دراسات وتقارير

“سيسكو” ترصد التوجهات والتحولات التقنية الفارقة خلال عام 2014

نشرت شركة “سيسكو” أول تقرير راصد للتوجهات والتحولات التقنية الفارقة خلال عام 2014، والذي يسلط الضوء على أهم التوجهات التي من شأنها، وفقًا للشركة، إعادة تعريف مفاهيم الأعمال على امتداد منطقة الشرق الأوسط.

وبالاستناد إلى معلومات استقصائية جمعها أكثر من سبعين من “المستكشِفين” التقنيين العالميين، رصدت الشركة أهم التوجهات التقنية الفارقة في عام 2014 والتي ستتصدَّر زخم الابتكار نحو المستقبل.

وأما أبرز التوجهات التي رصدها التقرير وفقًا لـ “سيسكو” فتشمل، الوصلات بين جهاز وآخر، والحوسبة المحيطة بكل شيئ، وبناء الجيل المقبل من الإنترنت بالاستعانة بهيكلية جديدة، وأمن الحوسبة، وإدارة الأجهزة النقالة، والاتصالات المرئية وتنسيق المهام عبر متصفِّحات الويب، والتحولات الهائلة على الفيديو.

واعتبرت الشركة أن مفهوم الإنترنت لكل شيء هو الدافع الرئيسي لكل هذه التوجهات، حيث يشكل الرابط الأساسي بين الأشخاص والعمليات والبيانات والأشياء.

وتوقعت “سيسكو” أن يقود هذا المفهوم العالم إلى عهد جديد، وأن يؤسس في الوقت ذاته إلى سوق ضخمة من الفرص تزيد قيمتها على 19 تريليون دولار خلال السنوات العشرة القادمة (موزعة بنسبة 14.4 تريليون دولار للقطاع الخاص، و4.6 تريليون دولار للقطاع العام). كما تتوقع الشركة في تقريرها أن ينمو عدد الوصلات الذكية لتربط قرابة 212 مليار من الأشياء بحلول العام 2020.

وفي هذا السياق، رأى “طارق غول” المدير العام لشركة “سيسكو” في منطقة الخليج وبلاد الشام وباكستان، أنه من الضروري على مؤسسات تقنية المعلومات أن تستعد لحقبة “الإنترنت لكل شيء”، وأشار إلى أن هذه الأيام تشهد بروز مفهوم اقتصاد التطبيقات، حيث لن يقتصر أو ينحصر الاهتمام بعد اليوم بالأجهزة المختلفة، بل سيمتد إلى دعم العدد المتزايد من التطبيقات المثبتة على الأجهزة المتصلة ببعضها البعض.

وأردف قائلًا: “لا بد لنا من أن نبدأ الآن بالتغيير الكبير لمواكبة الكمية الهائلة والمتنامية من البيانات المتنوعة والمتأتية من الأجهزة المختلفة، بدءًا من تطبيقات الهواتف الذكية ووصولًا إلى المعلومات المستمدة من البنية التحتية للمدينة الذكية”.

ووفقًا لشركة الأبحاث والاستشارات “آي دي سي” IDC  فإن منطقة الشرق الأوسط ستكون من أكبر المستفيدين من مثل هذا التحوُّل الهائل، ويتوقع محللو “آي دي سي” أن يرتفع إنفاق بلدان المنطقة على التقنية المعلوماتية خلال عام 2014 بنسبة 7.3 بالمئة مقارنة بالسنة الماضية ليبلغ هذا العام 32 مليار دولار أمريكي.

وفي سياق متصل، توقع تقرير صادر عن “سيسكو” أن تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكبر نمو في حركة البيانات النقالة خلال الأعوام القليلة المقبلة وأن ترتفع بنسبة سنوية مركبة قدرها 77 بالمئة وصولًا إلى عام 2017.

هذا وشكل مفهوم الحوسبة المحيطة بكل شيء، واحدًا من أهم النتائج التي أشار إليها التقرير، الذي توقع أن يؤدي إلى تغيير جذري في طريقة تفاعل المستخدمين مع الأجهزة الرقمية المختلفة في المستقبل، إذ ستكون الأجهزة على دراية بهم، وبمواقعهم، ووُجهاتهم، وحاجاتهم.

وتعليقًا على ذلك، قال طارق غول، إن هذا المفهوم قد يشكل بعض الارتباك، لأنه في الواقع يؤدي إلى إعادة تعريف تجربة المستخدمين، بالإضافة إلى تغيير جذري في الطريقة التي يتم فيها بناء أنظمة تقنية المعلومات. مشيرةً إلى أن الطريقة التي تسير فيها الأمور بتقديم أي محتوى من أي شخص في أي زمان ومكان ستشهد تغيرًا، وذلك لإحداث نقلة إلى عهد المعلومات الصحيحة إلى الشخص المناسب في المكان والزمان المناسبين، وبالطريقة الصحيحة أيضًا.

