أخبار الإنترنتالأمن الإلكترونيدراسات وتقارير

أمن الاتصالات في روسيا يحتاج إلى مساعدة أجنبية

يحتاج مشغلو الاتصالات في روسيا إلى استخدام التكنولوجيا الأجنبية للامتثال لقانون بشأن تخزين البيانات، والذي يشترط على المشغلين تخزين محتوى المكالمات الهاتفية والرسائل النصية لمدة ستة أشهر لمساعدة أجهزة الأمن، وبحسب تقرير نشرته وكالة رويترز، فقد أخبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حكومته أنه ينبغي على الشركات المحلية إنتاج المعدات، حيث يريد بوتين استخدام التكنولوجيا المحلية لأداء المهمة، وذلك في سبيل تعزيز صناعة التكنولوجيا المحلية وجعل أنظمة الاتصالات أقل اعتمادا على المعدات الغربية.

ويبدو أن المشغلين ليس لديهم أي خيار سوى استخدام المعدات التي تصنعها شركات أجنبية، بما في ذلك سيسكو وهواوي وهيوليت باكارد، وذلك في ضوء الموعد النهائي الضيق لبدء تخزين كميات هائلة من المعلومات، وفي ظل عدم وجود أجهزة روسية مناسبة، وتواجه روسيا، في ظل اضطرارها إلى شراء الأجهزة من الخارج، نفس مشاكل البلدان الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث أن قطاع التكنولوجيا هو عبارة عن جهد متعدد الجنسيات وتطوير أنظمة متطورة باستخدام معدات محلية الصنع محفوفة بالمصاعب.

وقالت ايرينا ليفوفا Irina Levova، من معهد التفكير المستقل لدراسة الإنترنت الذي يتخذ من موسكو مقرًا له: “إنها فكرة جيدة نظريًا أن تحل الصناعات المحلية محل الواردات، لكنك تحتاج الى اجراء تقييم واقعي لقدرة الشركات الروسية بخصوص هذا الأمر، حيث أن الأموال التي تنفق على تنفيذ هذا القانون لن تبقى ضمن الاقتصاد الروسي، بل تذهب إلى الخارج”.

وبغض النظر على المشاكل المتعلقة بتنفيذ القانون، فإنه لا يوجد لدى أي مشغل اتصالات روسي البنية التحتية اللازمة، وذلك وفقًا لأحد المصادر وهو مدير كبير في شركة اتصالات روسية، والمصدر الآخر هو المدير العام لشركة نورسي ترانس Norsi-Trans، وهي إحدى الشركات التي تبيع أنظمة جمع البيانات وتخزينها لشركات الاتصالات، مع الإشارة إلى دخول الموعد النهائي لبدء تخزين بيانات المستخدمين حيز التنفيذ في الأول من شهر يوليو/تموز.

وقالت وزارة الصناعة والتجارة إنه تم اختبار معدات تخزين روسية الصنع هذا العام، وأنها ستسعى إلى مساعدة المصنعين المحليين على منافسة الشركات الأجنبية، ولا يوجد أي شرط قانوني لمشغلي الاتصالات باستخدام معدات روسية الصنع للامتثال لقواعد البيانات، والتي هي جزء من مجموعة قوانين مكافحة الإرهاب التي يطلق عليها اسم قوانين ياروفايا Yarovaya بعد أن دعمتها عضوة البرلمان إيرينا ياروفايا Irina Yarovaya.

ورفضت الشركات الروسية، بما في ذلك Rostelecom و Vimpelcom و MTS و Megafon و Tele2 الحديث حول ما إذا كان يتعين عليهم استخدام معدات أجنبية للامتثال للقانون، فيما قالوا إن أنظمتهم ما زالت قيد التطوير عند السؤال عما إذا كانت لديهم البنية التحتية اللازمة.

وأصدر بوتين، بعد توقيع تشريع ياروفايا ليصبح قانونًا في شهر يوليو/تموز 2016، تعليماته إلى حكومته لضمان أن يتم إنتاج المعدات اللازمة لتخزين بيانات المستخدمين داخل روسيا، وقال الرئيس الروسي في ذلك الوقت خلال اجتماع مع وزراء بالحكومة: “يجب القيام بهذا بسرعة”.

