الأخبار التقنية

صحافة الإنترنت.. صحافة معلومات

قد يعتقد البعض للوهلة الأولى عند قراءة العنوان، أن هناك نزعة للتقليل من صفة “المعلوماتية” التي تنقلها الأنواع الأخرى من الصحافة في موادها التي تنشرها لجمهورها المستهدف، كالصحافة الورقية أو الراديو والتلفزيون على سبيل المثال، ليس هذا هو المقصود، والخبر ابتداء هو معلومة أيا كانت وسيلة نقله، وإنما المقصود إضفاء مزيد من التأكيد على الوظيفة الرئيسية التي تقوم بها صحافة الإنترنت بصفة عامة، وهي كونها “رافد معلوماتي هائل” لا تكتفي فقط بنقل الحدث مثلها كأي وسيلة أخرى، وإنما تتعدى هذه الوظيفة التقليدية البسيطة، لتبحر في مجال أكثر رحابة ، يضفي مزيدا من العمق على الحدث المنشور بما يؤكد على الصفة المعلوماتية، تتعدى ما يأتي به الخبر العادي في الغالب.

فالإذاعة والتلفزيون اللذان ينقلان إليك الحدث بصورة مباشرة، بل وأثناء وقوعه في كثير من الأحيان، لم يعطيا مجالا للإنترنت كي تنافسهما في هذا السياق، مما لاشك فيه أن الوسيلتين المذكورتين أكثر انتشارا وأوسع تأثيرا في مجال نقل الخبر وبثه، كما أنهما أقل تكلفة بالطبع. والخبر من خلالهما يأتيك في أي مكان سواء كنت في بيتك أو سيارتك أو داخل المواصلات العامة.. لكنك لن تقوم بالتوجه إلى جهاز الكمبيوتر ثم تحقق اتصالا بالإنترنت إلا بغرض التعرف على مزيد من المعلومات عن هذا الخبر أو ذاك، أو كي تبحث عن مزيد من التفاصيل والمعلومات.

ومن المفارقات التي تؤكد هذا الأمر، أننا لحظنا على أنفسنا أثناء العمل بالمواقع الصحفية الإلكترونية، أننا نهرع ونتحلق جميعا حول جهاز التلفزيون عندما يأتي خبر عاجل، لكن أثناء قيامنا بإعداد هذا الخبر لنشره على الموقع نلحظ كذلك الفرق الكبير في الصياغة والكم المعلوماتي المصاحب للخبر، من خلفيات وصور بما في ذلك استغلال ميزة الروابط “Links” لإعطاء صورة أكثر عمقا للحدث المنشور على صفحات الموقع الإلكتروني، تتعدى بكثير ما يكتفي التلفزيون – أو الإذاعة بطبيعة الحال- بنشره أو بثه.

يبقى بعد ذلك الدور الأهم الذي تمارسه تلك المواقع الصحفية الإلكترونية، والذي يتمثل في كونها امتدادا حقيقيا للذاكرة، يمكن الرجوع إلى محتواه من أي مكان وفي أي وقت. وباستخدام محركات البحث سواء كانت على الويب، أو محرك البحث الموجود بموقع إخباري بعينه، والذي يساعد على استرجاع المعلومات من قعر الأرشيف مهما كان تاريخ نشرها موغلا في القدم.

وعلى ذلك فالخبر المنشور على المواقع الإخبارية الإلكترونية يتميز بصفتين أساسيتين، الأولى أنه يكتب ليدوم، فهو باق بصورة دائمة، والثانية أنه قابل للاسترجاع وإعادة التوظيف، بما يخدم الجانب المعلوماتي الذي تسعى تلك المواقع لتوفيره باستمرار، والذي يمثل مادة تتميز به تلك المواقع وتنافس بعضها البعض على أساسه. لذا لزم أن تقوم تلك المواقع باستمرار، بما يسمى ب “صيانة محتواها المعلوماتي” طالما ظلت كل المواد التي تنتجها قابلة للاسترجاع والاستخدام من قبل جمهور المستخدمين أو الزوار.

هذه المقدمة البسيطة عن طبيعة صحافة الإنترنت، ربما يكون ما جاء فيها معروفا لدى شريحة عريضة من المستخدمين والعاملين في المجال، لكن الغرض الأساسي من عرضها هو ما جاء فيها من مصطلحات سنقوم بنشرها وتعريفها تباعا، على صفحات هذا الموقع التقني الرائد.

من ذلك الفرق بين الصحفي التقليدي والصحفي الإلكتروني، والفرق بين المواقع الصحفية الإلكترونية والصحف الإلكترونية، ومن ذلك أيضا ما ورد عن محركات البحث والفرق بين محرك البحث على الويب ومحرك البحث داخل الموقع، وكيفية عمل تلك المحركات، وطرق وآليات البحث والاسترجاع ، وأخيرا وليس آخر، ما ذكر بشأن “صيانة المحتوى المعلوماتي” كيف تكون وكيف تتم ولماذا.

ومن خلال ما سيعرض بشأن تلك المصطلحات، أرجو أن تعم الفائدة في محاولة للوصول إلى تحديد أدق لمفاهيم تحكم جانب شديد الأهمية في الشبكة العنكبوتية، ألا وهو صحافة الإنترنت، الذي يعتبر وفق الدراسات الحديثة بهذا الشأن مجال نخبة النخبة في عالمنا العربي الكبير.

زر الذهاب إلى الأعلى