رأي وحوار

نحن على أعتاب الثورة الصناعية الرابعة .. فهل ستكون آمنة؟

إن التقارب بين العالمَيْن الرقمي والمادي هو أكثر من مجرد أمر عادي بالنسبة لشركة ماستركارد، فهو في الواقع تحول جوهري على خطى «الثورة الصناعية الرابعة» أو ما يُعرف بـ «الصناعة 4.0»، حيث ستُسهِّل الأتمتة وتبادل البيانات وتقنيات التصنيع حياتنا وتجعلها أكثر بساطة، وتساهم في تمهيد الطريق لتجاربٍ أفضل، كما أنها ستمنحنا المزيد من الوقت للتركيز على الأمور الأكثر أهمية، كعائلاتنا وأصدقائنا وتجاربنا الحياتية. ولكن للوصول إلى هذه الحالة من الأتمتة والاتصال الآمن، فنحن بحاجة للحديث عن الدور الذي يلعبه كل من الأمن والابتكار، وكلاهما يتمتع بأهمية قصوى.

وعندما تم اختراع مفهوم الشبكة العنكبوتية العالمية، لم يُمنح الجانب الأمني أهمية كبيرة، وتسبب التوسع العالمي للشبكة الذي تبع ذلك في إحداث تغيير هائل في حياة الأفراد وممارسات قطاع الأعمال، كما جاء مصحوباً بأشكالٍ جديدة من التهديدات لم نعهدها من قبل. ومما لا شك فيه أن تقنية إنترنت الأشياء (IoT) ستفتح المجال للمزيد من الفرص للتجارة وستؤثر بشكلٍ إيجابيٍ على الإدراج المالي على مستوى العالم. ومع ذلك، يجب أن يوضع الأمن على رأس الأولويات في المراحل الأولى لتطوير أي جهازٍ جديد يتصل بالإنترنت. وباتت اليوم معالجة تحديات الأمن السيبراني أكثر أهمية من أي وقتٍ مضى، لا سيما في التصدي لعمليات القرصنة المعلوماتية، والانتهاكات وسرقة الهويات، والعديد من التهديدات الأخرى، وكل ذلك ضمن إجراءات احترازية تضمن أمن أجهزتنا. ولا يمكن تحقيق الابتكار إذا نظرنا إلى الأمن كأمرٍ ثانوي. لذلك، فلا بد من التركيز على عنصرَيْ الأمن والابتكار في آنٍ معاً، والتخطيط لهما بدءاً من نشوء فكرة تطوير المنتج ووصولاً إلى عملية تنفيذه، وإلى ما يلي ذلك.

شاركتُ مؤخراً في حلقة نقاش ضمن المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا، تحت عنوان “تأمين التطور القادم للعالم المتصل“، حضرها السير تيم بيرنرز لي، مخترع مفهوم الشبكة العنكبوتية العالمية ومؤسس شركة Salesforce.

ومع أخذ هذه الفلسفة بعين الاعتبار، فقد كانت هذه الحلقة مثيرة للاهتمام ومواكِبَة لمجريات الأحداث، ولذلك فقد أردتُ أن أشارككم بعض النقاط الرئيسية التي تم تناولها:

  • تجربة المستخدم تأتي في المقام الأول. مع توقع نمو عدد الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت إلى ما يتراوح بين 25 و50 مليار جهاز بحلول العام 2025، فإن تقنية «إنترنت الأشياء» ستتقارب مع تجربة المستهلك وتعمل على تغييرها إلى الأفضل، محسنةً الحياة في المنزل وفي بيئة العمل، كما أنها ستوفر عليكَ الوقت، وتبقيكَ آمناً وسليماً حتى تتمكن من قضاء المزيد من الوقت للقيام بالأمور الأكثر أهمية مثل التواصل مع الأسرة والأصدقاء، وممارسة الهوايات المُحبَّبة. أما مفهوم «استخدام الأشياء للدفع» (Thing-to-Thing)، فسيَرسُم مستقبل طرق الدفع وسيلعب دوراً محورياً في تطويرها. لذلك، علينا إدراك فكرة انتشارها الواسع والاعتماد عليها بشكلٍ أكبر بالمقارنة مع الأجهزة النقالة التي يقوم عليها العالم اليوم. هل يمكن لسيارتك أن تقوم بدفع رسوم المواقف مباشرة وبشكلٍ تلقائي؟ هل يمكن لأجهزتك الذكية التي يمكنك ارتداؤها أن تعطيك توصيات دون أي تدخل يدوي من جانبك؟ إن ماستركارد تتبنى هذا المفهوم بالفعل، وتعمل على تطوير طرقٍ جديدة للدفع باستخدام الخواتم الذكية، والملابس، والعلّاقات الإلكترونية لمفاتيح السيارة. وتعد شراكتنا مع شركة سامسونج لتطوير تطبيق «غروسيريز» من ماستركارد Groceries للاستخدام مع ثلاجة سامسونج الذكية Samsung Family Hub، أحدث برهان على ذلك.

