أخبار قطاع الأعمالتحت الضوءرأي وحوارمنوعات تقنية

مفاتيح إسعاد قلوب البشر تبدأ من الإلمام ببياناتهم

بقلم: الشيخة ناعمة القاسمي، مدير عام دبي والإمارات الشمالية في شركة أڤايا

لربما هي بمثابة ثورة، لكن من يقودها ويؤجج شرارتها هذه المرة هي الحكومات، فمفهوم السعادة بات حديث العالم، وباتت القمم العالمية تنطلق من كل حدب وصوب، لتبحث في محاورها الرئيسية وآلية استقطابها، إضافة إلى مستقبلها وأثرها على جميع الأصعدة المجتمعية.

ولعلنا أصبحنا نتساءل بعفوية يملؤها التفاؤل: لماذا بدأت الحكومات الواعية تتوجه نحو ما هو أبعد من مجرد إرضاء الشعوب فحسب كما جرت الأعراف المجتمعية والتوجهات الحكومية، بل تخطى الأمر لدراسة سبل إسعادهم؟. لربما يكمن الجواب في إيمان الحكومات بقدرات وقيمة مواطنيها، وإدراكها لانعكاسات السعادة على ترسيخ العلاقات بينهما، ورفع معدلات  الولاء والانتماء، وبالتالي تعزيز أجواء الابتكار والإبداع لدى المواطنين، الأمر الذي يعود بالإيجاب على مكانة وهوية المجتمعات وموضعها في مصاف الدول التي تمثل رأس الهرم الأممي.

لا شك بأن الأدوات والسياسات والخطط، التي تحتاجها أية حكومة أو كيان مؤسسي، للبحث في هذا الشأن متنوعة، ولكن سنتطرق هنا إلى أحد الجوانب التقنية ألا وهي “بيانات الجمهور المستهدف” لا سيما في ظل هذه العصر الغني بملامح الرقمنة وما بعدها، والتي تمثل بدورها أداة و وسيلة أساسية وفاعلة، قادرة على تحقيق مساعي السعادة وضمان استدامتها.

منذ ظهور الحكومات بمفهومها العصري والمعاصر، كان فهم احتياجات ورغبات الناس والاستجابة لها، وفق تطلعات الحكومات ومقومات الدول، هو ما يميز الحكومات والمؤسسات الناجحة. لكن ما يكمن وراء هذه الاحتياجات والرغبات هو عنصر البيانات، ومن ثم استنباط المعلومات، والتي تعبر بدقة عن ردود أفعال وتجارب وأراء وسلوكيات وتطلعات الجمهور

وتكمن عناصر الأفضلية هنا أن هذا العصر الذي نحياه يوفر لنا المناخ المناسب للحصول على مثل هذه البيانات دون الضرورة حتى للاحتكاك المباشر مع الناس ومحاورتهم، فالقنوات الرقمية وحتى التقليدية، كالمواقع الإلكترونية، والتطبيقات الذكية، وقنوات التواصل الإجتماعي (فيسبوك، توتير، إنستاجرام .. وغيرها)، والمساعدات الافتراضية، والبريد الإلكتروني، ومراكز الإتصال، والتفاعل المباشر (وجهاً إلى وجه)، باتت كلها بمثابة وسائل وقنوات قادرة على تقديم وحفظ ومعاجلة مثل هذه الأنواع من البيانات، في ظل توفر أداوات تقنية تجاوزت قدراتها مرحلة الرقمنة، وبالتالي مآلات ذلك كله أصبحت أكثر إيجابية واستعمالها فيما يوفر السعادة بات ضرورة وهدفا.

لكن دعونا نتوقف مبدئياً للحديث عن التحديات، فلو أننا نظرنا إلى مؤسسة بنكية أو شركة اتصالات على سبيل المثال، فسوف نذهل من كمية البيانات التي نستطيع الحصول عليها في كل ثانية عبر قنوات التفاعل والتواصل، وبالتالي يحضرنا تساؤل هو كيف يكون الوضع على مستوى الحكومات وقطاعات الأعمال بكافة أشكالها.

إذاً البيانات عالة علينا إن لم تتوفر الأدوات المناسبة للحصول عليها، وتحليلها، ومعالجتها والاستفادة منها، وعندما نصفها بقولنا عالة، فهنا نقصد بأن الفائدة معدومة في حال عدم قدرتنا على تجميعها ومعالجتها وتحليلها والاستفادة منها بشكل خدمي.

