رأي وحوار

الوقت قد حان لدمج تقنيات التسويق

بقلم: جويتي لالشانداني، نائب الرئيس والمدير العام الإقليمي لشركة IDC الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا

أطلق موقع chiefmartec.com في أوائل العام الحالي أحدث إصدار من تقريره السنوي “بيئة تقنية التسويق”، والذي يتناول 1876 شركة تعمل في 43 فئة مختلفة من أنشطة تقنيات التسويق العالمية، مرتفعاً من 947 شركة تناولها الموقع في تقريره لـ يناير 2014. وعلى الأرجح أن هذا الرقم الجديد هو مجرد تقدير، حيث يعتقد أن الرقم الحقيقي لعدد الشركات العاملة في هذا المجال هو أكبر بكثير، وبالتالي فليس مستغرباً أن يعبر العاملون في صناعة التسويق عن إعجابهم الطاغي، وفي ظل توفر الكثير من الخيارات، فإن هناك ارتباك بشأن الطريق الذي يجب المسيره.

لقد تمكن المسوقون من استيعاب قدر كبير من التغيير والابتكار والتحول على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث عملت بعض التقنيات الناشئة مثل الحوسبة السحابية ووسائل التواصل الاجتماعي والبيانات الكبيرة وتقنيات الاتصالات المتنقلة كمصدر رئيسي للتغيير والفرص. ويحصل العديد ممن تبنوا تقنيات التسويق في وقت مبكر محافظ معقدة تمتد إلى ما بين 40 إلى 50 نظاماً، وقد تصل إلى أكثر من 200 نظاماً في الشركات الكبرى. وقد تم الحصول على العديد من هذه التقنيات من أجل تلبية المتطلبات الدقيقة لكل وظيفة تسويق، وعلى الرغم من أن هذه الأنظمة قد أحدثت تطورات جزئية، إلا أنه لا ينظر إليها كجزء من المنظومة الشاملة التي ترتبط من خلالها من قبل العملاء الذين تقدم الخدمة لهم، والحملات الترويجية التي تدعمها، والبيانات التي تنتجها وتستهلكها.

وبالتالي فإن بيئة تقنيات التسويق المزدحمة ليست هي فقط التي بحاجة لفترة دمج عاجلة، ويجب على المستخدمين النهائيين أنفسهم تطبيق نهج مماثل، حيث أن هذا المستوى من عدم الترابط بين مجموعات الحلول التي لديهم يؤدي إلى مزيد من التجزيء في عمليات التسويق وتجربة العميل، في وقت يتوقع فيه الجمهور خدمات شخصية متفوقة من العلامات التجارية، وذلك حتى قبل أن يصبحوا عملاء لتلك العلامات التجارية.

ومن هذا المنطلق فقد حان الوقت للمسوقين لتقييم موقفهم في الوقت الحالي في رحلتهم نحو التحول الرقمي ووضع خارطة طريق تتخذ نهجاً عقلانياً فيما يتعلق بتبني التقنية على مدى الأعوام الخمس المقبلة. ولتحقيق الريادة في السوق فإن من الضروري دمج تقنيات التسويق المتنوعة وما يرافقها من أنشطة تنظيمية وأنشطة خاصة بالعمليات والبيانات. ويجب على المسوقين تطوير مناهج هيكلية وشاملة لإدارة مجموعة التقنيات الجديدة التي أسهمت في إعادة ابتكار التسويق، وتطبيق حلول تخدم العميل، وتعمل كبيئة متكاملة، وتعزز ثقافة المشاركة وتعمل انطلاقاً من مفهوم البنية التحتية للشركات.

وعلى كلٍ، يتطلب التسويق في عالمنا اليوم نطاق عريض من القدرات التقنية التي لا تتمكن العديد من المنشآت في تطبيقها في شكل نهج شامل. والنتيجة هي حلول لبنية تحتية غير مترابطة وبل مكررة في بعض الأحيان، والتي يتم تطبيقها لحل مشاكل النقص في الكفاءة المعتمدة على النشاط، ولا ينظر إليها كجزء من منظومة تسويق على نطاق أكبر. ويتوقع المشترون بشكل متزايد الاستمرارية عبر كل نقطة اتصال فردية، وهذا الأسلوب في التعامل مع التسويق لم يعد الحل، وفي الواقع أن هذه التوقعات تتطلب بنية تحتية يتم تصورها وتطبيقها وتشغيلها بشكل متكامل.

وليس هناك حدود للفرص التي تتيحها البنية التحتية المدمجة للتسويق والتقنية، حيث تكشف دراسات IDC على عائدات الاستثمار في التقنية ودور الرئيس التنفيذي لتقنية المعلومات أن الشركات التي تستثمر بكثافة في مجال تقنيات التسويق تحتل الصدارة من حيث أداء الأعمال، وذلك لأن المسوقين القادرين على الفصل بشكل سريع ونهائي بين أهداف الشراء للأفراد والنشاط الطاغي في السوق يتمتعون بتفوق واضح عن غيرهم، بينما أن الشركات التي يستفيد مسوقوها بشكل فاعل من التقنية لخدمة المشترين عبر كافة مراحل الشراء والقنوات الإعلامية والأجهزة والتفاعلات الواقعية يتمكنون من البيع إلى العملاء بشكل أسرع.

وتتطلب الاستفادة من تلك الفرص نهجاً جديداً في التسويق – نهج يقوم على البيانات والابتكار وعلى العملية، ويتميز باستجابته، وتسلسله وريادته. تتطلب الريادة استثمار شامل في تقنيات التسويق بما يعزز نضج البنية التحتية وقدرة المنشأة على الاستفادة منها بأفضل ما يمكن. وتتميز التقنيات المطلوبة بتنوعها وتطورها، مما يوجب على المسوقين تطبيق أسلوب منطقي فيما يتعلق بالحصول عليها واستخدامها، ودمج الأنظمة وإنتاج المحتوى وإدارته، وإدارة البيانات والتحليلات، وكذلك فيما يتعلق بإدارة التسويق.

وبعد ما يقرب من 10 سنوات الابتكار، سيدخل عالم تقنيات التسويق قريباً مرحلة الدمج، وهي مرحلة ضرورية للغاية، مع توفير حلول تستهدف جانب محدد ضمن مجموعة منتجات المنشأة. وفي ظل استمرار نضج منصات التسويق وانتشار “التسويق كخدمة” (MaaS)، ستقل أهمية التقنية كمصدر للحصول على ميزة تنافسية، وذلك لأن معظم الشركات ستتوفر لها نفس القدرات ونفس البنيات التحتية، وبالتالي فإن العناصر التي تصنع الفرق ستكون الاحترافية والابتكار لدى الأفراد، وكفاءة العمليات، والقدرة على التعامل مع سلوك العملاء. ومن هذا المنطلق فإن من الضروري البدء بالتخطيط منذ الآن، وبخلاف ذلك فإن الشركة ستتخلف عن الآخرين.

زر الذهاب إلى الأعلى