البرلمان الأوروبي يصوت ضد قانون حقوق النشر الإلكتروني المثير للجدل
صوت البرلمان الأوروبي اليوم بنتيجة 318-278 ضد مجموعة من قواعد حقوق النشر المثيرة للجدل والمعروفة باسم التوجيهات بشأن حق المؤلف في السوق الرقمية الموحدة، ويأتي التصويت بعد مرور أسابيع قليلة فقط من سريان مفعول مجموعة أخرى من القواعد القانونية المعروفة باسم اللائحة العامة لحماية البيانات، أو GDPR، بحيث يهدد هذا القانون بفرض عقوبات صارمة في حالة الاستخدام غير الصحيح للمعلومات الشخصية للأفراد.
وتواصلت الاحتجاجات المكثفة حول قانون حقوق النشر الإلكتروني المثير للجدل لأسابيع متعددة، بحيث شملت تلك الاحتجاجات شركات الإنترنت مثل مؤسسة موزيلا Mozilla وعدد من رواد الإنترنت مثل تيم بيرنرز لي Tim Berners-Lee الذين عارضوا مقترحات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحقوق النشر، بينما منعت موسوعة ويكيبيديا متصفحي الإنترنت من الوصول إلى صفحاتها خاصة الإيطالية والإسبانية والبولندية احتجاجًا على المواد المثيرة للجدل في التشريع الجديد المقترح.
وكان الاقتراح قيد النظر لمدة عامين، ويتسبب في الكثير من المشاكل بسبب مخاوف من أنه سوف يخلق أعباء غير معقولة بالنسبة لشركات الإنترنت عبر اجبارها على مراقبة التعديات المحتملة على حقوق النشر، بدءًا من مواقع الويب الصغيرة إلى الشركات العملاقة مثل جوجل وفيسبوك وويكيبيديا، حيث أصبحت الشركات الآن أكثر عرضة بكثير لمثل هذه الانتهاكات، بغض النظر عن مدى سرعة إزالة المحتوى الذي يمثل انتهاكًا.
وجاء تصويت البرلمان الأوروبي ضد القانون بشكله الحالي، مما يعني ان الحكاية لم تنتهي بعد، حيث ينبغي إدخال تعديلات على الاقتراح قبل إعادة تصويت أعضاء البرلمان الأوروبي عليه مرة أخرى في شهر سبتمبر/ايلول، وقالت Raegan MacDonald، رئيسة السياسة العامة للاتحاد الأوروبي في موزيلا، في أعقاب التصويت اليوم: “سمع البرلمان الأوروبي اليوم صوت المواطنين الأوروبيين وصوت ضد المقترحات التي كانت ستوجه ضربة قاسية إلى الإنترنت المفتوح في أوروبا”.
وكانت لجنة الشؤون القانونية في البرلمان الأوروبي قد صوتت بتاريخ 20 يونيو/حزيران لصالح التشريع الذي يخشى رواد الإنترنت من إمكانية تحويله الويب إلى أداة للمراقبة والتحكم، حيث يتطلب التشريع من شركات مثل جوجل ومايكروسوفت وفيسبوك اتخاذ تدابير تتمثل بتوفير مرشحات تلقائية لمنع المستخدمين من تحميل مواد محمية بحقوق النشر، وبالرغم من إقرار التشريع من خلال تصويت أولي، لكنه بحاجة إلى موافقة البرلمان قبل أن يصبح قانونًا.
ويحاول الاقتراح، الذي ظهر لأول مرة من قبل المفوضية الأوروبية في عام 2016، تحديث قوانين حقوق النشر في الاتحاد الأوروبي لتتماشى مع العصر الحالي والتغييرات المتمثلة بالشركات التقنية والمنصات الإجتماعية مثل فيسبوك وجوجل، حيث يهدف لضمان أن المؤلفين والفنانين والصحفيين يحصلون على نسبة عادلة من أعمالهم.
