رأي وحوار

إدارة الكوادر المؤهلة في تقنية المعلومات والاتصالات وصعود التقنيات المعتمدة على خدمات الاتصالات المتنقلة

بقلم عبدالعزيز الهليل، المدير الإقليمي لشركة  IDC  بالمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين

تشهد الأجهزة المتنقلة انتشارا متزايدا في أماكن العمل، وتتضاعف أعداد تطبيقاتها الموجهة للأعمال بشكل سريع، كما يستمر ازدهار الأجهزة الموجهة لأماكن العمل وتطبيقات تتبع المواقع ومفهوم “إنترنت الأشياء” عبر الأجهزة المتنقلة.

وستستمر الحوسبة المتنقلة بمرور الوقت كسلاح ذو حدين لإدارات تقنية المعلومات. فمن جهة، توفر الحوسبة المتنقلة وسيلة جديدة لتحسين إنتاجية الموظفين داخل الشركة، ولكنها في الوقت نفسه تزيد من عدد قنوات العائدات وتعزز المعرفة بالمنتجات خارج الشركة، كما أنها تكون مكلفة نتيجة لإدخال تقنيات جديدة وتوسيع عدد أنواع الأجهزة المستخدمة، وتزيد من عدد البرامج والبنى التحتية التي يجب دعمها.

ومن هذا المنطلق فإن على إدارات تقنية المعلومات دعم الخدمات والتقنيات الإضافية ومن ثم دمجها في البنية التحتية، وذلك سواء كانت تلك الإدارات هي التي تقود التغيير في المنشآت أو أنها مكلفة بتنفيذ التغيير.

ومن المؤكد كذلك أن هذا الدعم الإضافي لخدمات الاتصالات المتنقلة سيتطلب موارد بشرية وسيفرض تحديات تتعلق بإدارة الكوادر المؤهلة في تقنية المعلومات وسيثير تساؤلات تنظيمية.

ويجب التعامل مع إدارة الكوادر المؤهلة باعتبارها مكون رئيسي ضمن أي إستراتيجية متعلقة بالحوسبة المتنقلة. ومع بدء تطبيق التقنيات الجديدة كليا، سيكون للحوسبة المتنقلة قيمة عظيمة في حال مشاركة كوادر مؤهلة في تطبيقها. ولتحقيق هذا الهدف يجب على المنشآت أن تضمن وضع إستراتيجية محددة بشكل دقيق للحوسبة المتنقلة في إدارات تقنية المعلومات بها، بحيث تتفق تلك الإستراتيجية مع أهداف المنشأة واستراتيجياتها وخطط الأعمال الحالية الخاصة بها.

وتتطلب المبادرات القائمة على خدمات الاتصالات المتنقلة توفر كوادر مؤهلة متخصصة في كافة وظائف تقنية المعلومات، ويشمل ذلك إدارة النظم والحوسبة الافتراضية وأمن المعلومات وتطوير البرمجيات وتحليل الأعمال وخدمة العملاء. وعلى الرغم من أن المفترض أن تكون تلك الكوادر المؤهلة متوفرة بالفعل في كل إدارة عصرية لتقنية المعلومات، إلا أن تطبيق التقنيات المتنقلة – مثل إدارة الهوية وإدارة الوصول (IAM)، وإدارة الأجهزة المتنقلة (MDM)، وتطوير التطبيقات المتنقلة – يتطلب تدريبا متخصصا وتوظيفا و/أو الاستعانة بالكوادر المؤهلة من خارج المنشأة، وحوافز ومكافآت لهؤلاء الأفراد المستعدين لتوفير الدعم للتقنيات القديمة، وعلاوات في الرواتب لمن يتمتعون بمهارات جديدة متطورة.

والأمر الجيد في هذا السيناريو هو أن المهارات العملية المطلوبة لتطبيق هذه التقنيات عدد من مجموعات مهارات تقنية المعلومات التقليدية، وليست بديلا لها. ولكن لا يجب أن نعتقد أن كافة التحديات المتعلقة بتقنيات الاتصالات المتنقلة يمكن حلها بسهولة. ففي الواقع، تأتي تقنية الاتصالات المتنقلة ومعها عدد من القضايا المتعلقة بإدارة الكوادر المؤهلة، والتي يجب على فريق تقنية المعلومات مواجهتها، سواء من جانب الموظفين أو من جانب مقدمي الخدمة. ويجب على فريق تقنية المعلومات، مثل بقية الموظفين، الالتزام بسياسات خدمات الاتصالات المتنقلة، كما يجب على فريق دعم العملاء وغيره من العاملين في مجال إدارة الأجهزة المتنقلة أن يقوموا بإدارة هذه اللوائح لصالح المنشأة.

