الأخبار التقنية

صيانة المحتوى المعلوماتي.. المعنى والأهداف

مصطلح “صيانة المحتوى المعلوماتي” حديث نسبيا، نشأ في أكناف بيئة النشر الإلكتروني مثله مثل “صناعة المحتوى” وإنتاج المحتوى” واستفادت منه الصحافة الإلكترونية ووظفته لخدمتها إلى حد كبير. والذي ساعد على هذا هو السمات التي يتميز بها الخبر الإلكتروني والتي من أهمهما – كما ذكرنا في مقالة سابقة- أنه يكتب ليدوم ويستمر، وأنه قابل للاسترجاع، من أي مكان وفي أي وقت، ومن قبل جمهور الزائرين.

لذا، فالخطأ في خبر الإنترنت لا يمكن التغاضي عنه بحال، لأنه سيكتشف وسيظل طالما كان محفوظا على السيرفرات، وسواء باستخدام محركات البحث على الويب أو محرك البحث الموجود بالموقع الإخباري نفسه.

وعلى ذلك، ظهرت أهمية الحاجة لما يعرف “بصيانة المحتوى المعلوماتي” كأحد خطوات العمل الصحفي في المواقع الإلكترونية الصحفية، وذلك لضمان التأكد من خلو الأخبار والمواد الإعلامية المنشورة على موقع إخباري بعينه من الأخطاء المعلوماتية، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى تقع على عاتق المصطلح كذلك، وظيفة تنظيم وتصنيف الأرشيف الإلكتروني، لكافة المواد المدخلة على نظام النشر، سواء كانت موادا مساندة يستخدمها المحرر في إكمال مادته التي يعدها للنشر وتدعيمها (مثل الصور الثابتة ومواد الصوت ومشاهد الفيديو) والتي ترفق مع الخبر، أو كانت موادا نصية يستخدمها كروابط ذات صلة يمكن الإحالة إليها بجانب المادة المنشورة.

وكل نوع من أنواع قواعد البيانات السابقة (صور – نصوص – فيديو – صوت) له طريقته الخاصة في التعامل والتصنيف والتنظيم، بغرض أساسي هو إحكام السيطرة الكاملة عليها ووضع آليات وطرق استرجاعها وإعادة استخدامها مهما كان تاريخ نشرها موغلا في القدم.

وبصفة عامة، فإن زائر الموقع الإلكتروني لا يلجأ إليه – في الغالب- كي يقرأ الأخبار أو يتعرف عليها للوهلة الأولى، وهذا من واقع دراسات حول هذا الموضوع، ومن واقع الخبرة العملية أيضا، فالخبر يأتيك في أي مكان وبوسائل أسرع – الإذاعة والتلفزيون مثلا- وسواء كنت في سيارتك أو بيتك أو حتى أثناء عملك. أما دخول المواقع الإلكترونية فلا يكون في الغالب إلا لمعرفة المزيد من المعلومات حول هذا الخبر أو ذاك، وبالتالي فإن استرجاع الخبر أو المعلومة هو الأكثر إلحاحا بالنسبة لزوار المواقع الإخبارية على الإنترنت.

الأمر الذي يؤكد أهمية عملية تصنيف المواد المنشورة واستخلاص إحالات الميتاداتا من كل مادة على حدة وإتاحة هذه الحقول كمداخل بحث تفصيلية للوصول إلى المواد المطلوبة .
ويقصد بالميتاداتا الإحالات الفاعلة في المادة كاسم الدولة والهيئات والمنظمات وأسماء الشخصيات ومصدر المادة الأصلي والمدى الزمني إضافة إلى التصنيف الموضوعي بمستوياته المختلفة.

