الأخبار التقنية

موضة الليزر الأخضر

تصور أنك راكب في طائرة متوجه من مدينة الى اخرى ، وفجأة وقبل الهبوط بدقيقة او دقيقتين تتأرجح الطائرة وتحصل كارثة لا قدر الله !

وتصور أنك في ملعب كرة قدم تشاهد مباراة بين فريقي الهلال والنصر .. و اثناء المباراة يسقط حارس مرمى فريقك المفضل مصابا على الارض دون اي احتكاك مع اللاعبين نتيجة احتراق عين هذا الللاعب !

الحالتين اعلاه ذكرتهما لانه من المشاهدات و المسموعات التي بتنا نعايشها هذه الايام مع ظهور تقنية جديدة قديمة ادخلت وبشكل غير مدروس على السوق السعودية وربما الاسواق العربية والعالمية لتباع على الافراد العاديين دون ادنى مسؤولية او اجراء رسمي او ترخيص. انها اجهزة شعاع الليزر بعيدة المدى التي تصل احيانا الى اكثر من 5 كلم في اي اتجاه.

كعادتي وانا اتصفح جرائدنا السعودية كل يوم ، تفاجأت منذ نحو اسبوع او اكثر بورود اخبار عن محاولات عبثية لبعض المواطنين الغير مسؤولين بتوجيه شعاع الليزر الى الطاثرات وخاصة مقدمة الطاثرات حيث يقبع الطيارون مستعدون للهبوط . وتعد عملية الهبوط من اعقد الاعمال التي يقوم بها الطيار رغم قصر الفترة التي يحتاجها للهبوط الا ان هذه اللحظات البسيطة التي لا تتجاوز الدقيقة او الدقيقتين احيانا الا انه يكون مستحضرا هو ومساعده كل حواسه لتنفيذ الهبوط على افضل وضع وبدون مشاكل. تخيل لو ان خلال هذه الثواني المعدودة التي يحاول الطيار فيها تنفيذ عملية الهبوط تم تسليط شعاع ليزر على عينيه او حداهما لمدة ثانيتين فقط .. ماذا سيحصل ؟

يقول العلماء .. ان تسليط شعاع الليزر الى العين قد يسبب حالة عمى مؤقته تماما كما لو ان الشخص نظر الى الشمس مباشرة .. وقد يدوم هذا العمى الى اكثر من دقيقة في بعض الحالات .. !! تصور في هذه اللحظات .. ان طائرة بها 200 راكب . . ويقودها طيار أعمى .. يحاول الهبوط بها .. ماهو شعورك تلك اللحظة ؟

ان ما يقلق كثيرا هو انتشار مثل هذه الاجهزة او ماتسمى بـ Laser pointers للاستخدام الشخصي في الاسواق في المحلات التجارية او بيعها عبر الانترنت. قديما كنا نرى البرفسور او الاستاذ الجامعي او اي محاضر يحمل مشع ليزر صغير للتأشير على ما يشرحه في محاضراته وكان لو المؤشر احمراً في الغالب اضف الى ان شدة اضاءته كانت متواضعه ولا تصل الى لمسافات محدودة طبقا للمواصفات وعادة مثل هذه المؤشرات والتي تباع بشكل شرعي ورسمي محلات القرطاسية وتجهيزات الكمبيوتر ونحوها لا تتجاوز خرجها او طاقتها الواحد ميلي وات – 1mW. هذه الايام انتشرت مثل المؤشرات وبنفس الحجم احيانا ولكن اختلفت الطاقة التي تنتجها ومدى الشعاع الناتج منها.

