رأي وحوار

سوق الهواتف الذكية في 2014: هل ثمّة ابتكارات حقيقية تلوح في الأفق؟

بقلم: سعد الخادم، محلل أبحاث لدى شركة IDC لأبحاث الأسواق في الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا

 

يمثل المؤتمر والمعرض العالمي السنوي للأجهزة النقالة MWC في برشلونة المنصة الرئيسية للمنتجين – مع استثناء ملحوظ من شركة “آبل” – للإعلان عن أحدث وأفضل منتجاتهم من الهواتف النقالة، التي يتوقع المستهلكون أن يروها ويشتروها خلال السنة التالية.

لكن لوحظ في مؤتمر هذا العام غياب التطورات الحقيقية المبتكرة في المنتجات، حيث كانت معظم الأجهزة المقرر طرحها عام 2014 لا تمثل سوى تحسينًا طفيفًا على الطرازات التي سيتم استبدالها أو منافستها.

فمثلًا، كان الخبر الرئيسي لمشاركة “سامسونج” في مؤتمر العام 2014 إطلاق الجيل الخامس من أجهزتها خلال فعالية UNPACKED5، حيث تم الكشف عن الجهاز المنتظر “جالاكسي إس 5”. لقد حقق الجهاز “جالاكسي إس 4” نجاحًا هائلًا عام 2013 وطرحت الشركة العديد من الأجهزة المستوحاة منه مثل  “جالاكسي إس 4 ميني” والطراز غريب الشكل “جالاكسي إس 4 زووم” والجهاز المتين “جالاكسي إس 4 أكتيف”.

حفل الجهاز “جالاكسي إس 4” بمزايا جديدة رائعة وقتها، على الرغم من وجود بعض الهفوات من ناحية التصميم وجودة خامات التصنيع. إلا أنه بدا أقرب لأن يكون تطويرًا أكثر منه جهازًا ثوريًا، حيث كان مظهره مطابقًا تقريبًا لسلفه “جالاكسي إس 4” من حيث الشكل والغلاف البلاستيكي. وقد أقرت “سامسونج” بهذه الحقيقة وصرحت أنها كانت تخطط لطرح شيء مختلف هذا العام.

وهذا يعيدنا إلى موضوع الكشف عن الجهاز “جالاكسي إس 5” في المؤتمر العالمي للأجهزة النقالة MWC، حيث أخفقت “سامسونج” مرة أخرى في تقديم منتجٍ مبهرٍ حقًا. جاء الشكل العام للتصميم مقتبسًا من شقيقه الأكبر “جالاكسي نوت 3” لكن بأبعادٍ أقل ونسبة طول/عرض أصغر، مع غلاف خلفي يشبه الجلد المثقب.

وكان الجهاز “جالاكسي إس 4” قد زُوِّد عند إطلاقه العام الماضي بعددٍ كبير من المزايا، منها الإيماء عن بعد Air Gestures ورؤية الرسائل والصور وتشغيل المقاطع عن بعد Air View واللقطة المزدوجة Dual Shot والكثير غيرها.

أما المزايا الأبرز هذه السنة في جهاز “جالاكسي إس 5” فتشمل قارئ البصمة وقياس معدل نبضات القلب. تقنية قراءة البصمة ليست جديدة تمامًا، فقد سبقت إليها شركاتٌ أخرى مثل “آبل” و “إتش تي سي”، بينما يمكن لتطبيقات عديدة توفير وظيفة قياس معدل نبضات القلب.

وهناك الكثير من الأسئلة المطروحة حول المدى الذي يمكن أن تستمر فيه “سامسونج” بطرح أجهزةً مميزة بموادٍ دون المستوى، بينما تصنع كلًا من “آبل” و  “إتش تي سي” هواتف ذات جودة ومواد استثنائية، لكن الزمن أثبت أن هذه النقطة ليست من العوامل الأساسية في اتخاذ قرار شراء الهاتف، حيث ما تزال “سامسونج” تتصدر منافسيها بمعادلةٍ صنعت العجائب حتى الآن.

في العام 2013 أطلقت “إتش تي سي” جهازها المميز “إتش تي سي ون”، وهو هاتفٌ اعتقد كثيرون أنه سيكون التهديد الحقيقي الوحيد لجهاز “جالاكسي إس 4” من “سامسونج”. حيث تميز بالإتقان والجمال وزُوِّد بالكثير من المواصفات والمزايا العالية. لكن في النهاية، لم تستطع “إتش تي سي” منافسة القوة التسويقية التي تتمتع بها “سامسونج”.

هذه السنة، تم الكشف عن نموذج جديد من جهاز “إتش تي سي ون” في مارس، وحظي جهاز One الجديد بتحسيناتٍ على التصميم الجميل أصلًا للهاتف الذكي، إلى جانب شاشة قياس خمس بوصات بدقة 1080 بكسل وعدسات مزدوجة للكاميرا تستطيع التقاط عمق الصورة وتتيح تحريرًا متقدمًا لها. كما تضمن الهاتف الجديد خاصية السحب بالإيماء وغلاف Dot View المبتكر وواجهة استخدام مطورة. وبسبب الخسائر المالية المتوالية لشركة “إتش تي سي”، يعتقد الكثيرون أن هذا الجهاز هو الفرصة الأخيرة للشركة، فإما النهوض أو السقوط.

