دراسات وتقارير

تقرير: التقنيات الافتراضية تطال كافة جوانب الحياة

نشرت مؤسسة الأبحاث العالمية “جارتنر” تقريرًا جديدًا سلطت فيه الضوء على التقنيات والتوجهات التقنية التي تستمر في تغيير المشهد حول العالم، لا سيما تلك التحولات التي تتم على نطاق واسع والتي تؤثر على مجموعة كبيرة من المستخدمين.

ويعد تقرير “جارتنر هايب سايكل” (Gartner Hype Cycle) بمثابة تقييم سنوي لمستوى النضج الذي وصلت إليه التقنية. فوفقًا لـ “جو باجيولي” رئيس التقنيات لدى “إم وير”، تعتبر التقنيات الافتراضية من التقنيات التي فرضت نفسها بقوة على مشهد تقنية المعلومات خلال السنوات الـ 15 الأخيرة.

وقد برزت هذه التقنية في تقرير “جارتنر هايب سايكل” على مدى الأعوام الـ 15 الأخيرة، إذ كانت في مرحلة التبنّي المبكّر في الفترة الأولى، ووصلت الآن إلى مرحلة أصبحت فيها مكتملة النضج، حسب تعبير باجيولي.

ولفت باجيولي إلى أن التسارع في تطبيق التقنيات الافتراضية قد مكن الشركات من التعامل مع مهام الحوسبة بصورة وصفها بأنها أسرع وأكثر مرونة، كما مكنها من الدخول إلى أسواق جديدة حول العالم وتوفير طرق جديدة للعمل، فضلًا عن التقليل من استهلاك الطاقة والحد من التكاليف المرتبطة بتقنية المعلومات.

وقد تكون الصورة السابقة عن التقنيات الافتراضية، وفقًا لباجيولي، معروفة للكثير من المستخدمين، لاسيما كونها أكثر التقنيات التي ساهمت في تغيير عمل الشركات، إلا أن الكثيرين قد يغفلون عن الأثر الكبير للتقنيات الافتراضية على المجتمع، بدءًا بقطاع السياحة ومرورا بالتعليم ووصولًا إلى تجارة التجزئة وأعمال السفر. وقد آن الأوان للنظر إلى كامل الصورة التي ترسمها التقنيات الافتراضية والأثر الذي تحدثه في حياة كلّ فرد منّا، على حد قوله.

وأشار باجيولي إلى الدور الهام الذي تلعبه التقنيات الافتراضية اليوم في تغيير نماذج التعليم التقليدية، ومن الطبيعي، وفقًا لباجيولي، أن تكون تجربة التعليم قد تطورت خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، إلا أن هذا التغيير لا يقتصر على الانتقال من ألواح التعليم التقليدية إلى الألواح التفاعلية، فالتقنيات الافتراضية تمكّن الطلاب اليوم من اختبار طرق جديدة في التعليم تساعدهم على الاندماج في دروسهم بصورة أكبر، ومن الأمثلة التي ذكرها باجيولي على ذلك، كليّة “سان إدموند” في بريطانيا التي تعتمد على التقنيات الافتراضية لتمكين طلابها من الوصول إلى شبكة الكليّة من أجهزتهم الخاصة، سواء الكمبيوترات المحمولة أو اللوحية أو الهواتف الذكية، مما يمكنهم من التواصل مع دروسهم ومقرراتهم بصورة أفضل والدراسة من أماكن متعددة.

وبالانتقال إلى مستوى أعلى، قال باجيولي إن التقنيات الافتراضية تتيح فوائد كبيرة لا تقتصر على الحدّ من تكاليف تقنية المعلومات، فهي تضمن مثلًا حماية وسلامة الأبحاث ذات المستوى العالمي، مع إمكانية الوصول إليها بسهولة وسرعة، ولدى جامعة “أوكسفورد” مثلًا الكثير من الأبحاث الهامّة التي يعمل الباحثون على تطويرها، ومن ذلك الأبحاث الخاصة باللغة الإنجليزية والأبحاث الخاصة باللقاحات الطبية الجديدة والأبحاث الخاصة بالشيخوخة والسمنة، إلى جانب الأبحاث الخاصة بالمصادر الجديدة للطاقة إلى التنوع البيولوجي، مما يبرز، بحسب باجيولي، أهمية الحفاظ على أمن وسلامة هذه الأبحاث وإمكانية الوصول إليها من أي مكان.