وبالإضافة إلى المستهلكين، فإن أمام الشركات والمؤسسات فرصة كبيرة واعدة. فعلى سبيل المثال، يمكن لتجار التجزئة الجمع ما بين الخدمات داخل المتجر والخدمات الرقمية لتوفير تجربة تسوق ممتعة، وذلك من خلال مساعدة المتسوقين على الإنفاق في المتاجر بطريقةٍ مشابهة لما هو عليه الحال عند التسوق عبر الإنترنت، مع تخصيص أنظمة اللوحات الرقمية ونقاط البيع، وتقديم اقتراحات داخل المتجر لتفضيلات المستهلكين. ولتحقيق الاستفادة القصوى من هذه السوق، يجب تمكين تقنية إنترنت الأشياء للاستخدام التجاري.

  • الأمن والثقة. سبق وأن ذكرت هذا الأمر عدة مرات من قبل، ولكنه يستحق التكرار، إذ أن الأمن يحظى بالأولوية لدينا في ماستركارد، وينبغي أن يكون الأمر كذلك بالنسبة لجميع الشركات الأخرى. ويتوقف نمو ونجاح تطبيقات إنترنت الأشياء على الثقة، وخاصةً عندما تكون أموال وبيانات المستهلكين على المحك. يجب على كل جهاز أن يكون متوافقاً مع التجارة الآمنة، وخلافاً لذلك، فإن المستهلكين لن يكونوا متسامحين في حال فقدان بياناتهم أو أموالهم، أو ربما يكون الأمر أسوأ من ذلك، بحيث يتخلون تماماً عن المشاركة في تطبيقات «إنترنت الأشياء»، والعودة مرة أخرى إلى اتباع الوسائل التقليدية. وبالفعل، فقد بذلت «ماستركارد» جهوداً دؤوبة للتحضير لهذا التطور مع إطلاق حلول لتأمين النظام الإيكولوجي لمدفوعات إنترنت الأشياء، مثل تقنية استبدال عناصر البيانات الحساسة بأخرى غير حساسة كرموز ليس لها معنى Tokenization، والمحافظ الرقمية، والقياسات الحيوية، ورصد البيانات الفارقة باستخدام تحليلات البيانات عبر شبكتنا لرصد الأجهزة المريبة وسلوكيات المستهلك.
  • الإخفاق أم النجاح.. ما الأفضل؟ تتمثل الوصفة السحرية لتحقيق النجاح في التالي:
  1. خلق تجربة إيجابية للمستهلك
  2. تطوير منتجات آمنة
  3. كسب ثقة المستهلك
  4. تحليل معطيات البيانات واستخدامها لحل المشاكل
  5. إعطاء المستهلكين الخيار لاعتماد هذه الحلول بشكلٍ أوسع

وكانت مشاركة ماستركارد إلى جانب نخبة من القادة العالميين في جلسة النقاش هذه استثنائية للغاية، إذ أنها سلطت الضوء على المكانة البارزة التي تحتلها في تطوير حلول جديدة للمدفوعات الآمنة في إنترنت الأشياء. وقد أشارت ردود الفعل إلى أن ريادتنا في هذا المجال لم تأتِ من فراغ، وأنه يتوجب علينا الاستمرار في تعزيز الحوارات والتوجيهات للارتقاء بالتجارة إلى أعلى مستويات الأمن والموثوقية.

الحوار حول هذا الموضوع لا يتوقف هنا. هل أنتم متحمسون للثورة الصناعية الرابعة ؟

شاركونا آراءكم.

زر الذهاب إلى الأعلى