أجهزة محمولة

هل يحل الـ آي فون مكان أجهزة ألعاب الفيديو بلاي ستايشن؟

أعلنت شركة “أبل” Apple مؤخراً أنّ مستخدمي جهازي iPhone وiPod قد قاموا بتنزيل مليار برنامج من متجر الشركة على شبكة الانترنت App Store خلال تسعة أشهر فقط، علماً أنّ 15 برنامجاً مدفوعاً تمّ تنزيله من أصل البرامج العشرين الأكثر شعبيةً منذ بداية تقديم الخدمة كان عبارةً عن ألعاب.

هذان الواقعان متصلان الواحد بالآخر. والصلة لم تكن وثيقةً بهذا الشكل ما بين شركة “أبل” والألعاب الالكترونية منذ الثمانينات حينما شكّل حاسوب Apple II أرضيةً هامةً للألعاب الالكترونية.

لكنّ الأوان آن لتعرَف “أبل” بالألعاب الالكترونية. فعلى الرغم من قضاء الشركة القسم الأكبر من السنوات الخمس والعشرين الماضية محاولةً أن ترسّخ نفسها بديلاً ابتكارياً شاباً لـ”مايكروسوفت” Microsoft المملة الباهتة، غدت “مايكروسوفت” قوةً مسيطرةً في مجال الألعاب الالكترونية، وذلك بفضل “أكس بوكس” Xbox و”ويندوز” Windows. في المقابل، تصرّفت “أبل” على مرّ الزمن وكأنّه من العار ربطها بمستخدمي الألعاب.

أنا عليم بذلك لأني كنت أحد المخلصين لـ”ماكينتوش” Macintosh الذين حاولوا أن يصمدوا فيما اللعبة الأكثر رواجاً تلو اللعبة الأكثر رواجاً ذهبت إلى الحواسيب الشخصية، ولم تصل إلى “ماكنتوش” إلا بعد أشهر أو سنوات. إلا أنّي رضخت للأمر منذ 10 أعوام، واشتريت أوّل حاسوب “ويندوز” لي.

وفي الصيف الفائت، حينما سمعت بأنّ “أبل” تبجّل قدرة جهاز iPhone الجديدة على تنزيل الألعاب، غمرني الشكّ، والخجل، والخوف من أن أقع تحت تأثير “أبل” مجدداً. ولكن بحلول هذا الربيع، كبرت الضجة التي أثارتها إمكانية تشغيل الألعاب على جهاز iPhone، حتى أنّ بعض الداعين إلى استعمال لـ”أبل” زعموا أنّ جهاز iPhone هو مشغّل للألعاب أفضل من أجهزة DS التي تنتجها “نينتندو” Nintendo. فما كان مني إذاً إلا أن استسلمت للموجة السائدة، وابتعت جهاز iPhone.

بعد مرور عدة أسابيع على حملي الجهاز، اتّضحت لي بعض الأمور. في أفضل الحالات، يوفّر جهاز iPhone للاعب تجربةً سهلةً، وفي أغلب الأحيان ممتعةً وغير اعتيادية. ويمكن لعب معظم ألعاب iPhone الفضلى، مثل “فلايت كونترول” Flight Control من “فاير مينت” Fire Mint، و”بوكيت غاد” Pocket God من “بولت كريايتيف” Bolt Creative، باستخدام شاشة اللمس الملونة التي يتميّز بها الجهاز، فيمكن بذلك لكلّ شخص تقريباً الاستمتاع بلعب عفوي.

ففي لعبة “فلايت كونترول” Flight Control نستعين بإصبعنا لنرسم خطّ رحلات الطائرات والمروحيات الهابطة في مطار. وفي لعبة “بوكيت غاد” Pocket God نستعمل أصابعنا “لنمسك” بأحد سكّان المملكة الجزيرة التي نحكمها.

لكن إن اعتبرنا جهاز iPhone جهاز ألعاب صرفاً، فمن السخافة أن نقارنه بأجهزة DS أو حتى جهاز PlayStation المحمول من “سوني” Sony. مَن يبحث عن تجربة عميقة معبّرة وقصصية، عليه إجمالاً أن يبحث عن جهاز آخر. ونظراً إلى تصميم جهاز iPhone، وخيارات التحكّم الخاصة به، والأهمّ على الأرجح قصر حياة بطاريته، يستحيل أن يحلّ مكان أجهزة DS أو جهاز PlayStation المحمول في حقيبة أو جيب أيّ شخص يلعب ألعاباً إلكترونيةً أكثر من يومين في الأسبوع.

