رأي وحوار

هل ستبقى تويتر تغرد خارج السرب!

بقلم أحمد الخضر

 

تسعى شركة تويتر منذ سنوات للحاق بمثيلاتها من شركات الشبكات الاجتماعية، حتى تلك التي ظهرت بعدها؛ ولكن دون جدوى، فمعدل نمو عدد مستخدميها النشطين لا يزال في تباطؤ، إذ لم تفلح الشركة خلال الربع الثالث من العام الحالي، في جذب سوى 4 ملايين مستخدم.

وإذا ما قارنّا عدد مستخدمي تويتر النشطين شهريًا، الذي بلغ خلال الربع الثالث من العام 2015 نحو 320 مليونًا، بمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، نجد أنها متأخرة كثيرًا، فخدمة مثل إنستاجرام انطلقت بعدها بنحو أربع سنوات تملك مثلًا أكثر من 400 مليون مستخدم، ونفس العدد من المستخدمين تملكه لينكد إن، التي لا تُعد شبكة اجتماعية بالمعنى الدارج، ناهيك عن فيسبوك – التي أعتقد شخصيًا أنها أحد أبرز أسباب فشل تويتر – تملك ما يزيد عن 1.55 مليار مستخدم.

ولكن ما سبب هذا الفشل الذي مُنيت به تويتر؟!، قبل ذلك دعونا نعرض على تاريخ الشركة.

أُنشئت تويتر في آذار/مارس 2006 على يد أربعة أشخاص، أبرزهم جاك دورسي، الذي نشر أول تغريدة في الموقع، ثم تم إطلاق الشركة رسميًا في تموز/يوليو من ذاك العام. وتدريجيًا بدأ موقعها يستقطب بعض المستخدمين لأنه جاء بفكرة مختلفة نوعًا ما عما يقدمه موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الذي كان قد أُطلق قبله بعامين.

وتويتر في الأصل من بنات أفكار دورسي الذي أراد تطوير خدمة رسائل نصية للتواصل مع مجموعة صغيرة، وبالفعل روجت الشركة في البداية لموقعها على أنه مكان لمشاركة وتبادل الرسائل النصية القصيرة SMS – التي كانت شائعة في تلك الأيام قبل خدمات التراسل الفوري – وهو ما دفع كثيرين إلى وصف الموقع بأنه “الرسالة النصية للإنترنت” the SMS of the Internet.

ومن هنا نعلم لماذا تحدد تويتر الحد الأقصى لأحرف التغريدات بـ 140 محرفًا، إذ يأتي هذا الرقم من الحد الأقصى لمحارف الرسائل النصية القصيرة البالغ 160 محرفًا، وتحتفظ تويتر بـ 20 محرفًا لاسم المستخدم.

وفي ذلك الوقت لم تكن مواقع التواصل الاجتماعي تحظى بشعبية كبيرة بين المستخدمين، لحداثة عهدها، ثم إن المنتديات كانت تطغى على توجهم، لما توفره لهم من مساحة لنشر الأفكار والمناقشات.

وسارت تويتر خلال السنوات اللاحقة على ما بدأت عليه، وتمكنت من جذب من يحب الأفكار والتغريدات المختصرة، وبعدما أصبح لها قاعدة عريضة من المستخدمين، هرعت إليها وسائل الإعلام والفنانين والمشاهير فأصبحت منصة للتواصل مع جماهيرهم، خاصة أثناء الأحداث العالمية الكبرى، مثل الانتخابات والمنافسات الرياضية. وهو الشائع فيها حتى وقتنا الراهن.

ولكن سرعان ما أصبح التميز الذي تفاخرت به تويتر في البداية وبالًا عليها، وهو الأمر الذي أدركته متأخرةً، وذلك بعد أن أضحى فيسبوك كالثقب الأسود يجذب إليه كل من يفكر في الانضمام إلى مواقع التواصل الاجتماعي من مستخدمي الإنترنت، والسبب هو أن الأخير شبكة اجتماعية بالفعل، في حين تويتر موقع للتدوين المصغر.

