أخبار الإنترنتتحت الضوءدراسات وتقاريرمنوعات تقنية

البنتاغون يستعين بالذكاء الاصطناعي للعثور على الصواريخ النووية المخفية

يواصل البنتاغون إنفاقه على برامج الأبحاث السرية المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي للمساعدة في توقع إمكانية إطلاق صواريخ نووية، بالإضافة إلى تعقب واستهداف منصات الإطلاق المحمولة في كوريا الشمالية وأماكن أخرى، وتعتبر هذه الأبحاث سرية إلى حد كبير، إذ قامت وزارة الدفاع الأمريكية بدفن حفنة من التفاصيل المتاحة للجمهور تحت طبقة من المصطلحات التي لا يمكن اختراقها في تقرير ميزانية البنتاغون الأخير، وذلك وفقًا لتقرير جديد نشرته وكالة رويترز.

وأشار مسؤولون أمريكيون مطلعون على الأبحاث إلى وجود عدد من البرامج السرية التي يجري العمل عليها في الوقت الحالي لاستكشاف كيفية تطوير أنظمة معتمدة على الذكاء الاصطناعي لحماية الولايات المتحدة بشكل أفضل من أي ضربة صاروخية نووية محتملة، وفي حال نجاح هذه الأبحاث، فإن أنظمة الحاسب سوف تكون قادرة على التفكير بنفسها، والتعامل مع كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك صور الأقمار الصناعية، بسرعة ودقة تتجاوز قدرة البشر في سبيل البحث عن العلامات المرافقة لعمليات الاستعداد لإطلاق مثل هذه الصواريخ.

في حين ظل هذا المشروع سريًا، إلا أن الجيش الأمريكي كان واضحًا بشأن اهتمامه بالذكاء الاصطناعي

ويساعد هذا الأمر الجيش الأمريكي في الحصول على المزيد من الوقت في حالة إمكانية وقوع هجوم وشيك لتدمير الصواريخ قبل إطلاقها أو محاولة اعتراضها، وقال أحد المسؤولين: “يجب أن نبذل كل ما في وسعنا للعثور على هذا الصاروخ قبل إطلاقه وجعل عملية إطلاقه أكثر صعوبة”.

واقترحت إدارة الرئيس دونالد ترامب أكثر من ثلاثة أضعاف التمويل في ميزانية العام المقبل لتصل إلى 83 مليون دولار لبرنامج واحد فقط من برامج الصواريخ المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقًا لوثائق الموازنة وعدد من المسؤولين الأمريكيين، مع الإشارة إلى أنه لم يتم الإبلاغ عن زيادة التمويل سابقًا.

وتوضح هذه الأرقام، بالرغم من أنها ما تزال صغيرة نسبيًا، الأهمية المتزايدة للبحوث المتعلقة بالأنظمة المضادة للصواريخ المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة روسيا الميالة أكثر إلى استخدام القوة العسكرية وكوريا الشمالية التي تطلق تهديدات منذ فترة طويلة تتعلق بالأسلحة النووية.

وقال بوب وورك Bob Work، المدافع عن استخدام الذكاء الاصطناعي والذي كان نائباً لوزير الدفاع حتى شهر يوليو/تموز الماضي: “يوفر لك الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي إمكانية العثور على الإبرة ضمن كومة قش”، وصرح شخص مطلع على البرامج أنه يتضمن مشروعاً تجريبياً يركز على كوريا الشمالية، حيث تشعر واشنطن بقلق متزايد بشأن تطوير كوريا الشمالية للصواريخ المحمولة التي يمكن إخفاؤها في الأنفاق والغابات والكهوف.

وكان البنتاغون قد كشف أنه يستخدم الذكاء الاصطناعي للتعرف على الأشياء الظاهرة ضمن مقاطع الفيديو الواردة من برنامج الطائرات بدون طيار، وذلك كجزء من برنامج “مشروع مافن” Project Maven الذي تم الإعلان عنه في العام الماضي، ويقول بعض المسؤولين الأمريكيين إن الإنفاق الكلي على أبحاث الذكاء الاصطناعي المتعلقة بالبرامج العسكرية لا يزال غير كافٍ.

