رأي وحوار

تقنيات تحليلات الأعمال … ما الذي نحتاج إليه؟

بقلم جويتي لالشانداني، نائب رئيس المجموعة والمدير العام الإقليمي لشركة IDC بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا

أدت الاستثمارات في تقنية المعلومات بمنطقة الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية إلى توسع كبير في البنى التحتية بالشركات، وترافق ذلك مع ارتفاع الإنفاق على التطبيقات الرامية إلى توجيه العمليات الخاصة بالأعمال ورقمنة المعلومات. وكان من نتائج كل ذلك ارتفاع مستوى التعقيد في إدارة تقنية المعلومات، حيث أن المنشآت في المنطقة أصبحت تنتج كميات هائلة من المعلومات. ويتوقع 69% من الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات بمنطقة الشرق الاوسط أن ينمو حجم المعلومات بنسبة 20 – 30% خلال الإثني عشر شهراً المقبلة، ومعظم هذه المعلومات غير مهيكلة. وأصبحت المنشآت تعطي أهمية كبيرة وبشكل متزايد لإعطاء معنى لهذه البيانات الهائلة والاستفادة منها لتحسين عملية اتخاذ القرار ووضع الاستراتيجيات وتعزيز التنافسية، مما أدى إلى تزايد الاهتمام بالاستثمار في تقنيات تحليلات الأعمال (Business Analytics) في المنطقة.

صنف الرؤساء التنفيذيون لتقنية المعلومات تقنيات تحليلات الأعمال على أنها التقنية الأكثر أهمية لمنشآتهم في عام 2014، ولكن، ما هي تحليلات الأعمال على وجه الدقة؟ تعرف IDC تحليلات الأعمال على أنها الأدوات البرامجية وأسواق التطبيقات التي لها القدرة على تجميع وإدارة وتنظيم وتحليل المعلومات المهيكلة وغير المهيكلة، والوصول إليها وتسليمها. ويشمل ذلك أدوات الأعمال الذكية وتطبيقات إدارة الأداء والتحليلات ومنصات تخزين المعلومات. ويتم في الوقت الحالي دمج تقنيات التحليلات مع العديد من تطبيقات الأعمال، بحيث توفر تقارير عن المعلومات التي يتم الحصول عليها أو إنتاجها. وعلى الرغم من توفر نطاق عريض من الحلول في السوق، إلا أن هناك عدد من الخصائص التي يجب على الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات التعامل معها إذا ما أرادوا ضمان تطبيق تحليلات الأعمال بنجاح وفاعلية.

جانب الأعمال

الأولوية الأهم تتمثل في تبرير الاستخدام، وحينما يتعلق الأمر بتطبيق حلول تحليلات الأعمال، لن يتوقف الأمر ببساطة على نشر الحل وتوقع استفادة المنشأة منه في عملية اتخاذ القرار، وإنما سيكون من الضروري على مسؤولي تقنية المعلومات إقناع الإدارة العليا بجدوى الحل. وسيساعد ذلك على وضع تصور واضح لأسلوب الاستفادة من التقنية من أجل اكتساب رؤى أفضل وبشكل أسرع وفي الوقت المحدد، بدلاً عن إنتاج تقارير عشوائية. وقد يبدو ذلك امراً صعباً، ولكن الجيد في الأمر هو أن أعضاء مجلس الإدارة أنفسهم هم الذين يبدؤون حواراً في بعض الأحيان مع إدارة تقنية المعلومات من أجل نشر حل تحليلات الأعمال.

وبمجرد إقناع الإدارة العليا، سيكون من المهم كسب دعم مختلف قطاعات الأعمال في المنشأة. وبينما أن مجلس الإدارة قد يطلب المقاييس المالية، فإن مديري قطاعات الأعمال سيهتمون بشكل أكبر بأسلوب استفادتهم من البيانات المتعلقة بفرقهم. ومن المهم الحصول على دعم قطاعات الأعمال حيث أن ذلك سيساعد على تبرير الاستخدام للأعمال والميزانية، وقد شهدنا أمثلة لمنشآت بادر فيها رؤساء وحدات الأعمال بطرح قضية تحليلات الأعمال حتى قبل أن يطرحها مسؤولو تقنية المعلومات. فعلى سبيل المثال، تهتم إدارات التسويق بشكل خاص بتحليلات العملاء بما يمكنها من تطوير عروض منتجاتها وخدماتها.

