رأي وحوار

رحلة إلى السحاب – 50 سنة من التطور عبر التقنية وموسيقى البوب!

بقلم جيوتي لالشانداني، نائب الرئيس والعضو المنتدب لمؤسسة “آي دي سي” IDC في الشرق الأوسط وأفريقيا وتركيا 

في السابع من نيسان/أبريل 1964، وبينما كانت فرقة البيتلز تقول للعالم إن “المال لا يشتري لي الحب” بأغنيتها Money Can’t Buy Me Love، كانت شركة “آي بي إم” IBM تحاول إقناع مجتمع الأعمال بأن المال يستطيع على الأقل أن يشتري لهم جهاز حاسب كبير mainframe.

لقد تم الآن إطلاق نظام IBM/360 – ذلك النظام الذي يوصف بأنه تكرار مبتكر لظاهرة Big Blue’s. وأوضح الإعلان الرسمي لإطلاق النظام “أن نظام IBM/360 يمثل تحولا كبيرا في تصميم الكمبيوتر ومفاهيم تصنيعه، وهذا الكمبيوتر هو نتاج لجهد عالمي شاركت فيه مختبرات IBM ووحدات في مختلف أنحاء العالم، وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها IBM بإعادة تصميم الهندسة الداخلية الأساسية لأجهزة الكمبيوتر التي تنتجها خلال عقد من الزمان.

ومنذ ذلك الحين حدث تحول مذهل في صناعة التقنية، وشاركت صناعة الموسيقى في إبراز هذه التطورات المذهلة من خلال بعض التطورات المذهلة كذلك في عالم الموسيقى.

وخلال السنوات الـ 17 التي تلت ذلك، شهد العالم عصر المنصة الأولى، حيث استعادت الحاسبات الكبيرة مكانتها وتمكن عدة ملايين من المستخدمين من قطاع الشركات من الوصول إلى تلك الأجهزة عبر أجهزتهم الطرفية.

وفي الوقت نفسه، ظهر عمالقة في عالم الموسيقى، من أمثال ليد زيبلن، وديب بربل وذا رولنغ ستونز. وخلال تلك الفترة والسنوات التي أعقبتها، كانت كافة الأنشطة المرتبطة بالكمبيوتر مقتصرة على التفاعل بين الإنسان وجهاز الكمبيوتر، ولكن لم يكن ذلك التفاعل ذا صبغة شخصية على الإطلاق.

وتغير ذلك الواقع بنهاية عصر المنصة الأولى، وذلك على الرغم من أن الحدث الذي جعل هذا التحول ممكنا قد تم خلال ذلك العصر، وكان ذلك على وجه الدقة في عام 1973، حينما أبكى دوني أوزموند ملايين القلوب بأغنيته Young Love، وغير فريق سلايد شكل مهرجان “يولتايد” حينما أطلق أغنية Merry Xmas Everybody، كما توصل بوب ميتكالف إلى ابتكار تقني جديد في العام نفسه بمركز أبحاث بالو ألتو التابع لشركة “زيروكس”.

وإذا انتقلنا إلى العام 1981، حينما كان عالم الموسيقى يتلمس معالم صرعة جديدة في عالم الموسيقى تحمل اسم الهيب هوب، كان عالم التقنية يخطو خطواته الأولى نحو المنصة الثانية. وكان ذلك هو عصر نموذج السيرفر والكمبيوتر الشخصي – ذلك الجهاز الذي أدى أضفى صبغة شخصية على تقنية المعلومات، مدعوما بشبكة الإيثرنت وشبكات المنطقة العريضة. وحينما بدأت أجهزة الكمبيوتر الشخصية في التواصل فيما بينها في حدود العام 1983، سرعان ما انتقلنا إلى عالم تميز بابتكارات مذهلة لم يكن أحد يتخيلها – وشملت البريد الالكتروني الذي بدأ استخدامه من أجل تبادل المعلومات عبر الإنترنت من أماكن مختلفة في العالم.

