رأي وحوار

الذكاء الصناعي وتهديد البشرية.. بين مخاوف العلماء وتفاؤلهم

بقلم: معاوية الخالد

لطالما كانت أفلام الخيال العلمي تضعني أمام مخاوفي حول قدرة تطبيق مفهوم الذكاء الصناعي على التسبب بنهايتنا، هذا المنطلق الذي تناولته السينما قبل الجميع في كثير من المناسبات.

فإثر ظهور مفهوم الذكاء الصناعي في منتصف القرن الماضي بدأ استشعار مخاطره التي تهدد مستقبل الجنس البشري وفق ما أشار إليه إيلون ماسك، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة “سبيس إكس” SpaceX الأمريكية لتكنولوجيا الفضاء، والمستثمر السابق في شركة الذكاء الصناعي البريطانية “ديب مايند”، التي استحوذت عليها شركة جوجل عام 2014 وفق صفقة تجاوزت قيمتها 500 مليون دولار أميركي، حيث قال إنه يميل بشدة إلى الاعتقاد بضرورة وجود رقابة على مستويات دولية لتنظيم عمليات تطوير تقنيات الذكاء الصناعي وأضاف “إننا نستحضر الشيطان أثناء تعاملنا مع هذه التقنيات”.

مخاوف وتفاؤل

ويظهر العالم الفيزيائي البريطاني الشهير “ستيفن هوكنج” مخاوف عبّر عنها في مقابلة أجرتها معه شبكة “بي بي سي” البريطانية مطلع ديسمبر/كانون الأول 2014، حيث قال “إن تطوير ذكاء صناعي كامل قد يمهد لنهاية الجنس البشري”.

وأوضح هوكنج أن بمقدور تقنيات الذكاء الصناعي أن تعيد تصميم نفسها ذاتيا، وتتطور بشكل متسارع، وهو أمر لا يستطيعه الجنس البشري، مما قد يؤدي إلى استبدال الإنسان بالتقنيات الصناعية كونها أكثر تطوراً، على حد تعبيره.

كما أعرب بيل جيتس في جلسة الأسئلة والأجوبة “إسألني أي شيء” الثالثة له على موقع “ريديت” Reddit عن رغبته في بقاء الروبوتات غبية إلى حد ما. وقال: “أنا في معسكر من يشعر بالقلق إزاء الذكاء الخارق”.

وأضاف:“بعد بضعة عقود سيكون الذكاء الصناعي قويا بما يكفي ليكون مصدرا للقلق. وأنا أتفق مع إيلون ماسك وغيره آخرين حول هذا الموضوع ولا أفهم لماذا لا يبدي بعض الناس قلقهم حيال ذلك”.

ويشعر أستاذ هندسة الميكانيك وعلوم الفضاء في جامعة كورنيل، وأحد مطوري الروبوتات الذكية، هود ليبسون، بالمخاوف ذاتها، حيث قال إن تقنيات الذكاء الصناعي أصبحت قوية للغاية، ومن المحتمل أن تتجاوز قدرات الإنسان. وتوقّع حدوث ذلك خلال القرن القادم.

ويعتقد ليبسون أن دمج تقنيات الذكاء الصناعي مع الروبوتات قد يتسبب بظهور آليات خطيرة، لكنه رفض القول إنها قد تتسبب بدمار البشرية، وإنما على العكس تماما حيث يمكن تطويعها لصالح البشرية، على غرار الطاقة النووية التي يمكن استخدامها في الخير أو في الشر.

ومن بين المتفائلين، مالك شركة Kensho، دانيال نادلر، التي حصلت، على تمويل بقيمة 15 مليون دولار في مسعى طموح لتدريب الحواسيب على أداء الوظائف المكتبية كمهام التحليل المالي. وقال: “من ناحية التكنولوجيا، يوجد حالياً تحول نوعي من كتابة الأوامر في مربع إلى مرحلة تتابعك فيها الحواسيب وتتعلم”.

واعتبر مالك شركة “كونتكست ريلفانت” Context Relevant، ستيفان بوربورا، أن الذكاء الصناعي هو الموضوع المهم الرائج في الوقت الراهن. وجمعت شركته المتخصصة في الذكاء الصناعي ما يزيد على 44 مليون دولار منذ تأسيسها في عام 2012. وقدّر بوربورا وجود أكثر من 170 شركة ناشئة في هذا القطاع.

عهد وميثاق

وقع خبراء “الذكاء الصناعي”  يوم 11 يناير 2015  في جميع أنحاء العالم خطابا مفتوحا، صاغه “معهد مستقبل الحياة” Future of Life Institue، وتعهدوا فيه بالتنسيق والتواصل بعناية وعلى نحو آمن حول التقدم المحرز في هذا المجال لضمان أنه لن يخرج عن طور سيطرة البشر.

تضمنت قائمة الموقعين على الخطاب المؤسسين المشاركين لشركة Deep Mind وشملت العالمان الشهيران ستيفن هوكينج وإيلون ماسك، فضلا عن أساتذة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وخبراء في بعض من أكبر الشركات التقنية، بما في ذلك الفريق المسؤول عن الحاسوب الخارق “واتسون” Watson الخاص بشركة “آي بي إم” IBM، وقسم البحوث التابع لشركة مايكروسوفت.

وأرفق الخبراء مع الخطاب وثيقة بحثية تحدد أين تكمن المزالق وما هي الاحتياجات التي يجب ترسيخها لمواصلة السعي وراء علوم الذكاء الصناعي بأمان.

في النهاية، هل تتجاوز تقنيات الذكاء الصناعي قدرات الإنسان؟ وهل تمتلك البشرية مفاتيح التحكم في ملف القدرة الكاملة للذكاء الصناعي إن حدث؟ وأين العرب من ذلك؟

زر الذهاب إلى الأعلى