أخبار قطاع الأعمال

دراسة: قطاع الاتصالات في الشرق الأوسط يشهد نموا هائلاً في عدد المشتركين واختراق الهواتف المتحرّكة

شهد قطاع الاتصالات في الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاثة الماضية، نموا هائلاً لناحية عدد المشتركين في خدمات الاتصالات ونسب اختراق الهواتف المتحرّكة للسوق، لا سيّما في دول مجلس التعاون الخليجي. غير أنّ معظم الأسواق تسجّل مستويات عديدة من التشبّع، بحسب دراسة جديدة أجرتها شركة بوز أند كومباني.

حقّق القطاع نسبة نمو سنوي مذهلة بلغت 44% بين العامين 2003 و2007، حيث ارتفع عدد المشتركين من 24 مليون إلى 103 مليون مشترك. ويتجلّى هذا النمو أيضاً في نسب اختراق الهواتف المتحرّكة للسوق، بخاصة في الإمارات العربية المتحدة، وقطر والبحرين، حيث بلغت مستويات الاختراق على التوالي 178%، و129% و124%.

شرح غسان حاصباني، الذي يشغل منصب نائب رئيس في بوز أند كومباني ، هذه المسألة قائلاً أنّه “بفعل زيادة المنافسة في القطاع، يبحث المشغّلون عن مصادر نمو جديدة للاستفادة من حصّتهم في السوق”. ويُبرز المشهد التنافسي الذي ساد السوق عام 2007 مستوى المنافسة بين الفاعلين. ففي الأردن، كان هناك شركة واحدة للهاتف الثابت مقابل أربع شركات للهاتف المتحرّك تتنافس على مستوى اختراق الهاتف المتحرّك في البلاد البالغ 85%. وخلال السنة الماضية شهدت الإمارات العربية المتحدة منافسة بين شركتين للهاتف الثابت وأخريين للهاتف المتحرّك على انتزاع حصة من نسبة الاختراق البالغة 178%.

تندرج استراتيجيات النمو المستقبلية لشركات الاتصالات بشكل عام ضمن فئتين رئيسيتين هما المقياس والنطاق. وأوضح حاصباني ذلك معتبراً أنّ “مسارات النمو المحتملة لشركات الاتصالات تعتمد بشكل أساسي على الإيرادات المتنامية أو على قاعدة العملاء المتزايدة، وفي أفضل الحالات على الاثنين معاً”.

بهدف تحقيق النمو المتوخى، يجب أن يتمكّن المشغّلون من استباق المنافسة والاستفادة من الحدّ الأدنى من المقوّمات المتوفّرة لتحقيق فوائد تنافسية. أما في ما يتعلّق بنطاق العمل والإيرادات المتنامية، فيتعيّن على شركات الاتصالات توسيع أعمالها وتنويعها لتتضمّن الخدمات التي تتجاوز خدمات الاتصالات الأساسية. وفي هذا الإطار، اعتبر حاصباني أنّه “بالنسبة إلى مقياس التوسّع، يجب أن يكتسب و/أو يقيم المشغّلون تحالفات استراتيجية، سواء مع فاعلين محليين أو دوليين، لتقديم خدمات عالية المستوى”.

اعتمدت شركات الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل رئيسي حتى الآن على التوسّع الجغرافي كمصدر أساسي للنمو غير العضوي، ونتيجة لذلك عمد جميع الفاعلين الرئيسيين في قطاع الاتصالات في المنطقة إلى الانتشار على رقعة جغرافية واسعة النطاق. فقد قامت شركة زين الدولية وهي شركة اتصالات مركزها الكويت بتوسيع عملياتها لتشمل 22 دولة، بما فيها سبع دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فيما انتشرت الدول المتبقية في أرجاء إفريقيا ومدغشقر.

من جهتها، تنتشر شركة MTN وهي شركة اتصالات جنوب إفريقية، في 21 دولة – تمتد من غينيا بيساو إلى إفريقيا الغربية وصولاً إلى أفغانستان، فيما يمتد نطاق عمل شركة اتصالات الإماراتية من ساحل العاج على مستوى القارة الإفريقية والشرق الأوسط وصولاً إلى باكستان. أما شركة أوراسكوم المصرية فتغطي إيطاليا واليونان في القارة الأوروبية، إضافة إلى أجزاء من إفريقيا وباكستان وكوريا الشمالية. وتملك جميع هذه الشركات خططاً لتوسيع نطاق عملها ليشمل رقعاً جغرافية أكبر خلال السنوات المقبلة.