وتمت الموافقة على عدد من الشركات الروسية من قبل جهاز الاستخبارات الداخلي المعروف اختصارًا باسم FSB، من أجل توفير أنظمة مشتركة من البرامج والأجهزة التي تجمع وتخزن محتويات المكالمات الهاتفية والرسائل النصية.

وأشارت المصادر إلى أن الأنظمة التي يتم تصميمها في معظم الحالات تستخدم معدات أجنبية لتخزين البيانات، وذلك لأن روسيا لا تملك القدرة على إنتاج الكميات اللازمة، وقال سيرجي اوفشينكوف Sergei Ovchinnikov، المدير العام لشركة Norsi-Trans إنه قد تم استخدام معدات أجنبية، وأضاف أن الأجهزة الروسية الصنع المخصصة لتخزين مثل هذه الكميات الضخمة من البيانات ما تزال في مرحلة الاختبار.

وتعتبر Citadel بمثابة الشركة الرائدة في القطاع الروسي الصغير المتخصصة في تزويد هذه الأنظمة المشتركة، بحيث تبلغ حصتها السوقية حوالي 50 في المئة، تليها شركة نورسي ترانس Norsi-Trans بحصة سوقية تبلغ بين 20 و 30 في المئة، وقال المتحدث باسم Citadel إن الشركة تقوم بتخصيص حلول لاحتياجات كل عميل، دون الافصاح عن مكان شراء معداتها.

وردت شركة سيسكو الأمريكية على سؤال حول وجود صفقات مع شركات اتصالات روسية قائلة إنها ليست في وضع يسمح لها بالتعليق على البنية التحتية لشبكة المنظمات الأخرى، في حين قالت شركة هواوي إنها لن تكشف عن معلومات تجارية حول علاقات عملائها، لكنها قالت إنها تبحث في إمكانية التعاون مع الشركات المنتجة للمعدات المستخدمة لجمع بيانات المستخدمين بموجب القانون، بينما قالت شركة هيوليت باكارد إن سياسة الشركة تمنعها من التعليق على العقود مع العملاء.

وقد كتبت قوانين ياروفايا من قبل مسؤولين في مجلس الأمن الروسي، وهو المجلس الذي يحدد التوجه الاستراتيجي لسياسات الأمن والدفاع الروسية، ويضم وزراء رئيسيين، حيث تم كتابة القوانين دون التشاور مع الأخصائيين التقنيين، وقال أوليغ فوميشيف Oleg Fomichev، نائب وزير التنمية الاقتصادية، بعد مرور أسبوع على توقيع بوتين للقانون: “إنه لا توجد معدات تخزين بيانات كافية، في روسيا أو في الخارج، للوفاء بشروط التشريع”.

وتأتي قوانين روسيا الجديدة على خلفية حملة من جانب الكرملين للحد من استخدام الأجهزة والبرامج الأجنبية في البنية التحتية الرقمية الحكومية لأن هذه التكنولوجيا، بحسب الكرملين، تمثل خطرًا على الأمن الإلكتروني، وأمرت موسكو في العام الماضي الهيئات الحكومية والشركات الحكومية بعدم شراء معدات اتصالات أجنبية.

تجدر الإشارة إلى أن روسيا ليست الدولة الوحيدة التي لديها مثل هذه المخاوف، إذ وفقًا لمسؤولي الاستخبارات فإنه يمكن تكييف التكنولوجيا في مرحلة التصنيع، وعندما يتم بيعها إلى مشتر خارجي، فإن الحكومة المعادية تحصل على باب خلفي في الشبكات الرقمية للدولة المضيفة، وكانت الولايات المتحدة قد ضغطت على الشركات الأمريكية لعدم بيع المنتجات التي تنتجها شركة هواوي الصينية أو شركة ZTE الصينية، قائلة إنه يمكن استخدامها للتجسس على الأمريكيين.

زر الذهاب إلى الأعلى