ولتوضيح السبب في فشل تويتر، سأفترض أني مستخدم جديد للإنترنت وحُكي لي عن مواقع التواصل الاجتماعي، فأول ما سيخطر ببالي ما هو الموقع الأكثر استخدامًا؟، ثم سأبحث عن خدمة تتيح لي التواصل مع العائلة والأصدقاء، وعن خدمة توفر لي الكثير من المزايا، من حيث المحتوى الصوتي والمرئي والتفاعل.

وهنا يبرز فيسبوك وليس تويتر بأنه المكان الذي أجد فيه بغيتي، فعلى الصعيد الشخصي، فإن الغالبية العظمى من عائلتي وأقربائي وأصدقائي تستخدم فيسبوك وليس تويتر.

وهناك عامل آخر نشير إليه ثانية، لما كانت المنتديات هي الرائجة قبل مواقع التواصل الاجتماعي، ثم ظهرت هذه المواقع، نجح فيسبوك نوعًا ما في إعادة تقديم الفكرة بشكل عصري، فضلًا عن إمكانية التواصل مع العائلة والأصدقاء فعلًا، وتدور الكثير من مزاياه حول هذه المبدأ.

وبعدما انتقل المستخدمون إليه، اجتهد فيسبوك مع الوقت في قراءة سوق مستخدمي الإنترنت الذي يغلب عليه المستخدمون الشباب لجذب هذه الفئة التي تعد الأكثر استخدامًا للإنترنت والأجهزة الذكية، بل تمكن الموقع من جذب كافة الفئات العمرية.

ومع تصاعد شعبية فيسبوك وتباطؤ شعبيته، أعتقدُ أن تويتر أصبح ينظر للأول على أنه المثال الناجح الذي يجب أن يسير على خطاه، ولكن هناك أخطاء لا يمكن تلافيها بسهولة، أبرزها الرغبة في التحول إلى شبكة اجتماعية مع أنه انطلق أصلًا كخدمة لمشاركة وتبادل الرسائل النصية القصيرة.

وفي سبيل ذلك، أطلقت تويتر، التي يبدو عليها التخبط جليًا بعد استقالة رئيسها التنفيذي السابق ديك كوستولو، ثم تعيين مؤسسها جاك دروسي رئيسًا تنفيذيًا دائمًا بعد أن شغل المنصب مؤقتًا عقب استقالة كوستولو، عددًا من المزايا، التي تجعلها تشبه فيسبوك كثيرًا لجذب المستخدمين الجدد، بما في ذلك الاستعاضة عن زر “التفضيل” بزر “الإعجاب”.

ولكن العقبة الكؤود برأيي هو تقييد المستخدمين بـ 140 محرفًا كحد أقصى للتغريدات، والعلاقة التي تربط المستخدمين ببعضهم، ويُشاع أن تويتر تدرس إمكانية رفع الحد الأقصى للتغريدات.

وبعد أن أدركت تويتر أن تقييد المستخدمين يشكل عائقًا أمام تقدمها، أعتقد أن القرار المرتقب سيكون مصيريًا على مستقبل الشركة، إذ سيترتب عليه تغيير شكل تويتر الذي نعرفه حاليًا تغييرًا جذريًا.

وفي النهاية هل ستبقى تويتر تعاني، أم أنها ستتخلى عن حاجز الـ 140 محرفًا، فيكون هذا القرار عندها، إما صائبًا فيُطلق العنان لعصفورها الأزرق ليحلق عاليًا في سماء الشبكات الاجتماعية، أو قرارًا خاطئًا يضع حدًا لقصة تويتر “العصفور الذي كان يغرد خارج السرب”.

 

ما رأيكم؟ شاركونا أفكاركم بشأن تويتر وعوامل نجاحها وفشلها.

زر الذهاب إلى الأعلى