أخبار قطاع الأعمال

ما بعد تحويل خدمات الاتصالات إلى سلع: مستقبل مشغّلي الاتصالات

في ضوء الانخفاض السريع في أسعار خدمات الاتصالات الأساسية وتحوّلها من خدمات ذات قيمة مرتفعة إلى سلع متقلّصة الربحية، ترى شركة بوز ألن هاملتون أنّ على مشغّلي الاتصالات التركيز على النشاطات المتّصلة بالأفراد، وفصلها عن عمليات إعداد الشبكات وصيانتها مع إمكانية تعهيد هذه الأعمال إلى أطراف خارجية.

قال السيد بهجت الدرويش، وهو مدير في بوز ألن هاملتون والعامل في مجال الاتصالات والتقنية إنّ “النجاح المستقبلي لمشغّلي الاتصالات يتوقّف على إنشاء وحدات إدارية منفصلة هيكلياً تتولّى إمّا تأمين خدمات الأفراد أو بناء شبكات وتقديم خدمات البيع بالجملة للمشغّلين”. وأضاف في مداخلة له خلال مؤتمر خدمات الاتصالات للمشغّلين 2007 الذي عقد مؤخراً في برلين أنّ “العديد من المشغّلين الدوليين ينتقلون إلى نموذج عمل يتمحور حول العميل مع تعهيد عمليات إعداد الشبكات إلى جهة مستقلّة داخلية أو خارجية”.

وتابع أنّ بعض المشغّلين في منطقة الشرق الأوسط يواكبون التوجّه العالمي في تقديم خدمات موحّدة عبر وسائط اتصال مختلفة. ويتمّ تسهيل هذا الأمر عن طريق تطبيق تقنيات الإنترنت التي تسمح بالتقارب بين الشبكات الثابتة والشبكات المتحرّكة، ومن ضمنها تقنية النطاق السريع والجيل الثالث، و”واي ماكس” (WiMax).

وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ثمة ميل متزايد لدى المشغّلين التقليديين إلى اعتماد شبكات مبنية على تقنية الإنترنت لمضاهاة الخدمات التي يقدّمها المنافسون وتلبية احتياجات الأفراد. ويلتقي هذا مع التفكير التقليدي القائل إنّ تملّك شبكة يشكّل أحد العناصر الاستراتيجية للمشغّل في مواجهة المنافسة. لذلك يتوجّه المشغّلون التقليديون إلى استبدال شبكاتهم بشبكات الجيل المقبل بتكلفة مرتفعة في معظم الأحيان. بيد أنّ تدنّي ربحية الخدمات التقليدية يدفع بعضهم إلى التفكير في تقديم خدمات للمشغّلين الآخرين لتحقيق إيرادات مالية جديدة تغطّي بعضاً من هذه التكاليف.

إلا أنّ الاعتماد الواسع النطاق على تقنية الإنترنت برأي الدرويش يحدّ “قدرة مقدّمي خدمات المشغّلين على التميّز في مجال الخدمات التقليدية، مما يفضي إلى تراجع كبير في قيمة هذه الخدمات ويقلّل أرباحها الإجمالية. نتيجة لذلك، يؤدّي بروز الشبكات القائمة على تقنية الإنترنت إلى تحويل خدمات الاتصالات الأساسية إلى سلع متدنية الربحية. فيجد المشغّلون التقليديون أنفسهم أمام خيار استراتيجي ألا وهو التركيز إمّا على خدمات الأفراد العالية القيمة أو خدمات منشآت المشغّلين”.

وأشار إلى أنّ الاتجاه سيكون بنسبة كبيرة نحو خيار خدمات الأفراد العالية الربحية، إذ أنّ التطبيقات والمحتوى تشكّل عوامل نجاح رئيسية وعناصر تسمح بالتميُّز في سوق خدمات الأفراد، ويعود السبب في ذلك جزئياً إلى أنّها تساهم في تحسين مستويات المحافظة على العملاء.

ومما يعزّز هذا الاتجاه بروز شركات جديدة تعتمد نماذج عمل مختلفة، على غرار مشغّلي الشبكة الافتراضية الجوّالة (MVNO’s) ومقدمي خدمات الاتصالات عبر الإنترنت، ممّا يظهر إمكانية المحافظة على علاقة مربحة بالعميل، بغض النظر عن ملكية الشبكة. والواقع أنّ اعتقاد المشغّل التقليدي بضرورة ملكية الشبكة وإدارتها سوف يلهيه عن هدفه الرئيسي، ألا وهو تلبية متطلبات المستخدمين.

واعتبر الدرويش أنّ “نتيجة لهذا الأمر، سوف يبدأ مقدّمو خدمات الأفراد بمراجعة جدوى امتلاكهم شبكات خاصة وإدارتها، مقارنةً باعتمادهم على مقدمي خدمات البيع بالجملة للمشغّلين لتأمين هذه الخدمات”.

إلاّ أنّ من المتوقّع تراجع وتيرة نمو الإيرادات في سوق خدمات المشغّلين، تحت وطأة تدنّي الأسعار وازدياد المنافسة. ولفت الدرويش إلى أنّ “المرحلة المقبلة ستشهد بروز اتجاهات لتوحيد الشبكات، مع سعي مقدّمي خدمات المشغّلين إلى رفع مستوى استخدام الشبكة والاستفادة من وفورات النطاق. فاعتماد وحدة إدارية منفصلة هيكلياً لتطوير خدمات المشغّلين وتقديمها، وتنفيذ تقنيات جديدة مثل شبكات الجيل المقبل، وفتح الشبكات أمام المنافسين، يساعد على تخفيف وطأة الضغوط التنظيمية لتقاسم البنية التحتية ويحدّ من المنافسة من جانب الشبكات والتقنيات البديلة”.

وبذلك يضطرّ مشغّلو الاتصالات التقليديّون، إزاء الظروف المتبدّلة في السوق – المتأثرة بعوامل كثيرة منها الربحية والأنظمة والقوانين – إلى إجراء مراجعة متأنّية لاستراتيجيات خدمات المشغّلين مقارنة باستراتيجيات خدمات الأفراد. وفي نهاية المطاف، فإنّ التطبيق الناجح لاستراتجيات منفصلة لقطاع خدمات المشغّلين وقطاع الأفراد عنصر أساسي في النجاح المستقبلي لمشغّلي الاتصالات التقليديين.

زر الذهاب إلى الأعلى