاجة من جانب فيسبوك بشأن القوة التي تمتلكها الأنظمة الدولية على الشركات داخل حدودها”.

كما قال بريت بروين وهو دبلوماسي أميركي شغل منصب مدير المشاركة العالمية في عهد الرئيس أوباما ويدير الآن شركة Global Situation Room الاستشارية: “إذا كنت رجل أعمال روسي عند مستوى معين، فلا يمكنك الإفلات من المتطلبات التي ستضعها عليك أجهزة الاستخبارات الروسية، فهذا هو واقع ممارسة الأعمال التجارية في روسيا اليوم”.

كما أشار بروين أن هذا ليس شيئًا غير متوقع من روسيا، وأن وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة قد وجدت طرقها الخاصة قبل ذلك في الحصول على البيانات من شركات التكنولوجيا الأمريكية، كما وضح إدوارد سنودن المتعاقد السابق مع وكالة الامن القومي الأمريكي. تبدو فضيحة كامبريدج أناليتيكا صغيرة مقارنة بما يمكن أن تفعله وكالة الاستخبارات التي ترعاها الدولة بكل هذه البيانات.

زر الذهاب إلى الأعلى