وعلى ذلك يمكن أن نحصر أبرز أهداف عملية صيانة المحتوى في الآتي:

هدف معلوماتي
فسهولة استرجاع المواد المنشورة سابقا أو الموجودة على نظام النشر بصفة عامة سواء كانت موادا إخبارية أو مواد مساندة يحتاجها معد المادة لتدعيم مادته، هذا الأمر يعني توفير المعلومات اللازمة لإنهاء العمل على الوجه الأكمل. وغالبا ما يحتاج المحرر أو الصحفي إلى معرفة خلفيات الحدث أو تطوراته السابقة، وهنا لابد أن يلجأ للبحث والاسترجاع، وبالطبع فالأفضل له أن يبحث عن تلك الخلفيات فيما نشر على صفحات الموقع أولا قبل أن يلجأ للبحث خارجه.

كما أن توفير هذا الكم الكبير من المعلومات المتراكمة والمنتجة يوميا على صفحات الموقع، لزائريه من خلال إتاحة آليات وطرق البحث والاسترجاع – خانة البحث البسيط وصفحة البحث التفصيلي- تعطي أولوية للموقع كأفضل من يحافظ على المعلومة ويحفظها ويتيحها لجمهوره.

هدف إحصائي تحليلي
فمن خلال استرجاع المواد المنشورة باستخدام المصدر الأصلي للمادة (كالوكالات أو مراسلي الموقع) وتحويل هذه الأرقام إلى مدلولات كيفية، يمكن عن طريقها معرفة إلى أي مدى يتم الاعتماد في الأخبار والمواد المنشورة بالموقع على مصدر دون آخر، مما يفيد إجراء التقييمات الدورية للاعتماد على المصادر وبالتالي إحداث التوازن المطلوب في هذا الصدد.

كذلك فإن استرجاع المواد باستخدام دولة بعينها أو منطقة جغرافية مقصودة، وربطها بطبيعة الموضوع (سياسي – اقتصادي – فني – رياضي – اجتماعي…إلخ) وتحويل الأرقام الناتجة كذلك إلى مدلولات كيفية، يساعد كثيرا في استبيان مناطق القصور في التغطية الإخبارية جغرافيا، والتعرف على طبيعة الموضوعات المأخوذة من دولة أو منطقة بعينها دون غيرها وبالتالي تقييم الأمر وإحداث التوازن المطلوب.

هدف تسويقي
عندما يوجد لدى الموقع الإخباري قواعد معلومات متكاملة مصنفة ومؤرشفة إلكترونيا ومزودة بكلمات دالة ومستخلصات محكمة، فإنه يمكن أن يسوق تلك المواد على اختلاف أنواعها سواء كانت نصوصا أو صورا ثابتة أو مواد صوت أو فيديو.

ويمكن مثلا تسويق الصور الثابتة خاصة تلك الحصرية للموقع، أو عقد الاتفاقات الثنائية التبادلية المعروفة ب Barter Deals ، بين الموقع ووكالات الأنباء أو الجهات المهتمة.

هدف إداري
فمن خلال استرجاع المواد التي أعدها موظف أو محرر بعينه، وذلك باستخدام اسمه من خانة الكتاب كمرجع بحث، يستطيع المسئولون والإداريون إحصاء كم الأخبار والمواد التي أنجزها أو ساهم فيها على نظام النشر، مما يساعد وبصورة موضوعية في تنفيذ الترقيات والتقييمات والبعد بها عن الأهواء الشخصية وربطها فقط بالإنجاز في العمل.

مما سبق يتضح أن قضية صيانة المحتوى المعلوماتي، بالنسبة لكافة المواقع على الإنترنت، وخاصة المواقع الإخبارية منها، وما تحققه من أهداف للمؤسسة، قضية على درجة عالية من الأهمية، ولابد من إعطائها حقها المطلوب في الرعاية والتوجيه والتقنين، بحيث تصبح من أساسيات تكوين أي موقع إلكتروني يسعى لجذب شريحة عريضة من جمهور زائري الشبكة العنكبوتية الدولية.

ووسط منافسات ليست سهلة أصبح هذا الجانب المعني أساسا بإتاحة المعلومة وطرق وآليات استرجاعها من قعر الأرشيف الإلكتروني، أحد أبرز مجالات التنافس بين المواقع الإخبارية المشهورة على الإنترنت.

زر الذهاب إلى الأعلى