دراسات وتقارير

العوالم الافتراضية وإحداث التغيير في العالم العربي

نشر موقع mashable المتخصص في التقنية وتكنولوجيا المعلومات تقريرًا للكاتب والمحلل Rita J. King يجيب فيه عن تساؤل هام يتمثل في السبب وراء الدور المهم الذي تلعبه العوالم الافتراضية في تغيير العالم العربي؟ حيث يحاول الكاتب من خلال الدراسة التي أجراها التعرف على ما الذي استفاده أشخاص من 25 دولة من العالم الافتراضي أو ما يطلق عليه الحياة الثانية  Secondlife وكيف أن ما عاشوه وقاموا بتجربته في العالم الافتراضي قد نزل إلى أرض الواقع بشكل مثير للاهتمام. 

التأثير النفسي للعوالم الافتراضية 
في البداية يتحدث الكاتب عن الحياة الثانية Secondlife وأنها منذ فترة طويلة تتعرض للتضليل  من قبل وسائل الإعلام الذي اقتصر على توصيف هذا العالم بأنه حديث ويشبه إلى حد كبير عوالم الكارتون الافتراضية إلا أن وسائل الإعلام قد نسيت أهم نقطة في هذا العالم: فللمرة الأولى في التاريخ، الأشخاص على اختلاف أماكنهم الجغرافية يمكنهم تبادل ومشاركة فضاء لا حدود له سوى تخيلاتهم وتصوروا كيفية استخدام هذا الفضاء وبناء أفكارهم على هذا الأساس. 

فقد انتشرت مجتمعات للمساجد في جميع أنحاء العالم الافتراضي، كما هو موجود بالفعل في العالم المادي، والذي بنيت من الأساس من قبل أفراد ومنظمات مختلفة. وفي الحياة الثانية Secondlife،  فإن مشاريع المساجد والمواقع التي لها علاقة باكتشاف الإسلام موجودة على نطاق واسع ومتنوع. حيث يسعى البعض لتعزيز التنوع الذي لا يتطلب الحجاب والسماح بدخول المساجد بالأحذية الرقمية حيث أنه لا يوجد أتربة يمكنها أن تدخل هذا المكان المقدس. بينما يصر آخرون على الالتزام بمعايير العالم المادي كما يتم تنفيذها من قبل إدارات ومديري المشاريع المختلفة. 

ولا ينظر هؤلاء المشاركون إلى هذه التجارب المتبادلة على أنها تجارب تافهة. حيث يمكن للأشخاص أن يتعاونوا في تطوير البنية التحتية للبيئات الافتراضية، في حين أن منصات وسائل الإعلام الاجتماعية لديها واجهة مستخدم مستوية وموحدة. علاوة على ذلك، يمكن للتجارب الافتراضية أن تساعد في التغلب على الخجل، العوائق اللغوية أو غيرها من معوقات الاتصال فضلًا عن خلق وسيط مثالي لاكتشاف الفهم الثقافي. 

تأثير الاحتجاجات الافتراضية
ثم بدأ الكاتب في استعراض تأثير الاحتجاجات الافتراضية، حيث ذكر أنه في عام 2008، عندما اندلعت أحداث العنف في غزة، شبت مظاهرة في الحياة الثانية. وقد تم إنشاء الفضاء الذي وقع فيه الاحتجاج من قبل موقع إسلام أون لاين – وهو موقع مصري قطري يتسم بعدد من خصائص الويب المختلفة بما في ذلك قسم للعلوم يحرره شاب مصري يدعى محمد يحيي وهو أيضًا المسئول عن مجموعة الحج الافتراضي لمكة في الحياة الثانية Secondlife.  

وللاحتجاج قام موقع إسلام أون لاين بخلق بيئة افتراضية. في محيطها صور دموية وتحتوي على دخان تم قصها من صفحات الصحف التي تغطي الصراع في جميع أنحاء العالم، وركزت بشكل خاص على قتل الفلسطينيين. وقام الأشخاص من جميع أنحاء العالم في هذا العالم الافتراضي بحمل العلامات واشتركوا في حلقات نقاشية. وأظهر بعض المحتجين تعاطفهم بينما تحلى بعضهم بالهدوء. وبينما بعضهم كان لديه معرفة مباشرة بأحداث العنف في غزة البعض الآخر لم يكن لديه أدنى فكرة عن الوضع المعقد هناك. ولكن هذا لم يمنعهم من تبادل الآراء، كما يفعل المستخدمون في تعليقات المدونات أو حول مائدة العشاء. 

ولقد قام الكاتب بسؤال أحد المتظاهرين الافتراضيين الذي كان يلوح بعلم فلطسين وأضرم النار في نفسه لماذا اخترت هذا الشكل للاحتجاج. فأجاب “أنا أشعر بالحزن والغضب من كلا الطرفين أن الأمر قد وصل إلى هذا الحد. وأضاف أنه من خلال العالم الافتراضي يمكنه التعبير عن نفسه بهذه الطريقة دون أن يؤذي أي شخص وأنه قد حان الوقت للآخرون للاستماع لوجهة نظره.

ويرى الكاتب أن الخط الذي يفصل ما بين العالم الافتراضي والواقع رقيق أكثر من أي وقت مضى خلال الأشهر القليلة الماضية. ويقول الكاتب أ ن محمد يحيي المسئول من القاهرة عبر موقع تويتر أن هويتنا الرقمية أصبح لها صدى أعلى في العالم المادي أكثر من ذي قبل، العمل على إحداث التغييرات وربطنا معًا بطريقة لم تكن ممكنة من قبل. وقد قامت العلاقات الرقمية التي شكلناها بجعل المتظاهرين يشعرون أنهم يعرفون بعضهم البعض منذ سنوات حيث يتحدثون ويعملون معًا في صورة رائعة من التعاطف.  

سيؤدي وجود مئات الملايين من الأشخاص حول العالم، العديد منهم من الشباب الذين يسعون إلى استكشاف العوالم الافتراضية على نحو متزايد، إلى مزيد من التطور، كما ستنتقل الثقافة والاقتصاد العالمي الجديد من خلال التجارب المتبادلة في فضاء الانترنت العريض.

زر الذهاب إلى الأعلى