رأي وحوار

منصة Daydream من جوجل…حلم نحو السيطرة على سوق الواقع الافتراضي المتنامي

يُتوقع أن يبلغ حجم الإنفاق السنوي على الواقع المعزز والواقع الافتراضي (AR/VR) في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ستة مليارات دولار بحلول عام 2020، وذلك وفقًا للدليل العالمي للإنفاق على الواقع الافتراضي والواقع المعزز الذي تصدره شركة IDC. وفي ضوء المبلغ الإجمالي المتوقع تسجيله هذا العام وهو 200 مليون دولار أمريكي، نرى أن هذه الأرقام الضخمة تمثل فرصة كبيرة للبائعين لتحقيق أقصى استفادة منها.

وحسبما تجري الأمور، لا يوجد غير عدد قليل من الشركات الرئيسية الشهيرة التي تسيطر على سوق الواقع الافتراضي والواقع المعزز مثل شركات مايكروسوفت وفيسبوك وسوني وإتش تي سي وجوجل، ولكن إذا كانت هذه الشركات تدرك تمامًا إمكانات النمو الهائلة لسوق الواقع الافتراضي والواقع المعزز، فيتعين عليها عندئذ التغلب على بعض العقبات الرئيسية قبل اعتماد هذه التكنولوجيا على نطاق واسع مثل وعي المستهلك، وتوفير المحتوى، ومتطلبات المواصفات، وإمكانية الوصول، وربما الأهم من ذلك كله الأسعار.

وتنصب طموحات مايكروسوفت في هذا المجال على الواقع المعزز من خلال إصدارها نظارتها للواقع الافتراضي HoloLens التي تبلغ تكلفة شرائها حاليًا حوالي 3 آلاف دولار أمريكي، هذا في الوقت الذي أطلقت فيه كل من شركتي فيسبوك وإتش تي سي نظارات للواقع افتراضي متطورة وحديثة يتعين اتصالها بأجهزة كمبيوتر قوية كي تعمل بكفاءة، وستبلغ تكلفة الإعداد كله للمستخدمين ما يزيد عن ألف دولار أمريكي، وهو السعر الذي يعد مرتفعًا جدًا للجمهور من حيث الإنفاق على تقنية ومنصة غير مجربة بعد.

جدير بالذكر أن سوني تحتل موقعًا متميزًا في هذا الصدد كأول شركة لديها بالفعل قاعدة مثبته لأكثر من 40 مليون جهاز بلايستيشن متوافقة مع نظارة PSVR متصلة تنتجها الشركة بسعر أقل من 400 دولار أمريكي (أقل من نصف إجمالي النفقات اللازمة لأوكيولوس وVive)، وذلك تعد هذه النظارة الأعلى مبيعًا في الأسواق.

ورغبةً في أن تثبت مكانتها في هذا السوق التنافسي، كشفت جوجل النقاب في بداية هذا الشهر عن نظارتها Daydream View، وهي أول نظارة متوافقة مع منصة Daydream، وتتميز بأنها نظارة للواقع الافتراضي بدون شاشة (تشبه نظارة الواقع الافتراضي Gear VR من سامسونج) يتطلب عملها بكفاءة وضعها في العارض.

مع ذلك لا تشبه نظارة جوجل المنتجات الأخرى التي يطرحها المنافسون؛ حيث إن الشركة اختارت إنتاج الجهاز بمساعدة صناع الملابس. وكانت النتيجة النهائية هي منتج مصنوع من القماش والألياف الدقيقة بدلاً من البلاستيك الصلب. تأتي النظارة مع جهاز تحكم لاسلكي يستخدم للتنقل والتفاعل مع المحتوى على الشاشة، وبدأ طرحها للبيع في نوفمبر 2016 بسعر 79 دولارًا أمريكيًا.

