الأخبار التقنية

مصيدة براءات الاختراع والتنافس السلبي

شغلت أخبار الدعاوى القضائية التي تبادلتها شركات الاتصالات وتقنية المعلومات الرأي العام، والمؤسسات القضائية، وحتى العاملين في هذه الشركات بالنظر إلى ما ترتب في بعض الحالات من قرارات مصيرية تؤثر على عملهم بالفعل.

وكانت هذه الشركات قد ملأت جعبتها بما لديها من “براءات الاختراع” قبل أن تباشر في رفع قضايا لانتهاك حقوق تملكها ضد شركات منافسة. فقد سمعنا جميعا عن القضايا التي رفعتها “آبل” ضد “سامسونغ” ونجحت في تعليق بيع “غالاكسي تاب 10.2” مؤقتا في السوق الأوروبية، كما ادّعت شركة “مايكروسوفت” على “موترولا”، لتدّعي “جوجل” بالمقابل ضد “مايكروسوفت” لأنها كشفت في دعواها بعضا من أسرار “جوجل” التي تقدم نظام تشغيل بالمصدر المفتوح أصلا!

كما لا يخفى على المتابعين أن ما بين ستيف جوبز وبين بيل غيتس ما صنع الحداد، لكنهما اتفقا على ما يبدو على حرب خفية على “جوجل” التي يسجل نظام تشغيلها نموا ملفتا حتى أنه بات يحظى بالنصيب الأكبر على مستوى سوق الولايات المتحدة الأمريكية، وهو مؤشر هام في نظر تلك الشركات.

ولم تتمكن “جوجل” من ضبط النفس طويلا قبل أن يخرج أحد المسؤولين لدى الشركة ويتهم كلا من “ماكيروسوفت” و”آبل” بعقد تحالف يسعى للاستحواذ على أكبر قدر من براءات الاختراع، كي يتمكنا من دفع العصي في عجلات تطور  “جوجل” من خلال فرض رسوم على كل جهاز هاتف يعمل بنظام “آندرويد”.

ولهذا، أخذت “جوجل” على عاتقها مهمة العمل على دعم شركاء التصنيع الذين يعتمدون على نظام تشغيلها في هواتفهم الجوالة وذلك من خلال توفير أكبر قاعدة من براءات الاختراع التي إن لم تكفي لتأمين الحماية لإنتاج هذه الهواتف فإنها ستكون سلاحا تشهره في وجه الشركات التي يمكن أن تشكل تهديدا لأعمالها وأعمال شركائها.

كل هذه التفاصيل، وغيرها الكثير، لا تمثل إلا غيضا من فيض من المنازعات القائمة في أسواق تقنية المعلومات بشكل عام. غير أن الملفت أن الهدف الواضح من براءات الاختراع هو حماية الجهد والاستثمار سواء من وقت أو مال يتكبده صاحب الاختراع لتقديم اكتشاف لم يسبقه إليه أحد، يشكل إضافة ذات قيمة لجانب من جوانب الحياة، علميا كان أو تقنيا.

لكن ما تبدّا من هذه النزاعات أن شهادات “الحماية” هذه تحولت إلى أدوات “تهديد” توظّف بصورة سلبية تدّعي في ظاهرها البراءة وتخفي في باطنها المكر والدّهاء.

وما يهمنا كمستخدمين لهذه الأجهزة والتقنيات في نهاية الأمر أننا نحن من يتحمل كلفة كل هذا الهدر للمال والجهد والوقت، سواء كان لرفع الدعاوى أو توكيل فريق للدفاع، أو توظيف خبراء للنزاع أو حتى دفع غرامات. فكلفة هذا كله تضاف إلى كلفة الأعمال، وتقسم على خط الإنتاج، لتوزيع هذه النفقات على هيئة كلفة ثابتة يتحملها المستخدم النهائي في نهاية المطاف، بدلا من أن تتفرغ الشركات لمزيد من البحث والتطوير أو العمل على خفض كلفة هذه التقنيات لإتاحتها لشريحة أوسع من المستخدمين.

إن التنافس في تقديم منتجات وتقنيات تستقطب شريحة أكبر من المستخدمين لهو تنافس بناء ومرحّب به بكل تأكيد، ولكن كيف يجب أن يكون موقفنا من هذا التنافس السلبي؟
 

زر الذهاب إلى الأعلى