لكن ربما لم يُصمَّم جهاز iPhone لهذا الغرض. ربما يكفي أن يكون الجهاز أفضل هاتف للعب الألعاب الإلكترونية، لا أن يكون أفضل جهاز ألعاب محمول. أما ما يوفّره جهاز iPhone ولا توفّره أجهزة DS وجهاز PlayStation المحمول، فمكتبته الهائلة للألعاب المنَزَّلة من بين أكثر من 35 ألف برنامج متوافر في متجر App Store الإلكتروني.

كما أنّ معظم الألعاب البارزة التي يمكن لعبها على الجهاز تكلّف أقلّ من 5 دولارات، ويمكن تنزيلها في غضون دقائق. وقد صمِّمَت هذه الألعاب كالألعاب التي نجدها في مراكز التسلية، أي صمِّمَت لتُستَهلَك بمجموعة بتات تدوم كلّ منها بضع دقائق. وكما هي الحال في مراكز التسلية، فإن ضجر مستخدم جهاز iPhone، فيسهل عليه إيجاد تسلية مؤقتة أخرى.

وبذلك يمثّل جهاز iPhone اللعب كنشاط افتراضي لا كنشاط نهائي. فعوض أن يلعب مستخدم جهاز iPhone الألعاب الالكترونية وهو جالس في مقهى، يمكنه بسهولة تفقّد صفحته على موقع “فايسبوك” Facebook، أو آخِر النتائج الرياضية. كما يمكنه تصفّح متجر App Store الالكتروني للحصول على تسلية جديدة بقيمة 99 سنتاً، وشراء “اختبار الأغبياء” كلعبة مثل “ستيك وارز” StickWars (اثنان من البرامج المعَدّة للتنزيل الأكثر رواجاً في أسبوع أخير).

في المقابل، يقصد مستخدمو أجهزة DS أو جهاز PlayStation المحمول عادةً متجراً فعلياً، وينفقون 20 أو 30 دولاراً، ثم يمضون عشرات الساعات على مرّ عدة أشهر ليكتشفوا لعبتهم الجديدة.

وبالنسبة لهؤلاء اللاعبين تأتي الميزات الإضافية مثل إمكانية تعديل الصور، والتلاعب بالموسيقى في جهاز DS من “نينتندو” Nintendo في مرتبة ثانية بعد الألعاب.

إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ جهاز iPhone قادر على توفير لعب مستدام على الهاتف. فنظراً إلى الوظائف الكثيرة التي يؤدّيها جهازي من طراز iPhone 3G لا يمكنني استعماله بشكل مكثّف طوال اليوم بدون وصله بالكهرباء، الأمر الذي يناقض برأيي مبدأ الجهاز النقّال.

على سبيل المثال، أستطيع الجلوس في طائرة متوجّهة إلى كاليفورنيا مستخدماً جهاز DSi وأنا واثق كلّ الثقة من أنّي قادر على أن ألعب لعبة “غراند ثيفت أوتو: شايناتاون وارز” Grand Theft Auto: Chinatown Wars طوال الوقت إن شئت. ولكن إذا نزّلت ألعاباً على جهاز iPhone ولعبتها، فبالكاد أقود سيارتي لساعتين وتفرغ البطارية. عندئذ بدأت ألاحظ أنّ محبّي iPhone يحملون شاحناً للبطارية معهم على الدوام.

لكنّ البطارية دالة إلى سيئات جهاز iPhone القليلة التي تسلّط الضوء فقط على كيفية استعمالي الجهاز أكثر لا أقلّ. أما التساؤل الفعلي فليس عما إذا كان جهاز iPhone قادراً على الحلول محلّ أجهزة DS أو جهاز PlayStation المحمول. التساؤل الفعلي هو عما إذا كان جهاز iPhone يوفّر تجربة لعب فريدةً من نوعها بالنسبة إلى هاتف. وهو بالفعل يقدّم لمستخدمه هذه التجربة. يسرّنا إذاً أن نرحب بعودة “أبل” بعد سنوات أمضتها في مجاهل الألعاب الالكترونية.

زر الذهاب إلى الأعلى