ويبرز في الأفق تساؤل يطرح نفسه هو: كيف يتسنى لنا القيام بذلك؟

ولعلنا بالنظر إلى المرحلة الماضية، نؤكد على أن كل الحلول التي قدمتها لنا المرحلة الرقمية، لم ترتقي إلى مواكبة هذا التدفق الهائل من البيانات، كما لم تتمكن الشركات من الوصول إلى البيانات التي تحاكي البشر بشكل عميق ومعقد، إلا أن الحقبة التي نعاصرها تشهد بشكل صارخ ما يمكننا أن نطلق عليه تسونامي “التكنولوجيا الناشئة” وعلى عكس العقود والعصور الأخرى، تتلقى بدورها ترحيباً واسعاً من قبل الحكومات والمؤسسات التي تتطلع لأن تكون عصرية ومبتكرة بالفعل، سعيا لتطويعها والاستفادة الإيجابية منها.

وبالعودة إلى مسألة “البيانات”، يجب الإشارة هنا إلى قدرات التكنولوجيا الناشئة، كالبلوك تشين، والذكاء الاصطناعي، وبرمجيات تحليل البيانات الضخمة والمعقدة، والتي نرى فيها عنصراً أساسياً في مرحلة ما بعد الرقمنة، والأداة الأمثل لقلب معادلة إدارة البيانات وتحليلها بالسرعة المطلوبة مع مراعاة أعلى معايير الأمان.

فعند دمج هذه التقنيات بالحلول المعنية بإدارة القنوات الرقمية والتقليدية، ستحصل الحكومات والمؤسسات على قدرات مذهلة لمعرفة تفاصيل عميقة حول كل شخص على حده.

ومن هنا، فإننا إذا ما أردنا اليوم أن نعرف ما يحقق سعادة مواطنينا أو عملائنا فعلينا الوصول إلى بياناتهم الناتجة عن تفاعلاتهم في أي قناة سواء كانت رقمية أو تقليدية، والتي بدورها تعكس التطلعات والسلوك والأراء، فإن أي حكومة أو مؤسسة باتت اليوم قادرة على أن تكون مرآة للمواطن، تعلم ما يريده وتستبق تطلعاته وتفضيلاته.

وتجدر الإشارة هنا الى أن برمجيات تحليل البيانات وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، من خلالها  يستطيع أي كيان مهما كان حجمه الحصول على بيانات معقدة ومعبرة عن تفاصيل أي جولة يخوضها الشخص في قنواتهم الرقمية أو التقليدية. وينتج عن الاستخدام الأمثل لهذه البيانات وتحليلها بالشكل المطلوب تطور واضح في العلاقة بين جهة ما وجماهيرها المستهدفة، وذلك عبر استنباط معلومات قيمة داعمة لقرارتهم المعنية بتحقيق السعادة واستدامتها، وهنا يكمن المفهوم الذي أشرنا إليه في صدر هذا الموضوع، إذا أردت أن توفر السعادة لجمهور أو فئة مستهدفة، فإن البوابة الرئيسية والأصوب هي أن تسلك طريق البيانات، فالعصر الرقمي بمثابة مرآة وانعكاس للمتعاملين معه، فضلاً عن كونه أداة استنباط واستشراف أكثر دقة و أكثر توجيها لجامعي البيانات عن ما يحقق السعادة لشخص أو فئة أو مجتمع ما.

ومن هنا يكمن النجاح، ولا شك أن ما تبذله قيادة الدولة من سعي دؤوب وجهد حثيث في سبيل تحقيق وإرساء استدامة مفهوم السعادة لمواطنيها وبالتبعية المقيمين على أرضها، إنما هو نجاح في حد ذاته يبعث على السعادة، فحكوماتنا أصبحت تستبق طموح مواطنيها بخطوات ولم تكتف بمواكبته.

لمعرفة تفاصيل آخر ابتكار من أڤايا “مؤشر السعادة القائم على البلوك تشين” يرجى متابعة الفيديو التالي:

https://www.youtube.com/watch?v=lSi9OA-Vu8g

زر الذهاب إلى الأعلى