وتمكنا من هذه المرحلة من الانطلاق لعشر سنوات إلى المستقبل، وأسهم ألبوم Nevermind الذي أطلقه فريق الروك الأمريكي “نيرفانا” في تحديد هوية جيل بكامله، بينما أعادت الهيئة الأوروبية لأبحاث الذرة تعريف عالمنا من خلال ابتكار نظام النص التشعبي وتوفيره للجمهور في شكل الشبكة العنكبوتية World Wide Web.

وتطلب ذلك إحدى القفزات المذهلة في عالم التقنية، وهي الانطلاق من مجرد تبادل مستندات الشركة مع أفراد بعينهم إلى مشاركة البيانات الشخصية مع أشخاص غرباء تماما. وولدت المدونات التي سرعان ما أعقبتها ثورة انتاج وتبادل البيانات الشخصية.

وكان عدد بائعي التقنية قليلا في عصر المنصة الأولى، وكانوا يقدمون حلولا طرفية، وخلال عصر المنصة الثانية، ومع تسارع تبني التقنية وتوسيع انتشارها، استحدث السوق فرصا لظهور المزيد من بائعي التقنية المتخصصين. ومن أمثلة ذلك ظهور شركة إنتل في صناعة أشباه الموصلات، وشركة سيسكو في مجال الشبكات، وشركة أوراكل في مجال قواعد البيانات، وشركة مايكروسوفت في مجال أنظمة التشغيل، وشركة EMC في مجال التخزين، وشركة ياماها في مجال الموسيقى.

استمرت فترة المنصة الثانية لـ 26 سنة، وتميزت كذلك بتزايد تصاعدي في عدد المستخدمين والتطبيقات – حيث ارتفع عدد المستخدمين من عدة ملايين إلى مئات الملايين، وارتفع عدد التطبيقات من بضعة آلاف إلى عشرات الآلاف. ومع ذلك، ركزت صناعة الحوسبة جهودها في ذلك الحين على الشركات، بينما كان الاستخدام الشخصي أمرا ثانويا. وكان تطور المنصة الثانية نتيجة للتطورات في أنظمة وتطبيقات الشركات.

وشهد العام 2007 إطلاق الهاتف الذكي آيفون وتطبيقات جوجل، وبدء موقع أمازون و Salesforce.com في تقديم خدماتهما السحابية، وقدمت نجمة الغناء ريحانة حلها السحابي الخاص بها بترديد أغنيتها Umbrella-ella-ellas بشكل متواصل.

ومما يجدر ذكره أن عمر موقعي هادوب وتويتر في ذلك الحين لم يتجاوز العام، بينما كان الصغير جاستن بيبر قد بدأ في صناعة اسم مرموق لنفسه عبر منصة جديدة عمرها عامان واسمها يوتيوب. كانت تلك هي بذور ما يعرف اليوم كتوجهات رئيسية في تبني التقنية في عالم اليوم: وتشمل تقنيات الاتصالات المتنقلة، والحوسبة السحابية، وتحليلات البيانات الكبيرة، ووسائل التواصل الاجتماعي. لقد كانت تلك بداية المنصة الثالثة.

وأحدثت التوجهات المذكورة تغيرا هائلا في عالم تقنية المعلومات، وأدت إلى توجيه الابتكار نحو تلبية متطلبات المستهلك الفرد بدرجة أكبر من تلبية احتياجات الشركات. هذا هو العالم الذي أصبح فيه الوصول إلى الإنترنت يتم عبر الأجهزة المتنقلة، وينمو فيه حجم البيانات التي ينتجها الأشخاص والآلات بسرعة كبيرة إلى درجة أن حجم العالم الرقمي ربما يتضاعف بخمسين مرة قبل نهاية العام 2020.

لقد شهدت المنصة الثالثة ارتفاع عدد المستخدمين بشكل غير مسبوق، من عشرات الملايين إلى مليارات، وحولت التطبيقات وجهتها من الشركات لتصبح وسيلة للترفيه والتعبير عن النفس والتواصل. وفي الوقت الذي استغرقه عالم التقنية للانتقال من أجهزة كمبيوتر بحجم السيارة العائلية إلى التخزين السحابي غير المرئي، تطور عالم الموسيقى بطريقة ما من البيتلز إلى ون دايركشن، ناهيك عن التطور الذي حدث!

زر الذهاب إلى الأعلى