على سبيل المثال ، الولايات المتحدة الامريكية توجد منظمتان مسؤلتان عن مواصفات مثل هذه المؤشرات ، وهما الهيئة الوطنية للمواصفات او American National Standard و ومنظمة الاطعمة والادوية Food and Drug Administration (FDA) ، وقد قامتا هاتين المؤسستين بتصنيف اشعة الليزر بناء على طاقته على نوعين ، فهناك شعاع الليزر ذا الطاقة الاقل من واحد ميلي واط ويسمى Class 2 ، و الشعاع ذا الطاقة من 1 الى 5 ميلي واط ويسمى Class 3a وهما المسموح لهما في صناعة المؤشرات التي تباع في الاسواق للمستخدمين العاديين ، وهناك تصنيف اخر وهو لشعاع الليزر من 5 الى 500 ميلي واط ويسمى Class 3b وهو غير مسموح به في صناعة المؤشرات نظرا لخطورة استخدامه من قبل المستخدمين العاديين ونظرا لما هذا الشعاع من الاثار على الانسان عند تسليط الشعاع بشكل مباشرة على العين او البشره حتى لو كان لمدة ربع ثانية من الوقت.

ظهر حديثا ما يسمى بمؤشرات الليزر الاخضر ، وقد دخلت الى الاسواق منذ عام 2000 م وشعاع الليزر في هذه المؤشرات يصل الى 300 ميلي واط ويختلف اللون نتيجة اختلاف الدايود الالكتروني المستخدم في انتاج هذا الشعاع وتركيبه ويتم انتاج هذا الشعاع عادة لاستخدامه في العروض المسرحية او السينما ونحو ذلك.

في عالمنا العربي وفي السعودية بالذات ، تستطيع الحصول على مؤشر ليزر ذا اللون الاخضر بمبلغ لا يتجاوز 200 ريال سعودي اما عن طريق الانترنت او عن طريق الباعة الغير محترفين في السوق السوداء بالقرب من محلات الكمبيوتر او الحراج والاسواق الشعبية التي عادة لا تخضع لحملات التفتيش المستمرة من قبل بلديات المناطق. وتبلغ خرج مثل هذه المؤشرات ما يفوق 200 ميلي واط اي مايجعلها تدخل في النطاق المحظور في امريكا وهو النطاق Class 3b .

وقد صادف ان وجدت عدد من المواقع العربية التي تسمح لعرض مثل هذه المؤشرات للجميع وباسعار رخيصة جدا كماهو موضح من الصورة ادناه. وعلى الرغم من الاعلانات التي تقول ان مثل هذه المؤشرات تصل الى 100 ميلي واط او 200 ميلي واط الا انه في الحقيقة مثل هذه الارقام هي وهمية مقابل الاسعار الزهيدة التي تطلب مقابلها الا فهي اقل من هذه الارقام ولكن ماهو اكيد انها اكثر من 5 ميلي واط اي انها من النوع المحظور عالميا.

صحيفة الرياض السعودية نشرت صورة للحارس السعودي الدعيع وشعاع الليزر موجه مباشرة على احدى عينيه وهو مستعد لتلقي كرة من الفريق الخصم ، ماذا لو حصل ان فقد الحارس نظره مؤقتا و دخلت الكرة الهدف .. فهل سيحتسب حكم المباراة الهدف .. !! من يدري ربما تصدر الفيفا يوما ما قانونا يجرم مثل هذه التصرفات في الملاعب الرياضية هذا اذا لم يكن فعلا قد اصدروه سابقا ويبقى العتب على مسؤولينا الرياضيين في السعودية.

اختم اخيرا بمقطع فيديو من موقع يو تيوب العالمي لاحد الاشخاص الذي يختبر ليزرا اخضرا بقدرة 125 ميلي واط ، وكم كانت النتيجة مخيفة ، حيث استطاع احراق ورقة وجعلها تشتعل ، وقد استطاع اشعال اعواد ثقاب بتسليط الشعاع مباشرة عليها ، كما استطاع قطع شريط لاصق .. اترككم مع المقطع ، مع امنياتي ان نكون اوعى في استخدام التقنية .. التي لم تعد شيئا معقد الاستخدام لكنها حتما ستكون كذلك حين نسيء استخدامها

https://www.tkne.net/vb/showthread.php?p=170415

أخيرا اتمنى من الجميع مشاركتنا بايجاد حلول تساهم في نشر الوعي في استخدام هذه التقنية التي ربما اصبحت نقمة علينا .. وعلى سلامة الالاف المسافرين عبر الطائرات ..

المراجع
– ويكبيديا
– جريدة الرياض
– مراجع اخرى

زر الذهاب إلى الأعلى