ومن النتائج التي تُوصف بالهامة والتي أشارت إليها دراسة “سيسكو” أنَّ ما بات يُعرف باسم “اقتصاد التطبيقات” يستلزم تثبيت مِجَسَّات دقيقة ومتدنية التكلفة داخل كافة الأشياء تقريبًا، من طرقات وطائرات وثلاجات وكذلك أرفف المتاجر بل والتربة والأحذية، وسترسل تلك المِجَسَّات كمية مهولة من البيانات والمعلومات تُقدر بالتيرابايت يمكن من خلالها تقييم وفهم الكثير من الأمور ذات الصلة، بل واتخاذ تدابير آنية بشأن بعضها.

وحسب تقدير خبراء “سيسكو” ستشكل الوصلات بين الأجهزة والإنسان وبين إنسان وآخر مجتمعة ما نسبته 55 بالمئة من منظومة الإنترنت لكل شيء، فيما ستشكل الوصلات بين جهاز وآخر النسبة المتبقية البالغة 45 بالمئة.

ولفت التقرير إلى أنه ومن إحدى أهم الفوائد المتأتية من الهيكلية الجديدة للإنترنت هو إمكانية تنسيق مهام العمل وإجراء المكالمات المرئية عبر متصفّحات الويب، حيث أن معايير عامة جديدة ستعزز أداء الموظفين عبر إدماج المكالمات المرئية-الصوتية، وتطبيقات الملاحظات النصية، والألواح البيضاء ضمن نطاق الوسائط المتعدّدة الآنية والمبنية على الويب.

ودعا طارق غول، في حال وجود الرغبة فعليًا في تغيير الطريقة التي يتواصل بها الأفراد مع بعضهم البعض والانطلاق نحو عهد جديد في هذا المجال، إلى نشر التطبيقات بطريقة مبسَّطة وموسَّعة وسريعة عبر منصة الويب.

وأضاف أنه لابد أن تختار متصفِّحات الويب معايير جديدة وأن تعتمد على استراتيجيات المصادر المفتوحة والشراكات.

وبالمثل، توقعت التقرير أن يشهد العالم التقني تحولات فارقة في التصوير الرقمي مع ظهور نسَق الدقة الفائقة المتناهية “ألترا إتش دي”، الأمر الذي يوفر دقة أخاذة على شاشات التلفاز والهواتف الذكية والحواسيب اللوحية والأجهزة النقالة المزوَّدة بكاميرات، ناهيك عن نظارات الرؤية الواقعية أو المجسَّمة.

كما سيحقق كلًا من التوجهين السابقين، وفقًا للتقرير، أثرًا كبيرًا على معظم مناحي الحياة، بما فيها الرعاية الصحية، والتعليم، والتواصل في مكاتب العمل، والأمن.

ومن أجل مواكبة النمو المهول في عدد الوصلات بين الأشياء، يشير التقرير الراصد للتوجهات التقنية لعام 2014 الصادر عن “سيسكو” إلى أنه يتعيَّن على المختبرات التقنية أن تطوِّر هيكلية مختلفة للإنترنت لتحلَّ محلَّ بروتوكول الإنترنت المعتاد.

ومن أبرز التوجهات الفارقة في هذا السياق ما يُعرف باسم منظومة (NDN) التي تتيح نقل المعلومات حسب مسمياتها لا حسب عناوين الخوادم المستضيفة لها، في تحوُّل لافت عن الإنترنت التقليدية.

وقد حاولت المنظومات الشبكية المرتكزة إلى حلول برمجية (SDN) في مراحلها الأولى التغلُّب على المصاعب القائمة عبر التركيز على التقنية الافتراضية الشبكية والحالات غير المستكشفة، لكن دون تحقيق التكامل المنشود على امتداد الحوسبة الفعلية والافتراضية، وحتى هذه اللحظة لم تتسم تلك المنظومة بالشفافية المنشودة.

ولفت التقرير إلى إنه وبطبيعة الحال لا يمكن للشركات الاستغناء عن تدابير حماية أمن البنية المعلوماتية التي تمثل عصبَ الأعمال والدعامة الأساسية لتنافسيتها واستدامتها، والأمر ذاته ينطبق على مواكبة الإنترنت الجديدة، لذا من المرجح أن تقوم الشركات بتغييرات واسعة فيما يتصل بنشر حلول إدارة الأجهزة النقالة ذات الطبيعة السحابيَّة والمتدرجة من أجل حماية المعلومات الشخصية والمؤسسية معًا. وكانت مؤسسة الاستشارات “جارتنر” قد توقعت أن تطبِّق نصف الشركات العالمية مفهوم تمكين الموظفين من استخدام أجهزتهم النقالة الذاتية، من حواسيب نقالة ولوحية وهواتف ذكية، في بيئة العمل بحلول العام 2017.

واختتم طارق غول بالقول، إن منطقة الشرق الأوسط مقبلة خلال عام 2014 والأعوام اللاحقة على تحولات تقنية وصفها بالفارقة ستكون لها بصمتها طوال المرحلة القادمة، “وقد بدأنا بالفعل نشهد بعض تلك التحولات. ومن شأن تقارب العمليات والبيانات والأشياء على الإنترنت والنمو المطرد في أعدادها أن يجعل الوصلات الشبكية ذات أهمية وقيمة أكثر من أيّ وقت مضى، الأمر الذي يُوجِد فرصًا غير مسبوقة للشركات والأفراد على السواء”.

زر الذهاب إلى الأعلى