ودخل البنتاغون في سباق ضد الصين وروسيا لدمج الذكاء الاصطناعي ضمن قدراته العسكرية عبر إنشاء أنظمة مستقلة قادرة على التعلم من تلقاء نفسها للقيام بمهام محددة، بحيث أن أبحاث البنتاغون المتعلقة باستخدام الذكاء الاصطناعي للتعرف على التهديدات الصاروخية المحتملة وتتبع منصات إطلاق الصواريخ المحمولة ما تزال في المرحلة المبكرة، وتشكل جزء فقط من الجهد العام الذي يتطلق البنتاغون إليه.

ويستفيد هذا المشروع من الخدمة السحابية التجارية لمجتمع الاستخبارات، ويبحث عن الأنماط والأمور الشاذة في البيانات، بما في ذلك من رادار متطور يمكن أن يرى من خلال العواصف ويخترق أوراق الشجر، وأشارت وثائق الميزانية إلى وجود خطط لتوسيع نطاق تركيز برنامج إطلاق الصواريخ المحمولة ليشمل الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية والمجموعات الإرهابية.

تتوفر تفاصيل قليلة حول أبحاث الصواريخ المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، لكن هناك نموذج أولي مبكر لنظام تعقب منصات إطلاق الصواريخ المحمولة يجري اختباره حاليًا من قبل الجيش الأمريكي.

وقال جون هيتن John Hyten، الجنرال في القوات الجوية الأمريكية والقائد الأعلى للقوات النووية الأمريكية: “بمجرد أن تصبح الأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي عاملة بشكل كامل ضمن الخدمة، فإن البنتاغون يحتاج إلى التفكير في إنشاء ضمانات لضمان قدرة البشر، وليس الآلات، على التحكم في خطوات صنع القرار النووي، بحيث يمكن للذكاء الاصطناعي إجبارك على أمور لا تريدها إذا لم تتوفر مثل هذه الضمانات”.

ويشير الخبراء إلى احتمال قيام دول مثل الصين وروسيا بخداع هذا النظام المعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتعلم كيفية إخفاء صواريخها عنه، وهناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن تلك الإمكانيات قد تكون ناجحة، وقال الدكتور ستيفن ووكر Steven Walker، مدير وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة DARPA: “إن البنتاغون لا يزال بحاجة إلى البشر لاستعراض ومراجعة استنتاجات أنظمة الذكاء الاصطناعي لأن هذه الأنظمة يمكن أن تنخدع”.

ويعمل ويليام روبرتس William Roberts، المسؤول عن الاتمته والذكاء الاصطناعي ضمن الوكالة الوطنية الجغرافية NGA، على تحسين فعالية الذكاء الاصطناعي عبر تطوير هذه التقنيات للمساعدة في تحليل الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، والتي تشكل مصدر مهم للبيانات بالنسبة لنظام اصطياد الصواريخ، وقالت NGA في العام الماضي إنها استخدمت الذكاء الاصطناعي لمسح وتحليل 12 مليون صورة، حيث أحرزت NGA تقدمًا في تطويع الذكاء الاصطناعي للمساعدة في تحديد وجود أو عدم وجود هدف ذي أهمية.

ويعتقد بعض المسؤولون أن عناصر البرنامج الصاروخي المعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن تصبح قابلة للتطبيق في أوائل عام 2020، إلا أن آخرين في الحكومة الأمريكية والكونغرس الأمريكي يخشون أن تكون جهود الأبحاث محدودة للغاية، حيث قال النائب ماك ثورنبيري Mac Thornberry، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب: “الروس والصينيون يتابعون بالتأكيد هذه الأنواع من الأشياء، ربما مع بذل مجهود أكبر في بعض النواحي مما لدينا”.

زر الذهاب إلى الأعلى