دراسات وتقارير

كيف يعمل نظام إعلانات فيسبوك

كشفت شركة التواصل الإجتماعي فيسبوك في أوائل شهر سبتمبر/ايلول أنها حددت مدفوعات بحوالي 100 ألف دولار تم صرفها على شراء إعلانات على شبكتها الإجتماعية من قبل شركة روسية مرتبطة بالكرملين، حيث عمدت الشركة الروسية إلى نشر أكثر من 3000 إعلان خلال الفترة بين شهر يونيو/حزيران 2015 وشهر مايو/آيار من هذا العام.

وتشير الأدلة المتعلقة بتلك الإعلانات إلى أن روسيا قد تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، كما تم الكشف عن مشتريات إعلانية مماثلة من قبل عملاء روس على خدمات الإنترنت الأخرى ومنصات التواصل الإجتماعي مثل جوجل وتويتر، ويمكن القول أن الإعلانات عبر الإنترنت موضع الحديث لا تتناسب بالضرورة مع الفكرة التقليدية للإعلانات، وأن إعلانات فيسبوك ليست عادية بشكل خاص.

هل إعلانات فيسبوك أكثر دقة من الإعلانات الأخرى ؟

يرتبط نظام إعلانات فيسبوك الأساسي بشكل مباشر بتغذية خلاصة الأخبار ضمن المنصة، حيث تعد تغذية الاخبار مركز المعلومات الأساسي ضمن فيسبوك وتعمل بمثابة الواجهة الأساسية للشبكة الإجتماعية، وقد جرى إنشاء هذا النظام لتوفير الإعلانات التي يمكن أن تنتزع انتباه المستخدمين بشكل فعال، وهو ما تسميه شركات الإنترنت “المحتوى العضوي”، حيث تعرض خلاصة الأخبار المشاركات المنشورة من قبل الأصدقاء والعائلة وغيرهم من الأشخاص والصفحات والمجموعات المتصلة بالمستخدم.

وغالباً ما تكون الإعلانات هي نفسها المحتوى العضوي، لكن مع وجود أموال مدفوعة خلفها، وقال رون بيرمان أستاذ التسويق في كلية الأعمال وارتون في جامعة بنسلفانيا الذي يدرس مادة الإعلانات عبر الإنترنت “هناك آلية لبيع الإعلانات، ولكن الإعلان نفسه ليس إعلاناً حقاً، بل إنه عبارة عن محتوى عادي”.

واعتبرت منصة فيسبوك جزء من التغيير التدريجي الكبير في صناعة الإعلانات عبر الإنترنت على مدى العقد الماضي، وازدادت عملية التداخل بين الإعلانات والمحتوى العضوي مع تزايد عدد الأشخاص الذين انتقل نشاطهم عبر الإنترنت من أجهزة الحواسيب المكتبية إلى الهواتف المحمولة، لا سيما على خدمة الشبكات الاجتماعية الشائعة مثل إنستاجرام و تويتر وفيسبوك.

لماذا تشجع الهواتف المحمولة هذا التغيير ؟

توفر الهواتف المحمولة مساحة أقل على شاشة العرض للإعلانات، وعادة لا تتوفر سوى مساحة لعمود واحد من المعلومات، ويجب أن تتناسب الإعلانات والمحتوى الآخر ضمن هذا العامود، الأمر الذي جعل الإعلانات تنتقل إلى موضع أكثر بروزاً، وعلى سبيل المثال فإن كتابة كلمة “سامسونج” ضمن محرك بحث جوجل على جهاز حاسب محمول يؤدي إلى ظهور إعلانات سامسونج أعلى شاشة العرض وتحتها تظهر نتائج البحث المختارة من قبل جوجل، ولكن في حال القيام بنفس الأمر على الهاتف المحمول الذكي فمن المحتمل أن تحتل الإعانات شاشة العرض بأكملها.

وحاولت فيسبوك الرد على قيود العرض المتعلقة بالشاشة من خلال إنشاء نظام إعلاني جديد يجعل الإعلانات جزء لا يتجزأ من خلاصة تغذية الأخبار، والتي تهيمن على شاشة عرض الهواتف المحمولة.

ما هو إعلان فيسبوك ؟

تعتبر الإعلانات بمثابة صفحات فيسبوك التي تم بناؤها من قبل الشركات والمنظمات والمؤسسات المتواجدة على الشبكة الإجتماعية، وتسمح المنصة للشركات والمعلنين الآخرين بخدمة الصفحات مباشرة ضمن تغذية الأخبار الخاصة بالمستخدمين الذين ليس لديهم أي صلة أخرى بها، كما تسمح لهم باستهداف المستخدمين من خلال رغباتهم وسلوكهم.

ويسمح ظهور هذه الصفحات للأشخاص بالتعليق عليها والقيام بردود فعل مثل الإعجاب، بنفس الطريقة التي يمكنهم اتباعها مع أي شيء آخر يظهر ضمن خلاصة أخبارهم، ويؤدي قيام الناس بالضغط على زر إعجاب ضمن الصفحة بمواصة ظهور هذه الصفحات وأخبارها ضمن خلاصة تغذية الأخبار الخاصة بالمستخدمين وخلاصة تغذية الأخبار الخاصة بأصدقاء أولئك المستخدمين بشكل مجاني.

ما مدى دقة استهداف المعلنين للإعلانات ؟

يتجه الناس عادة ضمن فيسبوك إلى وصف أنفسهم بشكل كامل وترك جميع أنواع المعلومات الرقمية تظهر رغباتاهم واهتماماتهم، مما يسمح لمنصة فيسبوك بمطابقة تلك البيانات مع غيرها من البيانات التي تجمعها.