في معرض تعليقه على هذه النقطة، قال حاصباني: “من الآن وصاعداً، سوف يصبح من الصعب ضمان استدامة مستويات النمو المرتفعة من خلال الاعتماد فقط على التوسّع التقليدي، لذلك يتوقّع أن تتكثّف جهود تعزيز العمل عبر الحدود في المنطقة”.

خلال السنوات الأربعة الماضية، سجّلت نشاطات الاستثمار في قطاع الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ارتفاعاً ملحوظاً، حيث ارتفعت من 5 مليارات دولار أميركي عام 2004 إلى 20.6 مليار دولار عام 2007. وأشار حاصباني إلى أنّ “تعزيز العمل أصبح بالتالي عنصراً رئيسياً في استراتيجيات شركات الاتصالات بهدف ضمان استدامة النمو”. فقد اشترت شركة MTN الجنوب إفريقية 100% من شركة أسهم شركة Investcom السورية عام 2006 لقاء 5.5 مليار دولار أميركي. وفي وقت سابق هذا العام، اشترت شركة الاتصالات السعودية 25% من أسهم شركة Oger Telecom التركية بقيمة 2.650 مليون دولار أميركي.

تعتبر شركات الاتصالات أنّ توجّهات التقارب بين قطاع الاتصالات وسائر القطاعات الأخرى شأن الإعلام والقطاع المالي تسهّل النفاذ إلى نطاق عمل جديد.

تتضمّن العوامل المحرّكة للتقارب ضمن قطاع الاتصالات النزعة إلى تبسيط إجراءات البيع والإدارة وتفادي المنافسة بالتزامن مع إنشاء مصادر جديدة للإيرادات. وفي قطاعي الاتصالات والمالية، يتطلّع الفاعلون في مجال الاتصالات بشكل متزايد إلى مواجهة التراجع في معدل إيرادات المستخدم، في حين تسعى المصارف إلى استقطاب بعض من إيرادات الاتصالات. أما العوامل المحرّكة في حقلي الاتصالات والإعلام فتشمل شركات الاتصالات التي تتحوّل خدماتها من خدمات غير سلعية إلى خدمات سلعية، فيما تواجه منافسة متزايدة على الإعلام وانخفاضاً في أسعار الإعلانات.

بحسب حاصباني “يمكن أن تؤدّي العوامل المحرّكة هذه في النهاية إلى تقديم خدمات متطوّرة يستفيد منها جميع الفاعلين المشاركين”. وتعتبر التجارة الإلكترونية وعمليات الدفع الصغيرة في القطاع المالي من بين الخدمات التي يتمّ تقديمها؛ أما في حقل الاتصالات، فيعتبر التقارب بين مجالي الاتصالات الثابتة والمتحرّكة والصوت عبر بروتوكول الإنترنت وتقنية المكالمات الجماعية المرئية من بين المقوّمات المترابطة، فيما سيستفيد المشغّلون في قطاع الإعلام من خدمات التلفزيون عبر بروتوكول الإنترنت، والتلفزيون المتحرّك، والفيديو عند الطلب، والمحتوى المتحرّك والإعلانات.

بهدف النمو بشكل فعّال، يتعيّن على الفاعلين في قطاع الاتصالات الاستعداد للاستفادة من نماذج العمل الناشئة التي تهدف إلى تحقيق التفاعل مع المستهلك النهائي والاعتماد على مجموعة متكافلة من الفاعلين على مستوى القطاعات. وفي نموذج العمل الناشئ في قطاع الاتصالات والقطاعات ذات الصلة، سوف يشكلّ الهاتف المتحرّك والخدمات الصوتية في المنزل والشبكة العريضة في المنزل والعمل والفيديو والتلفزيون والكابل أساس الخدمات المتنوّعة هذه.

ختم حاصباني: “إنّ وجود بنية تحتية سليمة وتوفير مروحة متنوّعة من المنتجات والخدمات، وتفاعل العملاء بشكل لافت مع التطبيقات التي تلبّي احتياجات المحتوى والإعلانات بشكل صحيح، عوامل ستشكّل تالياً العناصر المتكاملة التي سوف تسمح للفاعلين في قطاع الاتصالات في الشرق الأوسط بالنمو”.

زر الذهاب إلى الأعلى