الأخبار التقنية

ثقافة الاختصار بـ 140 حرف فقط

اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا وأصبحت حديث المجالس ومرتبطة في حياتنا اليومية بطريقة أو بأخرى، بل هي دائما على بعد أصبع منك عبر الهواتف الذكية التي تعمل باللمس. وأكثر من تميزت من هذه المواقع تلك التي تصنف تحت مسمى (التدوين المصغر) – (Micro Blogging) و تعتمد بفكرتها على نشر الأفكار والأخبار عبر كلمات قليلة مختصرة وأقلها موقع (تويتر – Twitter) الذي لا تتعدى حروفه (140 حرف).

قبل أن نتحدث عن موضوع ثقافة الاختصار دعنا نشرح السبب الذي جعل موقع (تويتر – Twitter) الاكتفاء بـ (140 حرف) وهو سبب تقني أساسا، حيث أن فكرة الموقع الأساسية كانت للتكامل مع الرسائل النصية (SMS) عبر مزودي خدمة الهاتف بحيث يكون الموقع هو منصة لتوزيع هذه الرسائل بين الاصدقاء لمعرفة أخبار بعضنا البعض.

وكما نعلم بأن الحد الأقصى لعدد حروف الرسالة باللغة الانجليزية هو (160) حرف فإن موقع (تويتر – Twitter) قام بحجز ما مقداره (20) حرف ليكون اسم المستخدم / المرسل وأبقى على (140) حرف لتكون الرسالة و بهذا يكون المجموع (160) حرف.

وبعدها تغيرت طريقة الموقع بدلا من الاعتماد على رسائل الجوال ليكون الموقع هو أساسا المنصة الرئيسية للتواصل و توزيع الرسائل بالاعتماد على تطبيقات (عميل – client) على الهواتف الذكية، ولم يبقى ذلك العائق التقني ولكن أبقى الموقع على هذا الحد من الحروف و اشتهر به.

الكثير ممن يدخل عالم مواقع التواصل الاجتماعي لأول مرة يصعب عليه فهم آلية وكيفية التعامل معها بل وأكثرها تعقيدا هو موقع (تويتر – Twitter) برأي الكثيرين، فهو بسيط إلى درجة أن البعض لا يفهم فكرة الاستفادة منه وهي حالة يمر بها الكثيرون في بداية الدخول إلى هذا الموقع حتى يصل إلى درجة الادمان لاحقا.

أكثر ما يضايق الناس بالبداية هو محدودية الرسالة بـ (140) حرف، بل أن أكثر من أحجم عن هذه المواقع في البداية بسبب عدم إمكانيته التعبير بأفكاره أو التواصل عبر هذا الكم الضئيل من الكلمات. إلا أنه و مع الوقت أصبحت الناس تتكيف مع ذلك بل وأصبحت مضطرة لعدم استغلال الـ (140) حرف بشكل كامل أملا في ترك مجال مساحة للناس للتعليق عليها أو إعادة نشرها والتفاعل معها، مع العلم بأن موقع تويتر كان أساسا لمعرفة أخبار الاصدقاء وما يقومون به ولم يكن لنشر الأفكار والأخبار والتواصل، ومع ذلك فإن سبب انتشار الموقع هو بسبب تمكينه للأشياء التي لم يكن أساسا قائما عليها.

من هنا انتشرت ثقافة الاختصار في الكلمات وأنا من أكثر المناصرين لها، فدائما ما تكون ردودي مختصرة ومقتضبة وحتى رسائل البريد الالكترونية واتصالاتي الهاتفية كذلك، ولكن للأسف ليس بذلك هو الصحيح في التواصل مع الناس، وهذا أحد أسباب كوننا أصبحنا غير اجتماعيين ونفتقد لمهارات مثل التفاوض والتواصل الفعال.

البعض اتهم مواقع التواصل الاجتماعي بأنها سبب لتسطيح ثقافة الناس لكون الأفكار أصبحت مجردة ومختصرة بعدد قليل من الكلمات حتى يمكن نشرها، بل إن من أسوئها هو احتمال فهم الكلمات في حال لم تكن مصاغة بشكل واضح جدا جدا بحيث يسيىء البعض فهمها واحتمال أكثر من معنى لها. و تأتي الطامة أيضا عندما يضطر البعض لشرح أو تبريرموقف معين فيقع في فخ الاختصار مما يقلب عليه الناس وخصوصا المشاهير منهم الذين لم يتعودوا على الاختصار. فالكثير من الكتاب كانت محدودية المقالة في الصحف والمجلات التي تكون ما بين (200 – 250) كلمة غير كافية لشرح ما لديه فما بالك بـ (140) حرف والتي لا تتعدى (20) كلمة بالمتوسط.

بالنهاية عن نفسي مازلت أرى أن ثقافة الاختصار فعالة بظل هذا العصر المتسارع الذي لا يحتمل إضاعة الوقت من أجل التمحيص بفكرة معينة. وكما يوجد دائما أدوات مكملة مساعدة يستطيع فيها من يود الاستفاضة بشرح أفكاره التي لا تحتمل الاختصار أو التي تحتمل فهمها بأكثر من طريقة مثل تدعيم المواضيع بصور أو مقاطع فيديو أو وصلات لمواضيع في مواقع أخرى أو مدونات أو عبر خدمات أخرى.

https://www.badwi.com/blog/?p=1365

زر الذهاب إلى الأعلى