الأخبار التقنيةدراسات وتقارير

دراسة: الرقمنة تؤدي لإستحداث الوظائف والنمو الاقتصادي

خلصت شركة الاستشارات الدولية الاستراتيجية بوز أند كومباني عند وضعها منهجية شاملة لقياس أثر الرقمنة، إلى أن منافع الاستخدام المتزايد للتقنيات والتطبيقات الرقمية أكبر من منافع التوصيل بهذه الخدمات وحده.

وأشارت إلى أن هذه المنافع ليست إقتصادية فقط، بل تشمل المجالين الاجتماعي والسياسي أيضاً. وتؤدي الرقمنة إلى نمو اقتصادي تراكمي، حيث تحقق البلدان الأكثر تقدماً على صعيد الرقمنة نسبة 20 في المئة من المنافع الاقتصادية أكثر من البلدان التي هي في المرحلة الأولية للرقمنة. وللرقمنة وقع مثبت على الحد من البطالة وتحسين نوعية الحياة ودعم وصول المواطنين إلى الخدمات العامة. كما تسمح الرقمنة للحكومات بالعمل بمقدار أكبر من الشفافية والكفاءة.

الأثر الاقتصادي

تؤكد دراسة بوز أند كومباني على أن للرقمنة وقع اقتصادي مادي يساهم في نمو إجمالي الناتج المحلي للفرد ويدفع عملية استحداث الوظائف ويحفز الابتكار. وأُجريت تقييمات لتطور الرقمنة ووقعها في 150 بلداً بين عامي 2004 و2010.

وقال كريم صباغ وهو شريك أول في بوز أند كومباني والمسؤول العالمي عن قطاع الاتصالات والإعلام والتكنولوجيا أنه تبين أن ارتفاعاً في الرقمنة بنسبة 10 في المئة يؤدي إلى ارتفاع بنسبة 0.6 في المئة في إجمالي الناتج المحلي للفرد.

وتابع، وعلى العكس، أظهرت الدراسات السابقة التي ركّزت بشكل أساسي على خدمات النطاق العريض أن ارتفاعاً بنسبة 10 في المئة في خدمات النطاق العريض تؤدي إلى ارتفاع بنسبة تتراوح بين 0.16 و0.25 في المئة فقط في إجمالي الناتج المحلي للفرد. علاوة على ذلك، تحقق الاقتصادات الرقمية المقيدة ارتفاعاً بنسبة 0.5 في المئة في إجمالي الناتج المحلي للفرد لكل ارتفاع في الرقمنة بنسبة 10 في المئة، في حين أن الاقتصادات الرقمية المتقدمة تحقق ارتفاعاً بنسبة 0.62 في المئة في إجمالي الناتج المحلي للفرد لكل ارتفاع في الرقمنة بنسبة 10 في المئة.

وللرقمنة أثر كبير أيضاً على عملية استحداث الوظائف في الاقتصاد العالمي، إذ إن ارتفاعاً بنسبة 10 في المئة في الرقمنة يقلص نسبة البطالة في بلد معين بمعدل 0.84 في المئة.

وقال بهجت الدرويش، وهو شريك في بوز أند كومباني، إنه خلال العامين الماضيين سمحت الرقمنة باستحداث حوالى 19 مليون وظيفة إضافية للاقتصاد العالمي. وهذه نتيجة مهمة بشكل خاص بالنسبة إلى الأسواق الناشئة التي سيتعين عليها استحداث مئات ملايين الوظائف خلال العقد المقبل بهدف ضمان إمكان مساهمة جيل لامع من الشباب في اقتصاداته الوطنية.

وأخيراً، يؤدي ارتفاع بنسبة 10 نقاط في الرقمنة إلى ارتفاع بست نقاط في ترتيب بلد معين في مؤشر الابتكار العالمي – وهي علاقة ترابطية تفترض أنه مع تقدم بلد معين في تطوره الرقمي، يصبح أيضاً أكثر ابتكاراً.

الأثر الاجتماعي

أجرت بوز أند كومباني تحليلاً للوقع الاجتماعي على مستويين، مستوى نوعية الحياة في مجتمع معين والمساواة في الوصول إلى الخدمات الأساسية التي يتطلبها هذا المجتمع. وأظهرت النتائج أن ازدياد الرقمنة يدفع بشكل كبير الرفاه الاجتماعي في بلد متطور معين.

غير أن التحليل يظهر أن وقع الرقمنة في البلدان التي تسجل مستويات أدنى من التنمية الاقتصادية غير بارز إلى هذه الدرجة. ويبدو أن الفارق هو أنه في الاقتصادات الأقل تطوراً حيث تكتسب العوامل التي تتخطى الرقمنة أهمية أكبر بالنسبة إلى نوعية الحياة، تترك الرقمنة وقعاً على نوعية الحياة فقط عندما يستوفي السكان احتياجاتهم الأساسية.

وقال ميلند سنغ، وهو مدير في بوز أند كومباني، إن الرقمنة المتزايدة تدعم أيضاً وصولاً أفضل إلى الخدمات الأساسية. ويشير تحليل الدراسة إلى أنه مع تحول الاقتصادات إلى المزيد من الرقمنة، يتحسن الوصول إلى الصحة والتعليم، وتتحسن المعايير المعيشية الشاملة كذلك. ويكتسب وقع الرقمنة على إجراءات الصحة والتعليم والمعايير المعيشية أهمية أكبر في الاقتصادات المقيدة والناشئة.

أثر الحوكمة

و المجال الأخير الذي جرى تحليله كان فاعلية الحكومة. وقد تم تقييم وقع الرقمنة وفق ثلاثة أبعاد هي شفافية الأنشطة الحكومية وتقديم خدمات الحكومة الإلكترونية وتوفير التعليم العام.

ويظهر التحليل العلائقي لبوز أند كومباني أن المزيد من الرقمنة يجعل مجتمعاً معيناً أكثر شفافية ويزيد من المشاركة العامة ومن قدرة الحكومة على نشر المعلومات بطريقة يمكن الوصول إليها. وتتيح التكنولوجيا الرقمية للسكان اطلاعاً أكبر على سياسات الحكومة ووظيفتها – وهو اطلاع قد يؤدي في المقابل إلى مشاركة سياسية أكثر فاعلية وإلى دعم تطوير حقوق الإنسان.

وقال سنغ إنه كما كان متوقعاً، فإن خدمات الحكومة الإلكترونية أكثر كفاءة في بيئة عالية الرقمنة. وتشير الأبحاث الحالية إلى أن العلاقة السببية في هذه الحالة تعمل في الاتجاهين. فمستوى الرقمنة الاعلى يساهم في تحقيق فاعلية أكبر في تقديم خدمات الحكومة الإلكترونية، في حين أن خدمات الحكومة الإلكترونية الأفضل تؤدي إلى زيادة الرقمنة. وأخيراً، تدعم الرقمنة تقديماً أفضل للخدمات الحكومية الأساسية، على غرار التعليم العام.

وبشكل عام، يشير التحليل إلى أن للرقمنة وقع إيجابي واضح على التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي وفاعلية الحكومة، رغم أن هذا الوقع يختلف وفق مستوى الرقمنة في بلد معين. ويصبح للرقمنة وقع متزايد على الاقتصاد ونوعية الحياة مع تقدم البلدان في مراحل الرقمنة، ووقع أكبر على الوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم في البلدان التي بدأت رحلتها الرقمية للتو.

زر الذهاب إلى الأعلى