ويوفر نظام المنصة طرقاً لاستهداف المواقع الجغرافية والمصالح الشخصية والخصائص والسلوك، بما في ذلك النشاط على خدمات الإنترنت الأخرى وضمن المتاجر الفعلية على أرض الواقع.

ويمكن للمعلنين استهداف الأشخاص استناداً إلى انتمائهم السياسي ومدى احتمال مشاركتهم في المحتوى السياسي، وسواء كانوا يحبون رياضات الركض أو رفع الأثقال أو الصيد وأي نوع من المشروب المفضل يحبون وما إلى ذلك وهلم جرا.

ويمكن لفيسبوك، في حال قدم المعلنون قائمة بعناوين بريد إلكتروني، أن تحاول استهداف الأشخاص الذين ينتمون إلى تلك القائمة، كما يمكن أيضاً أن تفعل ما يطلق عليه “مطابقة على حد سواء”، وهو أن تقوم خوارزميات فيسبوك بإيصال الإعلانات للأشخاص الذين يعتقد ان يكونوا مشابهين للأشخاص الذين ينتمون إلى تلك القائمة.

كيف يحدث كل ذلك ؟

تدير فيسبوك، بشكل يشابه جوجل وآخرين، مزاد رقمي فوري لكل موضوع إعلاني، مع الأخذ بالاعتبار أسعار عروض الأسعار من العديد من المعلنين، بحيث قد يعرض المعلن مبلغ 2 دولار أو ما يعادله بالعملة المحلية لوضع إعلان في حالة معينة.

وتعمل منصة فيسبوك على تقييم هذا العرض ومدى ملاءمة هذا العرض مع أهمية الإعلان في هذه الحالة، وإذا كان الإعلان ملائماً فإن المعلن ليس بحاجة إلى تقديم عرض سعر مرتفع للفوز بالمزاد.

وتعمل المنصة بشكل معاكس لباقي الخدمات المماثلة، حيث انها لا تنظر إلى مدى ملاءمة الإعلان بجوار الإعلانات الأخرى المتاحة فقط، بل تأخذ بعين الاعتبار مدى ملاءمة الإعلان وأهميته بجوار كافة المحتويات الأخرى، وتختار الإعلانات استناداً إلى مدى تنافسها على الاهتمام مع المشاركات العضوية.

لماذا لا يجري فصل الإعلانات عن المحتوى ؟

تشير شركة جوجل إلى أنها تدير فرقاً منفصلة وتكنولوجيا منفصلة للمحتوى والإعلانات العضوية، ولا تتعامل خوارزمية المحتوى بشكل أساسي مع الإعلانات والعكس صحيح، بينما تختلف فيسبوك قليلاً من هذه الناحية، وذلك تبعاً لكون مزاد الإعلانات يتضمن أيضاً المحتوى العضوي.

وتتم مراجعة الإعلانات أيضاً من خلال مزيج من الخوارزميات والمنسقين البشريين لتحديد ما إذا كانوا يخالفون سياسات الشركة، وقالت فيسبوك مؤخراً أنها سوف تضيف حوالي ألف عنصر بشري جديد من المشرفين للفريق الذي يستعرض الإعلانات.

ماذا عن إنستاجرام وتويتر ؟

بدأ محرك إعلانات فيسبوك بحلول خريف عام 2015 بإدارة الإعلانات على منصة مشاركة الصور إنستاجرام، والتي خصلت عليها الشركة قبل ثلاث سنوات، في حين تعمل منصة تويتر بشكل مختلف قليلاً عن هذه الخدمات، ولكن بديناميكية مماثلة، حيث أن إعلانات تويتر هي مجرد مشاركات يجري دفع الأموال عليها من قبل الشركات والعلامات التجارية والأشخاص لوضعها في خلاصات أخبار الأفراد الذين يتطابقون مع معايير معينة.

أليس هناك فصل عن المحتوى العادي ؟

تشير جميع هذه الشركات إلى أن الإعلانات المدفوعة هي إعلانات مصنفة أو محتوى ترويجي، ويضيف المسؤولون التنفيذيون في فيسبوك أن الإعلانات تتضمن عادة نوعاً من العبارات التي تحث المستخدمين على اتخاذ إجراء مثل “إبداء الإعجاب” بصفحة.

وقال روب جولدمان نائب رئيس منتجات الإعلانات في فيسبوك في بيان “هدفنا هو جعل الإعلانات على فيسبوك مفيدة ومتعلقة بما يشاهده الأشخاص من الأصدقاء والعائلة، ولكننا نريد أيضاً أن يعرف الأشخاص عندما ينظرون إلى أحد الإعلانات، لذلك نصنفهم بوضوح على أنهم محتوى “ترويجي”.

ويعتبر الخط الفاصل بين الإعلانات والمحتوى ضبابي بطرق قد لا تكون واضحة، وعلى سبيل المثال في حال قام الشخص بعمل إعجاب بإعلان ما فإن مشاركات من نفس الحساب سوف تظهر ضمن خلاصة تغذية أخبار الشخص بشكل تلقائي دون ظهور علامة على أنه محتوى ترويجي أو مدفوع الثمن.

وقال السيد بيرمان أن هذه المشاركات ليست مجرد إعلانات مجانية ولكنها شيء يراه الناس ذو مصداقية ولذلك تعمل فيسبوك على نشره ضمن خلاصة أخباره وأخبار أصدقائه وعائلته، ويمكن القول أن تأثير الإعلان ضمن خدمة مثل فيسبوك قد يتجاوز ما يدفعه المعلن.

زر الذهاب إلى الأعلى