تساءل الكثيرون أيضًا ما إذا كانت ““نوكيا”” ستنجح في تحولها إلى نظام ““أندرويد”” بدلًا من نظام تشغيلها المختار ““ويندوز فون””. وفي المؤتمر العالمي للأجهزة النقالة MWC هذا العام كشفت “نوكيا” عن مجموعةٍ من الأجهزة العاملة بنظام “أندرويد” تحمل الرمز “إكس” X.

لكن هذه الأجهزة لا توفر تجربة “أندرويد” التقليدية التي اعتاد عليها معظم المستهلكين، فقد عمدت “نوكيا” إلى تخصيص تجربة الاستخدام بشكل كبير لتصبح مشابهة لبيئة “ويندوز فون”، وقيدت الوصول إلى متجر “جوجل بلاي” وركبت تطبيقات ““مايكروسوفت”” على الهاتف مسبقًا بدلًا منه، وكذلك متجر “نوكيا” الخاص الذي يجب على المستخدمين تنزيل المحتوى منه، وهذ الإصدارة لا ترقى إلى مستوى متجر “جوجل”.

على الرغم منذ ذلك، ثمة فائدةٌ من تقديم هواتف “نوكيا إكس” بنظام “أندرويد”، وهي تمكين المطورين من تكييف تطبيقاتهم بسهولة حسب المواصفات المطلوبة. ويجدر التنويه أنه في الوقت الذي طُرحت فيه هذه العائلة لم تكن صفقة شراء “مايكروسوفت” لعمليات هواتف “نوكيا” النقالة قد اكتملت بعد، ونتيجة لذلك، دارت نقاشات كثيرة حول ما إذا كانت “مايكروسوفت” ستسمح لعائلة “نوكيا إكس” Nokia X بالاستمرار، حيث أنها تطأ منطقة خطرة، بعد استيلاء “مايكروسوفت” مؤخرًا على المرتبة الثالثة في ترتيب أنظمة التشغيل من “بلاك بيري”. وإنتاج أجهزةٍ تعمل بنظام التشغيل “أندرويد” سيتعارض مع الخطط التي سبق أن أعلنتها “مايكروسوفت”.

ومما يستحق الإشارة في المؤتمر العالمي للأجهزة النقالة MWC 2014 ما قدمته كلٌّ من ““سوني”” و “فايرفوكس” و “جيك فون” Geekphone، إذ كشفت “سوني” عن هاتفها الذكي الرائد “زد 2” Z2 الذي يحمل الراية من الهاتف ذي السمعة الطيبة “زد 1” Z1.

يحافظ الجهاز Z2 على جوانب النجاح التي حققتها “سوني”، إذ يتمتع بنفس جودة الجهاز Z1 وتصميمه، مع تحسيناتٍ في مكوناته وفي الشاشة والكاميرا التي أصبحت الآن قادرة على التقاط المحتوى بدقة 4K. أما “فايرفوكس” فاسمها غير شائع في الدول المتقدمة، حيث أنها تركز على الأسواق الناشئة التي لا يستطيع المشتري العادي فيها تحمل سعر الهواتف الذكية رفيعة المستوى.

لذلك أعلنت “فايرفوكس” عن شراكتها مع العديد من المنتجين الجدد، وذكرت أيضًا أنها تعمل على إطلاق هاتف ذكي بسعر 25 دولارًا. ومع استمرار هاجس الخصوصية في هذا العصر كعاملٍ أساسي في الاختيار، فقد شهد المؤتمر العالمي للأجهزة النقالة MWC 2014 إطلاق الهاتف Geekphone Blackphone، الذي جاء في وقته من أجل المحافظة على أمننا وأمن بياناتنا. وتقول “جيك فون” إنها تحقق ذلك عبر تشفير جميع الاتصالات – سواء كانت صوتية أو بيانات – من خلال مجموعة من الخدمات التي يجب على المستخدم الاشتراك بها.

شركة “آبل” لا تشارك في المؤتمر العالمي السنوي للأجهزة النقالة، لكن من المتوقع أن تعلن عن هاتفها الجديد iPhone 6 في وقتٍ لاحق من هذا العام. ويتوقع كثيرون مشاهدة قياساتٍ أكبر للشاشة، وتصميمًا جديدًا، ومواصفات أفضل.

لكن، كما أثبتت كلّ المنتَجات التي عُرضت هذا العام، فإن على المستخدمين الانتظار وقتًا أطول كي يحصلوا على شيء مبتكرٍ حقيقة، فقد وصلنا حاليًا إلى مرحلة لا تتضمن فيها المنتجات الجديدة سوى تحسينًا طفيفًا، وليس ميزاتٍ جديدة بالكامل. وعلى الرغم من هذا الجمود، فإن شركة IDC لأبحاث الأسواق تقدر عدد الهواتف النقالة التي ستباع حول العالم خلال العام 2014 بأكثر من مليار هاتف ذكي. وكما تبيّن لنا مع الزمن، فإن قطاع التقنية لا يمكنه الثبات على وضعٍ واحد لفترة طويلة جدًا، وربما يجلب لنا العام 2015 تطوراتٍ حقيقية تستحق هذا الانتظار.

زر الذهاب إلى الأعلى