تتطلع جوجل إلى جعل الواقع الافتراضي في متناول الجميع من خلال منصة Daydream ونظارة Daydream View المصاحبة لها. ومع ذلك، فإن عروض Daydream تأتي مع قيود خاصة بها، فعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بالمبتدئين، فإن النظارة لن تعمل سوى مع الأجهزة التي تدعم منصة Daydream، وهذا يعني استثناء جميع الهواتف الذكية ماعدا الهواتف الذكية Pixel التي أصدرتها جوجل. وتعمل حاليًا معظم الشركات التي تطرح الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل أندرويد على إصدار هواتف بها خصائص الدعم الضرورية، وذلك على عكس هواتف iPhone من آبل التي لن تكون جزءًا من هذه المنظومة.

ثمة عقبة رئيسية أخرى تواجه الواقع الافتراضي وهي وجود محتوى جاذب ومشوق قادر على منح المستخدمين ميزتي المتعة والترفيه لأطول فترة ممكنة. وفي خضم محاولتها للتغلب على ذلك، تعمل جوجل بجد على توفير المحتوى وعقد الشراكات التي من شأنها تحقيق فائدة حقيقية لمنصتها. وعلاوةً على الألعاب القياسية والمحتوى، تتمتع جوجل بروابط مع شركاءها مثل HBO وNetflix وNY Times وHulu، في الوقت الذي أصبح الكثير من تطبيقاتها متوافقًا مع منصة Daydream، بما في ذلك تطبيقات Street View وYouTube. وتتوقع الشركة أنه سيكون هناك 50 تطبيقًا متاحًا بنهاية عام سيتبعها مئات التطبيقات بعد ذلك.

تطمح جوجل لجعل منصتها Daydream قصة نجاح حقيقية وواعدة. وفي واقع الأمر، يبدو أن جميع الأمور تسير على الطريق الصحيح عندما يتعلق الأمر بتكلفة النظارة والمحتوى المتنوع الذي سيتوفر على المنصة. وعلى الرغم من ذلك هناك عدد من العقبات التي يجب أن تتخطاها جوجل مثلها في ذلك مثل منافسيها. وتدور المشكلات الرئيسية حول عدد الشركات المصنّعة التي تنتوي تطوير الهواتف والنظارات كي تتوافق مع المنصة، والأسعار عند طرحها في السوق للمستخدمين. وهناك أيضا أسئلة تدور حول المنظومة التي يعمل بها المطور، وما إذا كانت جوجل باستطاعتها جذب العدد الذي تحتاجه من المطوّرين لتطوير المنصة أم لا.

ويكمن التحدي الآخر في إصدار شركة سامسونج لمنتج مشابه، ولا سيما بعد أن أثبتت منتجات سامسونج نفسها بالفعل لتكون لاعبًا رئيسيا في سوق الواقع الافتراضي بفضل نظارة الواقع الافتراضي Gear VR التي طرحتها بالأسواق وكانت قد صنّعتها بالشراكه مع شركة أوكولوس التابعة لفيسبوك. استثمرت سامسونج بشكل كبير في تعزيز نظارة الواقع الافتراضي الخاصة بها على مدار سنتين حتى الآن، كما أنها كانت توزعها مجانًا مع بعض الأجهزة الفاخرة. وبالتالي يمكن لنظارة متطورة ومنتشرة في السوق مثل Gear VR من سامسونج سرقة الأضواء بعيدًا عن منصة Daydream.

ومن جانبها تتوقع شركة IDC أن يستأثر قطاع المستخدمين بنسبة أكثر من 55% من عائدات سوق الواقع الافتراضي والواقع المعزز في سوق الشرق الأوسط وإفريقيا، وجوجل بالطبع تتمتع بقوة وميزة الوصول إلى استهداف الجماهير وجذبهم لأجهزة الواقع الافتراضي الخاصة بها. وفي النهاية لا يمكن القول غير بأن الزمن وحده كفيل بإثبات ما إذا كانت Daydream ستتحول إلى الواقع الذي تأمله جوجل أم لا.

* كُتب بواسطة سعد الخادم، محلل أبحاث بشركة IDC

زر الذهاب إلى الأعلى