فعلى سبيل المثال، يجب أن يتمتعوا بفهم شامل لكافة القضايا المتعلقة بخصوصية الموظفين، وأن يتبنوا أهداف الشركة وغاياتها بالكامل. ويجب عليهم كذلك تطوير المهارات المطلوبة بفاعلية وأن يقوموا بإدارة استخدام الموظفين للأجهزة المتنوعة التي تحمل بيانات شخصية وبيانات خاصة بالمنشأة. وتتطلب مجموعة القضايا الفنية والقضايا المتعلقة بالسياسة تدريبا خاصا بما يضمن قدرة موظفي الدعم على تفسير السياسات وإدارتها كما ينبغي. وهناك أهمية خاصة للكوادر المتخصصة بالبرمجيات بما يمكن من التعامل مع عدم رضا الموظفين بشأن الإجراءات الجديدة الخاصة بخدمات الاتصالات المتنقلة.

ومن هذا المنطلق، كيف يمكن للمنشآت التعامل مع تحدي إدارة الكوادر المؤهلة؟ إنني أنصح هذه المنشآت بأن تقوم أولا بوضع استراتيجيات للأجهزة المتنقلة على المدى القصير وعلى المدى البعيد، ومن ثم تقوم بوضع مبادرات إدارة الكوادر المؤهلة. ومن الضروري وضع خطط لتعاقب الكفاءات، وكذلك تكوين مخزون من الكوادر المؤهلة، حيث يشمل ذلك المتخصصين في لغات البرمجة المستخدمة حاليا والتي يتوقع استخدامها، ومن يتمتعون بخبرات في الأعمال (مثل التسويق والمحاسبة)، واللغات الحية، واصحاب القدرات الفنية والتحريرية، إلى جانب من يتمتعون بمعرفة في الرياضيات. وأدعو المنشآت للتعرف على مصادر التوظيف الخارجي بالدخول في حوار مع مجتمع التقنيات المتنقلة وإقامة علاقات مع الجامعات المحلية التي توفر التدريب على التقنيات المتعلقة بخدمات الاتصالات المتنقلة.

وقد يكون من المفيد للمنشآت التي تسعى لتحقيق هذا الهدف أن تعمل على إقامة علاقات مع المجموعات المهتمة بخدمات الاتصالات المتنقلة، حيث يمكن تحقيق ذلك برعاية الفعاليات الخاصة بتلك المجموعات، وتوفير أماكن للاجتماعات أو مساعدة المجموعة في انشطتها، بما يسهل توظيف الكوادر المؤهلة المناسبة من داخل عضوية تلك المجموعات في الوقت الملائم. ويجب أن أؤكد كذلك على ضرورة وضع برنامج تدريبي شامل لتطوير المهارات يمكن أن يساعد الموظفين الذين يتم تعيينهم على اكتساب المعرفة التقنية والتعرف على رؤية هذا القطاع إلى أفضل ممارسات وتوجهات الحوسبة المتنقلة.

وقد أصبحت المنصات الخاصة بتطوير البرمجيات للأجهزة المتنقلة منصات قياسية بدرجة أكبر، مما سيفرض على مطوري البرمجيات ضرورة اكتساب مهارات جديدة للمضي قدما إلى الأمام، وكذلك للمحافظة على مجموعة المهارات الحالية التي تمكنهم من المحافظة على التطبيقات المتنقلة الحالية والتي تم كتابتها باستخدام لغات ستصبح في نهاية الأمر تقنيات تطوير قديمة. وستظل إدارة تقنية المعلومات باقية، وذلك لأن الاحتياج للتحكم بالبنية التحتية التقنية، ودمج التقنيات المتنقلة مع الأنظمة التقليدية، وتوفير الوصول الآمن إلى البيانات والموارد الداخلية، يعني أن دور إدارات تقنية المعلومات في الأنشطة المتعلقة بالمشاريع المرتبطة بخدمات الاتصالات المتنقلة سيصبح أكثر أهمية ونشاطا. لقد حان الوقت للمنشآت لكي تبدأ في التخطيط لهذا السيناريو.

زر الذهاب إلى الأعلى