وللتوضيح، فإن عيوب الاقتراح تكمن في المادة 13 Article والمادة Article 11، حيث تجعل المادة 13 منصات الإنترنت مسؤولة قانونيًا عن أي انتهاكات لحقوق النشر على المنصة، مما يثير المخاوف من أن هذا الأمر سوف يمنع الناس من مشاركة المحتوى مثل الرسوم الهزلية المضحكة على الشبكات الاجتماعية، ويدفع المنصات نحو إدخال مرشحات تعمل بشكل تلقائي على التقاط المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر الذي يتم تحميله بواسطة مستخدمي المواقع.
بينما تنص المادة 11 التي تحمل اسم ضريبة الارتباط The link Tax على وجوب أن تدفع المواقع الإلكترونية رسومًا للناشرين في حالة عرض مقتطفات من المحتوى المحمي بحقوق الطبع والنشر، الأمر الذي من شأنه أن يقلل بشكل كبير من إمكانية مشاركة الأخبار من قبل مستخدمي الإنترنت، وكانت جوليا رضا Julia Reda، السياسية الألمانية وعضو البرلمان الأوروبي المعارضة للقانون قد قالت سابقًا: “بموجب هذه الاقتراحات، فإن هناك حاجة للحصول على تراخيص من أجل أي شيء، بما في ذلك العناوين القصيرة والقصيرة جدًا مثل أنجيلا ميركل تلتقي مع تيريزا ماي”.
وأشارت رسالة مفتوحة صادر في وقت سابق من شهر يونيو/حزيران موقفة من قبل 70 من أكبر الأسماء على الإنترنت، بما في ذلك مخترع شبكة الويب العالمية تيم بيرنرز لي Tim Berners-Lee، ومؤسس ويكيميديا جيمي ويلز Jimmy Wales، إلى أن المادة 13 تتخذ خطوات غير مسبوقة نحو تحويل الإنترنت من منصة مفتوحة للمشاركة والإبداع إلى أداة للمراقبة والتحكم الآلي لمستخدميها.
وجاء في الرسالة: “من الصعب التنبؤ بالضرر الذي قد تلحقه هذه المادة بشبكة الإنترنت الحرة والمفتوحة كما نعرفها في الوقت الحالي، ولكن في آرائنا يمكن أن تكون كبيرة”، وجادل رواد الإنترنت في معرض حديثهم إلى أعضاء البرلمان الأوروبي بأن التكلفة سوف تكون كبيرة على شركات التكنولوجيا الأوروبية، حيث أن المنصات الكبيرة، والتي هي حصريًا أمريكية، يمكنها تحمل تكاليف الامتثال، ولكن الأمر صعب على الشركات الأوروبية الناشئة.
كما تم إطلاق مبادرة تحمل اسم save your internet لحث مستخدمي الإنترنت الأوروبيين على الاتصال بأعضاء البرلمان الأوروبي الذين يمثلونهم للاحتجاج على هذا الإجراء، وتضمنت المبادرة أدوات لتسهيل التواصل مع أعضاء البرلمان منها توفير أرقام الهواتف أو عناوين البريد الإلكتروني أو حسابات التواصل الإجتماعي الخاصة بهم.
وأثار ديفيد كاي David Kaye، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير لدى الأمم المتحدة المخاوف بشأن الرقابة المسبقة على النشر، مع عدم تمكن المرشحات الآلية من الكشف عن التعليقات العادلة والهجاء والنقد والمحاكاة الساخرة، وتمكن هذا القانون، في خطوة نادرة، من توحيد جماعات الضغط الخاصة بالمستهلكين والتقنيين لمعارضته.
وتعد هذه الأخبار بمثابة انتصار لمواطني أوروبا ومؤسساتها الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة، لا سيما تلك الموجودة في القطاعات الإبداعية، إذ في حين كان من المفترض بهذه القوانين المقترحة أن تحميهم وتدعمهم، لكانوا كانوا أكثر من سيعاني منها في ظل النظام الجديد.