أخبار الإنترنت

الفيسبوك محفل جديد للتظاهرات

منذ اللحظات الأولى لشن الضربات الوحشية على غزة بدأت المدن العربية تتحول إلى ساحات للمظاهرات بكافة أشكالها وطوائفها، ففي مصر وبعد أول ضربة جوية بلحظات تجمهر 2000 شخص في مسيرة في شوارع وسط المدينة وتنوعت الفئات التي تقوم بالمظاهرات طوال الفترة الماضية من المواطنين العاديين والأشخاص المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات المعارضة إلى جانب المجموعات اليسارية وتم القبض على المئات خلال هذه التظاهرات.

ولم يكن ذلك شأن مصر فقط بل إن المظاهرات انتشرت في كل المدن العربية من الرياض إلى عمان، وكان الهدف منها هو التنديد بالعدوان الغاشم على الأراضي الفلسطينية وعلى أهل غزة ومحاصرتهم والتنديد بالمعاناة التي عاشها العالم العربي وكذلك رفض الصمت الدولي والسياسة الأمريكية الجائرة في التعامل مع القضية، الشيء المختلف في مصر هو أن العديد من المظاهرات قامت بالتنديد بموقف الحكومة المصرية وطالبت الحكومة بالعديد من المطالب مثل قطع العلاقات مع إسرائيل وإيقاف تصدير الغاز لها وكذلك طالب المتظاهرون بفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين بشكل أوسع ومنح الراغبين الفرصة في الجهاد.

ومع تصاعد حالة الاعتراض في الشوارع والميادين تصاعدت حالات التظاهر والتجمهر على الإنترنت من خلال خدمة الفيسبوك (Facebook) وهو شبكة اجتماعية ضخمة على الإنترنت. انتشرت ظاهرة الفيسبوك غالبًا بين الشباب في هذه الفترة بشكل كبير. ويعُد الفيس حاليًا واحدً من أكثر 10 مواقع على الإنترنت تشهد إقبالا من المستخدمين، أما في مصر فيأتي الفيسبوك في المركز الثالث بعد جوجل وياهو.

هذا ويحظى شخص من كل تسعة أشخاص في مصر بإمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، ويقوم 9% من هذا العدد بزيارة موقع الفيسبوك. ويبلغ إجمالي عدد الأعضاء المصريين على الفيسبوك حوالي 800 ألف. وقام عدد كبير من مستخدمي الفيسبوك مؤخرًا بإنشاء مجموعات ترتبط بغزة ونصرة القضية الفلسطينية، عبرت أغلب المجموعات عن كرهها لإسرائيل والولايات المتحدة ولكن كل مجموعة لها منظور مختلف للقضية. فبعض المجموعات كانت تسعى لتقديم الدعم الإنساني لأهل غزة، والبعض انتقد موقف الحكومة المصرية والبعض انتقد الحكومات العربية لإلقائها باللوم على مصر والبعض صب جام غضبه على حماس واعتبرها المتسبب في هذه الضربات.

وعند المرور بمجموعات الفيسبوك ستجد مجموعة بعنوان “متأكد من وجود مليون شخص يكرهون إسرائيل” ومجموعة أخرى بعنوان “مع احترامي، غزة، أنا لا أدعمك” وغيرها دعت الله بأن “يدمر ويحرق قلوب الصهاينة”، وغيرها وغيرها بل إن بعض الأشخاص اشتركوا في المجموعات ذات التوجهات المتناقدة.

هذا وتقول أحد المواقع الأجنبية (cnet news) أن هذا الاستخدام المتزايد للفيسبوك في مصر يرجع إلى حاجة المصريين للبحث عن ساحة لحرية الحوار نظرًا للحكم بقانون الطوارئ منذ عام 1981 والذي يتيح للشرطة القبض على أي شخص دون اتهامات ويمنع التجمع بين أكثر من 5 أشخاص دون مبرر ويعطي الحكومة الحق في حظر المنظمات السياسية. كذلك يتيح القانون لوزارة الإعلام مراقبة الصحف وتمنع الوزارة أي جهة من انتقاد الرئيس على حد قول الموقع الاجنبي وذلك جعل الشباب يتوقون إلى مساحة من الحرية للتعبير عن آرائهم.

ومن أكثر المجموعات تحمسًا في الفيسبوك، “حركة شباب السادس من إبريل” وهي مجموعة تتألف من 70 ألف شاب أغلبهم متعلمين وأغلبهم لم يكونوا مهتمون بالسياسة من قبل وغير منضمين لأية مجموعات أو أحزاب قبل اشتراكهم في المجموعة. وعمر هذه المجموعة أقل من عام. وتتركز أهداف المجموعة غالبًا في مجموعة من القضايا مثل حرية الحوار والتعبير عن الرأي وانتقاد الحكومة والفساد الاقتصادي والأفكار لتحسين مصر، وتقوم المجموعة أحيانًا بتنظيم المسيرات الاعتراضية مثلا للإفراج عن الصحفيين أو للدفاع عن غزة وغيرها.

وتختلف التوجهات الشخصية داخل كل مجموعة فالبعض يمدحون الإخوان ويرون أنهم رجال بحق والبعض يقولون أن البلد بحاجة إلى حراك سياسي حقيقي وليس الإنشاد الديني كما يفعل الإخوان. والبعض يقولون أن مشكلة غزة هي وسيلة لصب الغضب على الحكومة والتظاهر ضد الرئيس والحكومة والفساد والبطالة وغيرها.

يُذكر أن حوالي ثلث تعداد المصريين يبلغون من العمر 15 إلى 29 عام أي من الشباب وتقول أحد الدراسات التابعة لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن 67% من الشباب المصريين غير مسجلين للتصويت في الانتخابات وأن 84% منهم لم يشاركوا على الإطلاق في أي حركات أو مظاهرات عامة.

تزامنت أحداث الإقبال على الإنترنت وعلى الفيسبوك بالتحديد كساحة للتعبير عن الرأي مع تزايد أعداد مستخدمي الكمبيوتر والإنترنت سواء في المنازل أو في مقاهي الإنترنت نتيجة لجهود الحكومة في الفترة الأخيرة الداعمة لنشر التكنولوجيا.

وليس موقع الفيسبوك هو الساحة الوحيدة للحوار والتظاهر والاعتراض على الإنترنت في مصر فبعض الحركات لها مواقعها مثل حركة كفاية والتي يسمى موقعها الوعي المصري. واشتهرت في الفترة الأخيرة العديد من الشخصيات التي قادت مجموعات على الفيسبوك وغيره والتي دعت أحيانًا إلى التظاهر أو اتخاذ مواقف محددة، ومن هؤلاء الأشخاص من أدي به الأمر في النهاية إلى السجن ومنهم من تم الإفراج عنه.

زر الذهاب إلى الأعلى