الأخبار التقنية

السعة اللامحدودة للبريد الإلكتروني.. في صالح المستخدم أم العكس؟

فوجئ الكثير من المستخدمين، المتابعين للتطورات التقنية خصوصا، بأخبار تشير إلى نية الكثير من الشركات الشهيرة منح المستخدم سعة بريدية لا محدودة. حيث قدمت شركة AOL بالفعل منذ سبتمبر الماضي هذه الخدمة، في حين تعتزم شركة ياهو إطلاقها بدءا من مايو المقبل، و أكيد أن البقية ستأتي.

وعلى عكس ما قد يبدو في الخبر من إيجابية كبيرة و استفادة لا محدودة للمستهلك، إلى أنه – ومن جانب آخر – فإن الخبر يحمل في طياته جوانب سلبية قد لا تبدو واضحة للعيان من الوهلة الأولى.

لذا، وجب السؤال: هل ستكون هذه الخدمة في صالح المستخدم أم لا ؟

مبدئيا، لا يبدو أنه هناك ما قد يعيب في الأمر، فالبريد الإلكتروني أصبح الوسيلة الأمثل للتواصل العادي بين المستخدمين. كما أنه وسيلة لتبادل الكثير من الملفات المكتوبة وملفات الصور، وحتى بعض الملفات الصوتية الصغيرة، وهو يسهل إلى أقصى الحدود عمليات التبادل هذه. ومع هذه الزيادة تبدو الأمور أكثر روعة، حيث سيمكن إرسال ملفات صوتية أكبر، وملفات فيديو كبيرة وغيرها. وهو أمر لا يختلف اثنان حول أهميته، خصوصا المحترفين.

لكن، للأسف، لن يخلو هذا الأمر من جوانب سلبية كبيرة ستؤثر على جميع المستخدمين حتى الذين لا يأبهون لهذه الزيادة.

فإن كانت السويد، على سبيل المثال، قد شرعت قوانين تعاقب مرسلي “الرسائل المزعجة” بالحبس والغرامة، فإن دولا أخرى كثيرة جدا لازال يعاني المستخدمون فيها من مسألة “السبام” هذه.

فلا يمر يوم دون أن يتلقى بريدك العشرات من الرسائل المزعجة التي تحوي في طياتها إعلانات وفيروسات ومواضيع تافهة تملأ سعة بريدك من جهة و تضيع وقتك من جهة أخرى، لأنك لا بد أن تقوم بمسحها لاستغلال المساحة.

وإن كانت المشكلة الأخيرة تبدو وكأنها ستنسحب مع السعة التخزينية اللا محدودة، إلا أنني أرى أن العكس هو ما سيحدث. فبينما كان المستخدم يقوم بتنظيف بريده بشكل يومي والاعتناء به، فإنه – ومع السعة اللامحدودة – سيترك الرسائل المزعجة خصوصا تتراكم وسيهملها وهو ما سيحول البريد الإلكتروني إلى سلة مهملات حقيقية، و ليس إلى وسيلة عمل.

وحتى الرسائل المهمة لن يتم تنظيمها من طرف المستهلك ومراقبة التي انقضت صلاحيتها، ففكرة أن السعة التخزينية لا محدودة ستجعل المستخدم في حالة إهمال دائم للبريد مادام ليس هناك حدود لما يستطيع تخزينه. فيضيع بالتالي أرشيف الرسائل المهمة، وتختلط الأمور، ويصبح البريد أشبه بساحة حرب حقيقية.

من جانبهم، سيقوم مرسلو ” السبام” باستغلال الأمر إلى أقصى حد ولن يكتفوا بإرسال الملفات والإعلانات البسيطة بل سيتمادوا عن طريق إرسال الملفات الكبيرة وملفات الفيديو وغيرها. وسيشجعهم هذا الأمر بالتأكيد على المزيد من الابتكار للوصول إلى المستخدم بشتى الوسائل، خصوصا إذا ما تم زيادة سعة الملفات المرسلة أيضا. وهو – حسب ظني – أمر حتمي، مادام سيكون البريد لامحدودا.

إن السعة المحدودة، على الرغم من سلبياتها، إلى أنها كانت تفرض على المستخدم نوعا من الالتزام والاحترافية في التعامل مع بريده. لكن السعة اللامحدودة ستفتح الباب على مصراعيه للعشوائية والإهمال.

ويطالب البعض، في محاولة لإيجاد حل، بأن تقوم هذه الشركات بإطلاق إصدارات جديدة تمكن المستخدم من ترتيب بريده بشكل أكثر دقة كي لا يتوه في السعة اللا محدودة.
فهل هذا هو الحل يا ترى؟ الأيام القادمة و التجربة هي وحدها الكفيلة بالإجابة عن هذا السؤال.

زر الذهاب إلى الأعلى