وهناك خطوة أخرى هامة وهي ضمان الاتفاق على مؤشرات الأداء الهامة (KPIs). تحتاج إدارة تقنية المعلومات للتعاون مع رؤساء الأعمال بهدف تحديد مقاييس الأداء الهامة ذات الصلة، ويجب تنفيذ ذلك ابتداءً من بدء المشروع بحيث يتم ضمان تصفية المعلومات الملائمة وإعادة تدويرها لأغراض وضع التقارير. ونظراً لحجم المعلومات غير المهيكلة في المنشآت، لن يكون هناك مجال لتفادي الطلبات غير الملائمة، ولكن سيكون ملائماً أن تقوم الجهات ذات الصلة بتحديد مجموعة من مؤشرات الأداء الهامة بحيث يمكن الاستفادة من البيانات الملائمة.

وهناك خاصية هامة يمكن أن تحدد نجاح أو عدم نجاح حل تحليل الأعمال، وهي إدارة التغيير. فبمجرد الاتفاق على مؤشرات الأداء الهامة وقرب انطلاق المشروع، يجب على إدارة تقنية المعلومات ومسؤولي الأعمال التعاون بشكل وثيق من أجل ضمان استعداد المنشأة لتبني التغييرات التي ستحدث. ويجب تثقيف المستخدمين بكيفية استخدام البيانات والتقارير، وسيكون بعض الموظفين بحاجة للتدريب على المهارات الأساسية، كما يجب تعريفهم بشكل كامل بأن عملية اتخاذ القرار داخل المنشأة ستتغير.

جانب التقنية

تعتبر جودة المعلومات عاملاً هاماً يمكن أن يؤثر على نوع القيمة التي ستحصل عليها المنشأة، وذلك عند تطبيق حل تحليلات الأعمال. ومن الضروري تحديد جودة المعلومات نظراً لأن الأنظمة المختلفة يمكن أن تقوم بجمع المعلومات بطرق مختلفة، مما قد يؤدي إلى تكرار المعلومات، وقد لا تكون إدارة تقنية المعلومات مدركة لجميع العوامل التي يجب وضعها في الاعتبار عند إنشاء التقارير باستخدام برامج إكسيل. وسيكون على رؤساء تقنية المعلومات التعاون على نحو وثيق مع  رؤساء الإدارات للوصول إلى فهم أفضل للتقنية.

وسيكون من الضروري على إدارة تقنية المعلومات التعاون مع إدارات الأعمال فيما يتعلق بقضية الحوكمة – تحديد أصول المعلومات ووضع معايير لطريقة الحصول على المعلومات وتحديد المعلومات التي يمكن الوصول إليها والتي لا يمكن الوصول إليها بشكل دقيق. ويجب أن يكون هناك ملكية مشتركة على هذه المعلومات، حيث تتعاون كافة الجهات ذات الصلة من أجل ضمان إدارة إطار الحوكمة بفعالية. ويترافق ذلك مع قضية أمن المعلومات، حيث أن حل تحليلات الأعمال سيمكنه الوصول إلى مجموعة عريضة ومتنوعة من المعلومات في كافة قطاعات المنشأة، وبالتالي فمن المهم أن يتم تأمين كافة المعلومات التي يتم الوصول إليها والالتزام بكافة أدلة وأنظمة أمن المعلومات بشكل مستمر.

والجانب التقني الأكثر أهمية الذي يجب على إدارة تقنية المعلومات التعامل معه هو دمج المعلومات، وضمان أن المعلومات يتم دمجها بشكل صحيح في أنظمة تحليلات الأعمال، وذلك نظراً لمجموعات التطبيقات المتعددة التي يتم الاستفادة منها في المنشأة. ومن المهم أن نتذكر أنه لا يتم إنتاج البيانات بشكل متماثل وأن بعض التطبيقات قد تنتج معلومات أكثر من غيرها.

وهناك جانب مشترك بين الأعمال وتقنية المعلومات، وكذلك فيما يتعلق بتحليلات الأعمال، وهو الكوادر المؤهلة. ففي جانب تقنية المعلومات، قد يتوفر موظفون قادرون على تطبيق الحل، إلا أن أفراد الفرق قد لا يكونون بالضرورة علماء في المعلومات. أما للأعمال فإن القضية تتمحور حول حقيقة أن الإدارات قد لا تتمتع بمجموعات المهارات التحليلية بما يمكنها من الاستفادة بفاعلية من حلول تحليلات الأعمال. ومن المؤكد أن توفير الكوادر المؤهلة لتطبيق التقنيات الجديدة يمثل تحدياً مستمراً في منطقة الشرق الأوسط، حيث أن الشركات بحاجة للاستثمار في التدريب أو ضمان تحويل معظم عمليات تحليلات الأعمال إلى آلية.

زر الذهاب إلى الأعلى