ومن حيث الأعمال الخيرية وغير الربحية، قال باجيولي إن فوائد التقنيات الافتراضية لا تقتصر على الجامعات والمؤسسات التعليمية، بل لعبت دورًا هامًا في مجالات أخرى، فقد تمكّن معهد “أبحاث مرض السرطان” مثلًا من تخفيض الكلفة الخاصة بتقنية المعلومات فيه باستخدام التقنيات الافتراضية، وذلك بتخفيض عدد أجهزة السيرفر بنسبة 60%، أي تمّ توفير ما تصل قيمته إلى ملايين الجنيهات الإسترلينية خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وتحمل موثوقية أنظمة تقنيات المعلومات في طياتها، وفقًا لباجيولي، جوانب أخرى، فهي تضمن كفاءة عمل تطبيقات الأعمال الخيرية، مما يعني ضمان وصول التبرعات وتوافر الموارد على الإنترنت في أي وقت. وتستفيد أعمال خيرية أخرى من التقنيات الافتراضية بطرق مبتكرة، فبعض المجموعات غير الربحية مثل “بيلد تشينج” (Build Change) قد أصبحت قادرة اليوم على مشاركة المعلومات حول الكوارث الطبيعية مع برامج تعليم البناء لتجنّب تلك الكوارث، وتستخدم التقنيات الافتراضية حاليًا في نمذجة الكوارث البيئية وتوفير حلول لإدارة المخاطر الحرجة، فضلًا عن نمذجة كافة الكوارث مثل الزلازل والأعاصير والهجمات الإرهابية والأمراض المعدية، ويمكن استخدام الحلول الذكية لمشاركة المعلومات السابقة مع المؤسسات غير الربحية، مما يساهم في تقدّم المجتمع وجعله أكثر أمانًا.

وتسأل باجيولي عن مدى قدرة التقنيات الافتراضية على لعب دور في تحسين مستوى الرعاية الصحية؟، ثم أكد على باجيولي على قدرة هذه التقنيات الافتراضية على ذلك، وأشار إلى أن الأمثلة على ذلك كثيرة، منها، بحسب لباجيولي، مشفى (Uniklinikum Leipzig) في ألمانيا ومشفى جامعة (University Hospital of Aubagne) في فرنسا، إذ توفر هذه المشافي للأطباء والممرضين وصولا فوريًا إلى سجلات المرضى عبر منصة افتراضية، مما يعني إمكانية تلبية متطلبات المرضى بدقة في الوقت الذي يحتاجون إليها، وقد لعب ذلك دورًا في تعزيز كفاءة العاملين في المشفى مع تقليص النفقات الخاصة بالرعاية الصحية للمرضى، والأهم من ذلك كله فإن إمكانية الوصول الفورية إلى معلومات المرضى يعطي المتخصصين في الرعاية الصحية مزيدًا من الوقت للاعتناء بالمرضى، كما يسهل تجهيز الوصفات الطبية وتسليمها للمرضى.

يُذكر أن شركة “إم وير” التي يرأس باجيولي فيها قسم التقنيات، قد تأسست منذ 15 عامًا، وهي متخصصة في مجال التقنيات الافتراضية التي تعتبر، بحسب الشركة، بمثابة شريان الحياة الذي يدعم المؤسسات في جميع أنحاء العالم، وهي في الوقت ذاته من أسرع القطاعات نموًا في سوق البرمجيات العالمية.

زر الذهاب إلى الأعلى